تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > هاني عسل > «سلامة الغذاء» .. و«التهريج» الممنوع

«سلامة الغذاء» .. و«التهريج» الممنوع

«الصادرات غير البترولية» هي قيمتنا الحقيقية. يولي الاقتصاديون اهتماما خاصا بهذا المصطلح، أكثر من اهتمامهم بإجمالي «الصادرات» نفسها. فـ«الصادرات غير البترولية» هي حصيلة وخلاصة جهد أي شعب وأي دولة، وأحد معايير تقدمها الحقيقي. هي إنتاجها و«عرقها» الحقيقي الذي يتم تصديره من السلع والمنتجات، بخلاف البترول والغاز والمنتجات البترولية. وتشمل الصادرات «غير البترولية» مجموعة واسعة من السلع والمنتجات، فهناك الصناعات الثقيلة، والأجهزة والإلكترونيات، والملابس، ومواد البناء، وغيرها، ولكن أهمها على الإطلاق هي: «الصناعات الغذائية»، سواء الحاصلات الزراعية الطازجة، من خضر وفواكه، أو المواد الغذائية المعبأة والمحفوظة والمجمدة.

 

وإذا نظرنا إلى مصر كمثال، فسنجد أن أحد أهدافنا الوصول إلى رقم «مائة مليار دولار صادرات»، وهو هدف ليس ببعيد على الإطلاق، لأن الصادرات غير البترولية في ارتفاع بالفعل، ففي الفترة من يناير إلى أكتوبر الماضيين فقط، ارتفعت بنسبة 19%، لتصل إلى 40.6 مليار دولار، بعد أن كانت 34.1 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، وقد ينتهي العام الحالي، وقيمتها في حدود الخمسين مليار دولار. وهو رقم جيد، ولكن يمكن مضاعفته. وحاليا، تأتي على رأس صادرات مصر غير البترولية، «مواد البناء» كالحديد والألومنيوم، فقد بلغت قيمتها 12.8 مليار دولار منذ بداية العام الحالي، وتلتها المنتجات الكيماوية في المركز الثاني. أما الصادرات الغذائية، فهي رأس الحربة في الصادرات غير البترولية، وتأتي في المركز الثالث، وبلغت قيمتها في الفترة نفسها 5.1 مليار دولار، وهو رقم لا بأس به، إذا علمنا أن العام الحالي شهد زيادة قيمة صادراتنا الغذائية بنسبة 9.4% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

والملاحظ هنا أن أبرز الأسواق المستوردة للمنتجات المصرية الغذائية: الإمارات وتركيا والسعودية وليبيا وإيطاليا وهولندا والولايات المتحدة، وغيرها، وهي دول تشتهر بالدقة المتناهية في معايير وارداتها من المواد الغذائية بالذات، ولا تكاد تسمح بدخول «نملة» إلى أرفف متاجرها دون فحص دقيق واجتياز اختبارات وفحوصات عديدة، وبعد مراعاة مواصفات قياسية صعبة للغاية. طيب، ما هي أبرز صادرات مصر الزراعية؟ هل لنا أن نتخيل أن «البطاطا» تأتي على رأس هذه الحاصلات الزراعية التي تحظى بشعبية هائلة في الخارج؟ أما «الموالح»، فتأتي في المركز الثاني. خلال العام الحالي وحده، صدرنا عشرة آلاف طن بطاطا، ومثلها من الموالح. وهناك صادرات زراعية مصرية «مجننة» العالم، على رأسها البطاطس والبصل والفاصوليا، وهناك الفراولة المصرية، التي تصل إلى اليابان، وما أدراك ما اليابان، وهناك الرمان أيضا، أما عن سمعة وجمال المانجو المصرية، فحدث ولا حرج! وهناك صادرات غذائية أخرى مهمة مثل منتجات الألبان والفواكه المجمدة والزيوت العطرية. الأرقام مرشحة للزيادة، العام الحالي، والمقبل، والأعوام المقبلة، خاصة مع استمرار توعية الشركات والمصدرين بالمعايير الواجب الالتزام بها في الصادرات، وفقا للشروط الموضوعة من الدول الأخرى، وأيضا مع الاهتمام بحل مشكلات المصنعين والمصدرين، بداية من توفير النقد الأجنبي، ونهاية بتوفير الأسمدة والأعلاف اللازمة للزراعة، وبنود أخرى كثيرة تتعلق بالضرائب والجمارك. والأهم من ذلك، فن صناعة «السمعة» الطيبة للمنتجات المصرية، ودور السفارات والمكاتب التجارية في الخارج في فتح أسواق الدول المختلفة أمام صادرات مصر.

إن ملف الصادرات غير البترولية، يشهد عملا رائعا منذ سنوات، والنتائج واضحة بالأرقام، والمؤشرات للأعوام المقبلة أيضا تدعو إلى التفاؤل، ولكن عملية «بناء السمعة» تحتاج إلى جهد وصبر، وعمل جماعي، وتحتاج أيضا إلى ضبط وربط، على أعلى المستويات، بداية من مساندة المزارعين والمصنعين والمصدرين، ونهاية بالتصدي بكل قوة لأي محاولة لتلطيخ هذه «السمعة»، التي تستغرق عقودا طويلة لبنائها.

من إذن من مصلحته تشويه هذه السمعة؟ ولماذا الآن؟ إن أي محاولة لتقويض هذا الجهد، «حرام». وما فعله أولئك الشبان، الذين عبثوا في هذا الملف بصورة مريبة، قالوا ما يعشق المصريون سماعه، من دغدغة مشاعر، وإثارة، وتخويف، وركبوا «التريند»، بدعوى الرغبة في الإصلاح، أو التنبيه لأخطاء أو فساد، لأن هناك جهات علمية مسئولة ومتخصصة، وبالتأكيد أكثر مصداقية، تقوم بجهد حقيقي في هذا الاتجاه، وهي وحدها التي من حقها أن تصدر أي أحكام على سلامة الغذاء تحديدا، وأهمها هيئة سلامة الغذاء التي هوجمت بشدة قبل أشهر عندما كشفت فضيحة تلوث غذائي شهيرة!

وهناك أمور، لا يجوز فيها «التهريج» أو «التشويه» أو «التجريس»، أو «قالوا» و«بيقولوا»، ولا يبررها ركوب «تريند»، ولا حماس شباب، ولا حتى «حسن نية». لأن الخسائر ستكون فادحة، وتطولنا جميعا، وأخطرها ضرب المنتج المصري، والإضرار بالصادرات. وواضح أن هذا هو المطلوب من «الشوشرة» التي حدثت!.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية