تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«سوشيال ميديا» وطنية
أجمل شيء يمكن أن يحدث لك فى حياتك أن تجد نفسك معزولا لفترة طويلة اضطرارية عن فيسبوك وتويتر واليوتيوب و«الذى منه». سعادة ما بعدها سعادة، وألذ وضع اضطرارى يمكن أن يمر به أى إنسان فى هذا العالم المخيف!
الأمر أشبه بأن تكون لديك رغبة حقيقية فى التوقف عن التدخين، ولا تستطيع، فتجد نفسك مضطرا للتوقف وقت صيام رمضان!. بمجرد أن تطأ قدماك أرض مطار بكين الدولي، أو فى مطار «داتشينج» الأسطورى فى بكين، تجد «موبايلك» الذكى وقد تحول إلى «لا شيء»، فلا فيسبوك ولا تويتر ولا يوتيوب ولا انستجرام.
الدخول للنت متاح، ولكن لزيارة المواقع العادية، أما جميع مواقع التواصل الاجتماعى فهى خارج الخدمة، أو تستخدم بضوابط معينة، والصينيون لا يستخدمونها أصلا، ولا يثقون فيها، ولديهم بدائل أفضل منها بكثير، وأكثر أمانا و«احتراما»، والحل الوحيد الذى يجعلك قادرا على الدخول إلى النت ومواقع التواصل التى نعرفها هو أن تكون قد أعددت نفسك وجهازك المحمول لذلك، بحيلة إلكترونية، مثل الهوية الافتراضية «فى بى إن» التى تمكنك من الدخول على ما تريده عن طريق إخفاء العنوان الخاص بك. ولكنك فى الصين بصراحة، لست فى حاجة إلى كل هذا اللف والدوران، فالأسهل، هو أن تكون قد أعددت نفسك وجهازك مسبقا على استخدام التطبيقات ومواقع التواصل الصينية، طوال فترة زيارتك أو إقامتك هناك.
فى الصين، ستكتشف، بل وستتأكد، أن السوشيال ميديا هذه إدمان حقيقي، بل وأسوأ أنواع الإدمان، فحالة السخط والغضب والاكتئاب واللاوعى الدائمة والبطولات الزائفة التى يفرزها استخدام فيسبوك وتويتر، وتحولهما إلى ساحات حرب حقيقية، ومرتع للكذب و»الجنان» الرسمى الذى يسمونه تأدبا «صناعة المحتوى» أو «صحافة المواطن»، أصبحت لا تطاق، وآثارها مدمرة، ولن تشعر بخطورتها إلا إذا ساقتك الظروف للعيش بعيدا عنها، وتذوق حلاوة الدنيا بدونها، أو على الأقل ببدائل أكثر أمانا. فى الصين، توصلوا منذ عقود إلى نتيجة حاسمة، وهى أن جميع مواقع التواصل الغربية ما هى إلا أدوات للتجسس واختراق الدول والمجتمعات والقيم والأخلاق، ومكمن خطورتها أيضا أن «مفاتيحها» فى أيدى آخرين.
تويتر يرفض حذف تغريدة مسيئة لدين أو دولة أو شخص رغم البلاغات، بحجة أن هذا «لا يخالف معايير تويتر»، ومع ذلك يحظر حساب ترامب لأنه غرد خارج السرب! فيسبوك لا يمانع أن تمتلئ أرضيته بصفحات مزيفة، وحسابات وهمية، وأخبار كاذبة، وسب وقذف وتشهير وإساءة، بحجة أنه «منصة» للحريات، ومع ذلك، تجده يفرض عليك بعض أشكال المحتوى بطريقة سخيفة!. يوتيوب راض و»مبسوط» بأنه ساحة لنشر فيديوهات وكليبات تم إنتاجها فى استوديوهات «أوضة وصالة» وتحت «بير السلم» تمولها جهات مشبوهة وبها جهد خارق فى التصوير والتعليق والمونتاج، والموسيقى التصويرية، وكل أنواع المؤثرات، لتستهدف دولا وشخصيات بعينها، ومع ذلك، تمنع بث أشياء أخرى بحجة أنها تنتهك الملكية الفكرية، «يا سلام»!. فى الصين، لست فى حاجة إلى «فيسبوك» و«واتساب»، فلديك منصة «وى تشات»، التى تعد أكبر منصة وسائط اجتماعية صينية، وتستخدم على نطاق واسع يتخطى حدود الدردشة، من احتياجات العمل، إلى طلبات التسوق، والدفع الإلكتروني، وعدد مستخدميه يتخطى المليار نسمة، وإيلون ماسك نفسه قال إنه يحلم بأن يصبح تويتر مثل «وى تشات».
فى الصين، لست فى حاجة إلى «تويتر» خراب البيوت والدول، ولا إلى «هاشتاجاته» الفاشلة، فلديك «ويبو»، أو «سينا ويبو»، الذى يعمل منذ 2009، ويستخدمه نصف المليار شخص، ويعد من مصادر الأخبار السريعة والموثوقة.ولست أيضا فى حاجة إلى «يوتيوب»، فأمامك «يوكو»، ومنصات أخرى ذات شعبية هائلة. ولست فى حاجة إلى «جوجل»، ولا إلى «جى ميل»، فلديك «بايدو»، وفيه كل ما تحتاجه من محركات بحث ومنصات بريد إلكتروني، بالصينية، والإنجليزية .. وهكذا. فالصين مكتفية ذاتيا من مواقع التواصل الاجتماعي، وعدد مستخدمى المواقع الصينية شديدة التأمين يفوق أى موقع آخر، وبذلك، إعلامهم فى أيديهم، والمجتمع «محمي»، والصينيون أنفسهم لا يشعرون بافتقاد أى شيء مهم، لا فيسبوك ولا غيره، فالإنترنت والتواصل بالنسبة لهم يستخدمان لتسيير أمور حياتهم، لا للتفاهات والتنظير، ولذلك، لم ينجح أحد فى اختراقهم والتأثير عليهم فى مواقف كثيرة، بدليل أنه فى الفيضانات الأخيرة مثلا، استخدم الصينيون وسائل التواصل باقتدار فى إغاثة وإنقاذ المتضررين، ولم تكن ساحة للطم والولولة.ولذلك، هى الصين.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية