تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
المتحف!
يوم افتتاح «المتحف الكبير» يجب أن يكون يوم عيد، لا مجرد إجازة رسمية.
في هذا اليوم، يوم للفرحة، ولا شيء سوى الفرحة. في هذا اليوم، ينبغي عليك ألا تنشغل بأي شيء آخر سوى الاحتفاء بهذا الحدث العظيم، الذي لن يتكرر. في هذا اليوم، يجب أن يجلس كل مصري أمام شاشات التليفزيون ليتعرف بنفسه على بلده وهي «قد الدنيا»، كما وعد الرئيس منذ أكثر من عشر سنوات. نعم «قد الدنيا»، بل وأكبر من الدنيا كلها، وبؤرة اهتمام العالم. لا يضرها من خذلها، ومن شتمها، ومن عاداها، ومن حقد عليها، ومن أراد بها سوءا. في هذا اليوم، لن تجد أفضل ولا أنسب من حفل افتتاح المتحف دليلا ملموسا على أن مشاكلك وأزماتك ومعاناتك من الظروف الاقتصادية والمعيشية ليست سوى قطرة في بحر، بجانب لحظة فرح وفخر.
في حياة كل منا لحظات سيئة، ولكن، بمجرد أن تأتي لحظة الفرح، ننسى كل شيء، ولا نتذكر سوى «ساعة الحظ»، التي لا تعوض! هكذا هو يوم افتتاح المتحف في حياتنا، أو هكذا يجب أن يكون.
لا مجال للاكتئاب. أعرف بلدا شقيقا، انتابته نوبة غضب لأسابيع ضد أوضاع معيشية سيئة، ونسي كل شيء بسرعة، لمجرد أنه حقق انتصارا رياضيا عالميا! يا أخي، اشتكِ من الأسعار والبنزين والأوضاع كما تشاء، هذا من حقك.
ولكن ما ليس من حقك هو أن تكتفي بالشكوى، وعندما تسنح لك فرصة للابتهاج والاحتفال، تكتئب، وتصيب من حولك بالاكتئاب! لا نتحدث عن «فرح» أو «مولد» أو مباراة كرة قدم، ولكن نتحدث عن «قيمة مضافة» لاقتصادك. سيضاف «المتحف الكبير» إلى قائمة الأهرامات التي تفخر بها مصر، وتعيش على «حسها»، وإيراداتها، حتى يومنا هذا. الأهرامات، قناة السويس، السد العالي. سيصبح المتحف إحدى الدعائم الأساسية للاقتصاد الوطني. التوقعات تشير إلى أن المتحف سيسهم في مضاعفة عدد السائحين الزائرين لمصر سنويا. ننفق على ما سيدر علينا دخلا لمدة خمسين سنة «لقدام»، أم ننفق «بالسلف» كما قال الرئيس؟
كل دولار تم إنفاقه على مشروع بنية أساسية، أو أي «قيمة مضافة»، حصلت مصر وستحصل على مقابله عشرات الأضعاف. كل طريق أو نفق أو كوبري مصمصت شفاهك امتعاضا وكمدا على «فلوس» البلد التي «راحت في الوبا»، ها هي تثبت أن كل مليم أنفق عليها كان في محله، وأنك فقط لم تكن ترى سوى نفسك، أو كما قال السادات، تنظر إلى شجرة واحدة، ولا تنظر إلى الغابة الأوسع.
صفقة «رأس الحكمة» لم تكن أن تتم لو لم تكن الدولة أنفقت مبالغ طائلة على مشروعات البنية الأساسية والطاقة في منطقة الساحل الشمالي.
وبالمنطق نفسه، بناء المتحف، بدعم من الدول الصديقة، وعلى رأسها اليابان، لم يكن ليتم لولا أنك تنعم بالأمن والاستقرار، وبقيادة حكيمة قوية، ودولة ذات مؤسسات محترمة تتمتع بالمصداقية. لم يعد أحد يجامل أحدا في عالم اليوم. لا لغة تعلو فوق لغة المصالح. الأمر نفسه ظهر بوضوح في قمة شرم الشيخ، التي حل زعماء أكبر دول العالم فيها ضيوفا علينا. ثقتنا في وطننا وقيادته هي الفارق بيننا وبينهم. وستبقى هذه الثقة قائمة، وقوية، وصلبة، في «الحلوة والمرة». ولهذا. توقعوا أن تكون الأيام القادمة هي موسم غزوة «المتحف».
فكما كانت قمة شرم الشيخ لطمة عنيفة على وجوه كارهي هذا البلد الطيب، سيكون يوم افتتاح المتحف يوما صعبا للغاية على هؤلاء، داخل مصر وخارجها.
اعتدنا منهم ذلك. وسيتحدثون عن الحفل والتكاليف. وبعض منا للأسف اعتاد هذا «الاعتياد». فقد عودوهم أن مصر وحدها هي التي تواجه أزمات وتضخما وحوادث. عودوهم أن أي حادث أو أزمة أو مشكلة هي نهاية الكون.
عودوهم أن أي خبر طيب غير جدير بالفرحة، فلا صوت يعلو فوق صوت «العيشة الصعبة». تحقق مصر نصرا سياسيا، فتجد من يقلل من أهمية ما حققته. تحقق نصرا دبلوماسيا، فتجد من يشكك فيه!
تفوز مصر في مباراة رياضية، فتجد من يعتبر ذلك محاولة لإلهاء الناس عن أزماتهم! وإذا حقق آخرون ربع ما تحققه مصر، تجده يهلل ويطبل!. افرحوا يا مصريين بهذا اليوم العظيم.
فالمتحف لن يكون مجرد مكان لعرض الآثار. ولن يكون افتتاحه مجرد حفل مبهر.
ولكنه «إعلان انتصار»، ونجاح لمشروع دولة، وفرصة للاحتفاء بـ«دجاجة» ستبيض لنا ذهبا، وتمنحنا شعورا مستحقا بالعزة والفخر. .. «إحنا صح».
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية