تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

.. «ونعم الوكيل»

«حسبى الله ونعم الوكيل».

أربع كلمات مفعولها كالسحر.

يقولها المظلوم، والمقهور، والمغلوب، من دون أن يسمى أحدا، فيحفظه الله من كل سوء، أو يرد الله إليه مظالمه، وينصره على من آذاه، ومن بغى عليه، ولو بعد حين.

«مجربة»، على رأى فضيلة الشيخ الدكتور على جمعة. و«مجربة»، ومضمونة أيضا، عن تجربة شخصية!

مفعولها لا يخيب أبدا.

هى، بغض النظر عن أى شيء، نوع من الذكر، والدعاء.

بل هى من أفضل الذكر والدعاء.

فقد وردت فى أكثر من موضع فى القرآن، وبألفاظ مختلفة.

وهى أيضا ليست بالدعاء السيىء، ولا المكروه، وقولها فى وجه أحد ليس عيبا، ولا حراما، ولا «قلة ذوق»، كما يعتقد البعض، وأيضا، ليس معنى أنها قيلت، إنها ستحمل الأذى لأحد لا يستحق الأذى.

«حسبى الله» لها قاعدة.

إن قالها مظلوم، ارتدت إليه مظالمه، ونصره الله نصرا مبينا، وأعانه على من ظلمه، وأراه فيه آياته، الآن، أو غدا، أو بعد حين.

وإن قالها ظالم، أو غير صاحب حق، كانت مجرد ذكر، لا تلحق الضرر بمن لا يستحق الضرر. الجميل أن العلماء اتفقوا أن مفعول «حسبى الله ونعم الوكيل» «دنيا وآخرة».

فى الآخرة، الحساب عند الله، وهو يفصل بين عباده. وفى الدنيا، المفعول حتمى، ويمس الطرفين، الظالم والمظلوم، الداعى والمدعو عليه.

الشعراوى يقول فى بعض خواطره، إنه من حكمة الله فى خلقه، أن الظالم سيرى عاقبة ظلمه دنيا وآخرة، وليس فى الآخرة فقط، فلن تنتهى حياته قبل أن ينزل عليه العقاب الإلهي.

ليس هذا فحسب، بل إن المظلوم، والكلام للشيخ الشعراوى أيضا، يجب أن يرى بنفسه فى حياته رأى العين عقاب من ظلمه فى الدنيا.

نوح عليه السلام دعا ربه «أنى مغلوب فانتصر».

الفاصل بين الدعاء والاستجابة هو حرف «الفاء» فقط. الحديث الشريف تحدث عن ثلاث دعوات مستجابة: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده.

وحديث آخر يقول: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: لأنصرنك ولو بعد حين». فما بالك لو دعا المظلوم على ظالمه، وهو صائم حين يفطر؟

ما الذى يمكن أن يحدث نتيجة هذا الدعاء المزدوج؟

هل يوجد أدنى شك فى أن صاحب الدعوة سيستجاب له، طالما أنه صاحب حق؟

وهل يوجد أدنى شك فى أن دعوة المظلوم ستستجاب، ولو بعد حين؟

من منا لم يتعرض للظلم فى حياته؟

الكذب موجود، والغدر موجود، والغش والنصب والاحتيال، يواجههم المرء فى حياته بدل المرة ألف مرة. ولكن الظلم شىء آخر تماما، لا يعرف مرارته إلا من ذاقه، ولا يعرف حلاوة رد المظالم، إلا من قال «حسبى الله»، وأجابه الله.

ممكن أن تدعو على من آذاك، ومن سرقك، ومن اعتدى عليك، ومن غدر بك، ولا يستجاب لك، فحساب هؤلاء جميعا مؤجل إلى يوم آت لا ريب فيه. ولكن الدعاء على ظالم، يتخذ مسارا مختلفا تماما. فلا ظالم سينجو بظلمه، ولا مظلوم سيعيش أبد الدهر مقهورا مكسورا.

المهم أن يكون الدعاء نابعا من القلب، وأن يكون صاحب الدعاء مظلوما بالفعل، وعلى حق، وليس على باطل. أقول هذا لأننا نعيش زمنا كثرت فيه «المظلومية»، وادعاء القهر والظلم، وبات المجرم والقاتل والمنحرف يرددون «حسبنا الله» عند القبض عليهم أو القصاص منهم! ورأينا على مدى سنوات القتلة وتجار الدين يتاجرون بـ«حسبى الله» فى قاعات المحاكم، وعلى شاشات الفضائيات، ومن وراء «الكيبوردات»، ولم يستجب لأى منهم، ولن يستجاب لهم، بل إن بعضهم مات، وانتهى أجله سجينا ذليلا مفضوحا مدانا بخيانة الدين والدنيا والوطن.

وفى حالات كثيرة، يمكر الله بالظالم، فيملى له، ويمد فى أجله، ويصور له أن «ملكوته» بلا نهاية، ولا يجد المظلوم أمامه سوى الصبر، والثبات، والدعاء.

وعندما يأتى «الفرج»، يكون هذا يوم عيد!

إن كنت مظلوما، جرب «حسبى الله»، تجد المعجزات.

.. كل عام، بل كل يوم، وكل ساعة، وكل صاحب حق، بخير.

وكل عام، وكل ظالم، فى مكانه الذى يستحقه!

.. والعقبى لمن ناصر أى ظالم، ونصره، ووالاه، وسكت على أفعاله.

وسيبقى الأمل فى غد أفضل، وعالم أفضل، حلما مشروعا، لا ينتهى، ويجب ألا ينتهي.

.. «ونعم الوكيل».

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية