تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

لا أحب الحيوانات، بأنواعها، ولا من يقتنيها، ولا أطيق من يبالغ فى الاعتناء بها، وبخاصة «الضالة»، ولا أعرف حتى اللحظة مدينة فى العالم بها هذا الكم الهائل من الحيوانات الضالة فى شوارعها مثل القاهرة، ولست أقتنع على الإطلاق بما يدعيه نشطاء حقوق الحيوان «الكيوت» من أن قطط وكلاب الشارع مفيدة للتوازن البيئي، وأن إطعامها وتدليلها ورعايتها فرض على كل مواطن، وأنه لا ينبغى الاقتراب منها، أو التذمر من وجودها. ومع ذلك كله، قادتنى «ظروف ما» للاستمتاع بفيلم سينمائى عالمى عن «الكلاب»، مصنوع ببراعة فائقة، لدرجة أن «قلبى رق» على الكلب بطل الفيلم، وتمنيت لو أن «معشار» البشر الذين صادفتهم فى حياتى تحلى بهذا القدر من الوفاء الذى تحلى به الكلب، والذى تفنن صناع الفيلم فى إظهاره، بصورة جعلت كل من شاهد القصة معى يبكى تأثرا.

 

الفيلم الذى أقصده اسمه «هاتشيكو»، وهو فيلم صينى من إنتاج عام 2023، بطولة جوجانج باى وإخراج أنج تشو، وحصل على عدة جوائز، وترشح لأخرى.

ومن المفارقات أن هذا ليس هو الفيلم الوحيد الذى يحمل هذا الاسم، فهناك فيلم باسم «هاتشى .. حكاية كلب» أيضا، أنتجته هوليوود عام 2009، وقام ببطولته النجم العالمى ريتشارد جير، وكانت قصته مشابهة، وبطلها كلب أيضا، وكان الفيلم الأمريكى نفسه إعادة ذات طابع غربى لفيلم يابانى أنتج بالفكرة نفسها عام 1987. ولكن الحق يقال إن الفيلم الصينى تفوق من جميع النواحى على الفيلم الأمريكى على الأقل.

صحيح أن متابعة فيلم باللغة الإنجليزية، ومترجم إلى العربية، أسهل بكثير، بالتأكيد، من مشاهدة فيلم باللغة الصينية، وتدور أحداثه كلها فى الصين، وأبطاله صينيون، ولكن الترجمة الإنجليزية للفيلم سهلت الأمر كثيرا للاستمتاع به، والاقتناع بجودته، وبراعة صانعيه، ويكفى أن النسخة «الصينى» نجحت أكثر من «الأمريكانى» فى التأثير على مشاهد غير محب أصلا للحيوانات!

اسم «هاتشيكو» نفسه له حكاية، فهو اسم «أوفى» كلب فى العالم، وهو كلب يابانى من سلالة اسمها «أكيتا»، عرف عنه وفاؤه الشديد لصاحبه «هيديسابورو أونو»، وذلك بعد أن ظل الكلب ينتظره كل يوم فى محطة قطارات «شيبويا» باليابان، حتى بعد وفاة صاحبه بتسع سنوات.

قصة هذا الكلب اليابانى حققت شهرة كبيرة أجبرت العالم بأكمله على أن يظل يذكر تاريخ ميلاده فى 10 نوفمبر 1923، وتاريخ وفاته فى 8 مارس 1935، حتى يومنا هذا، ليصبح وفاؤه نموذجا يستحق التقدير والتخليد فى أكثر من عمل روائى وسينمائى كما سبق الذكر، إلا أن الفيلم الصينى تم إنتاجه العام الحالى بالذات، وحمل الاسم نفسه «هاتشيكو»، بهدف الاحتفال بمرور مائة عام على وفاته!.

الفيلم الصينى تدور أحداثه حول الكلب «باتونج» الذى يعثر عليه مستر «تشين»، أستاذ جامعى على المعاش، داخل مزرعة، ويحنو عليه، ويصطحبه إلى منزله الريفى البسيط الذى تعيش فيه أسرة «تشين»، ليصبح رفيقا له فى حياة فراغ ما بعد المعاش، وأنيسا له فى ظل انشغال زوجته وأبنائه عنه، ولكنه يجد نفسه مضطرا لتحدى زوجته بهذا الضيف الجديد، نظرا لأن الزوجة كانت تعانى «عقدة» قديمة من الكلاب، بسبب عضة كلب تعرضت لها فى شبابها، ولذلك، رفضته فى البداية، وحاولت عرضه للبيع أو «تطفيشه»، ولم تنجح، فقد كان الزوج يرفض بيعه لمخلوق، ووصل الأمر إلى درجة أنه انفجر فى زوجته وأبنائه دفاعا عن «باتونج»، فى خناقة عنوانها «يا أنا يا الكلب» فى المنزل. وبعد أن أصبح الكلب حقيقة واقعة فى البيت، وتقدم فى السن، وبدأ أفراد الأسرة فى التعود على وجوده، يحدث ما لا فى الحسبان، فيتوفى الزوج، وهنا يدخل الفيلم منعطفا شديد الرومانسية، بسلسلة من المواقف التى يقوم بها الكلب بحثا عن صاحبه فى كل مكان كانا يذهبان إليه، دون أن يعرف أن صاحبه مات، ويظل «باتونج» حريصا على زيارة كل نقاط علاقته بصاحبه، إلى أن يفاجأ الجميع بأن «هاتشيكو» الحزين نفسه اختار أن يموت فى غرفة مكتب صاحبه القديمة، فى مشهد سينمائى شديد الرقة والأسى، ولا يمكن وصفه بالكلمات.

الغريب أن «هاتشيكو» له تمثال حتى الآن فى متحف العلوم الطبيعية بطوكيو، كما يوجد نصب تذكارى باسمه بجوار قبر صاحبه قرب طوكيو أيضا! .. ألف حسرة على حياة مضت دون أن نصادق صديقا «إنسيا» ماركة هاتشيكو.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية