تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«رِجْل على رِجْل»
يا مصريين «خلاص»! الموضوع بسيط، ولا يحتاج كل هذا «الخناق»! السيدة التي وضعت ساقا على ساق في المترو على حق، لأنها حرة، وأي إنسان حر ما لم يضر. والرجل العجوز «صح»، لأنه تربي على أنه من العيب أن يضع أحدهم «رجلا على رجل» أمام من هو أكبر منه. المرأة ليست سيئة الخلق لأنها فعلت ذلك، والعجوز لم يكن فظا أو متطاولا عندما طلب منها أن تعدل جلستها. سوء تفاهم بسيط، وسوء تقدير، واختلاف ثقافات وأجيال وبيئات وطبقات اجتماعية!
لم يكن الأمر يستحق أن تشعل واقعة كهذه سجالات عنيفة بين نشطاء حقوق الإنسان والمرأة والحريات، والمدافعين عن المهمشين والبسطاء. «رجل على رجل»، وضع جلوس مثير للجدل عالميا، وله تفسيرات كثيرة، ومدلولات رمزية معقدة! والأمر يرتبط باعتبارات كثيرة. الدين، العُرف، الإتيكيت، ولغة الجسد التي تعني شيئا عند البعض، وشيئا معاكسا عند آخرين!.
ولأن الأصل في الأشياء الإباحة، فإنه يجب القول إن وضع «الرجل على الرجل» Leg over Leg ليس عيبا، ولا حراما، خاصة إذا كان في مكان خاص أو مع الأصدقاء، طالما لا يظهر عورة، ولا يؤذي أحدا، لكنه قد يعتبر «قلة أدب»، أو تكبرا، في المواقف الرسمية، أو أمام كبار السن، كالأب أو الشيخ أو المعلم أو العالم، وقد يكون «غلاسة» لا مبرر لها في وسيلة مواصلات مزدحمة.
.. صحيا، الجلوس بهذه الطريقة لفترات طويلة قد يسبب بعض الأضرار الصحية، لذا يُنصح بتغيير الوضعية بشكل دوري. ودينيا، اتضح أن للأمر سندا دينيا يعتد به، فقد ورد في «البخاري» و«مسلم» عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى. أي أن الأمر مباح، وإنما المنهي عنه هو أن يؤدي ذلك إلى كشف العورة. وتاريخيا، من الصعب تحديد أول إنسان وضع «رجلا على رجل». ولكن هذه الجلسة ارتبطت عبر التاريخ بالنفوذ، والأناقة، والسلطة. ومن أبرز الشخصيات التي اعتادت على وضع «رجل على رجل» الأميرة الراحلة ديانا، وأفراد العائلة المالكة البريطانية بشكل عام، ولكن يطلق عليها «الميلة الملكية»، أو The Duchess Slant، وتعتبر من الاتيكيت الملكي، لأنها جلسة مهذبة لا يتم فيها وضع «رجل على رجل» بالكامل، بل تتم إمالة الساقين معاً لجانب واحد. وهناك أيضا جون كيندي ووينستون تشرشل اللذان لم يشتهرا فقط بوضع «رجل على رجل»، ولكنهما كانا يجلسان بوضعية رقم 4، بحيث يوضع الكاحل تقريبا على ركبة الرجل الأخرى، وهي جلسة تعطي انطباعا بالسيطرة والثقة العالية.
وفي اللوحات الفنية القديمة، كان غالبا ما يتم رسم الملوك والسلاطين، وهم يضعون رجلا على رجل، كدلالة على الرفاهية، ولكن لم نشاهد هذه الجلسة نهائيا في لوحات وتماثيل الملوك المصريين القدماء الذين كانوا يفضلون الجلسة العسكرية، بوضع اليدين على الفخذين. وفي العصر الحديث، كان السادات أشهر من اعتادوا الجلوس «رجلا على رجل» في مصر، ولكنه في مفاوضات كامب ديفيد، كان يتعمد الجلوس بوضعية 4، لمعادلة كارتر الذي كان يجلس دائما بهذه الطريقة! وكان عبد الوهاب من أشهر من جلسوا واضعين ساقا على ساق، وكانت جلسته تعبر عن ثقة وتأمل وهدوء وأناقة وذوق رفيع.
وثقافيا، تختلف دلالات وضع «رجل على رجل» من دولة لأخرى، ففي أمريكا مثلا، يمكن مد القدمين على المكتب، كما فعل أوباما وكلينتون في أكثر من مرة! وفي أوروبا، تعتبر «الرجل على رجل» عادية جدا، وتدل على الاسترخاء أو الثقة، ولا تحمل أي دلالات سلبية، إلا إذا كانت مصحوبة بعبوس أو انغلاق جسدي. ولكن، في دول أخرى تُعتبر الـ«رجل على رجل» عدم لياقة. ففي دولنا العربية، التي تفضل «التربيعة» Cross-legged، يعتبر الجلوس رجلا على رجل «عيبا» في مجالس كبار السن أو الرؤساء، وتصبح «إهانة صريحة» إذا كان نعل الحذاء موجها نحو وجه شخص آخر. وفي معظم دول جنوب شرق آسيا، تعتبر القدم «أدنى» وأقذر جزء في الجسم، لذا، فإن رفعها ووضعها فوق الأخرى وتوجيه باطن القدم لشخص ما يعتبر إهانة كبيرة. وفي اليابان، يفضل في الاجتماعات الرسمية الجلوس باستقامة، بوضع القدمين على الأرض، أو بوضعية «سيزا» Seiza، أي بثني الركبتين، كوضعية جلوس التشهد عندنا، بينما قد يفسرون وضع «رجل على رجل» كعلامة على عدم الاحترام.
.. أخيرا، فلنضع جميعا رجلا على رجل، ولنحمد الله على أن هذه هي «خناقاتنا» كمصريين على السوشيال ميديا ونحن نودع عام 2025!.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية