تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«بيبو» .. العرض ينتهى
باستثناء «مو صلاح»، لم يلمس الكرة فى مصر من هو أفضل ولا أبرع من الخطيب.
.. «بيبو»، كما يناديه الجمهور لاعبا ومديرا ورئيس ناد، كان اللاعب الوحيد تقريبا الذى يمكنك أن تشد الرحال إلى الاستاد لمشاهدته، حتى وإن كان «برجل واحدة»! رأيت بعينى موظفين ومدرسين وصنايعية يتركون أعمالهم مبكرا، ويغلقون دكاكينهم، يوم مباراة الأهلي، أو مباراة المنتخب، فقط إذا علموا أن الخطيب سيلعب. فى ظروف أفضل، كان من الممكن أن يكون الخطيب أحد أفضل لاعبى العالم. كان موهوبا، ممتعا، خطيرا، شديد الدهاء والمكر، تجتمع فيه كل مهارات كرة القدم، من المراوغة، والتسديد بكلتى القدمين بكفاءة واحدة، وإجادة ضربات الرأس، فضلا عن تمتعه بالطول الفارع، والبنية القوية. كما كانت له لحظات إبداع وحركات «عبقرية»، لا يقدر عليها غيره، وتنتهى بأهداف عالمية، مثل مراوغته فى هدف مصر وتونس الشهير، ومثل «كرباج» هدف المحلة، ومثل كعب مباراة دراجونز بنين، ومثل هدفيه الصاروخيين فى «المرسي» و«كوتوكو».
بدأ الخطيب مشواره الكروى «أنانيا» فى بداية السبعينيات من القرن الماضي، ولكنه طور نفسه بسرعة. اشتهر بقدرته الفائقة على التحكم فى الكرة، والتى اكتسبها، من اعتياده اللعب صغيرا فى حى الحلمية بالكرة الشراب على أرض مليئة بالحفر. قاد جيلين متتاليين فى فريق الأهلي، فى السبعينيات مع مصطفى عبده وزيزو وطاهر الشيخ وصفوت، وفى الثمانينيات مع طاهر أبو زيد ومجدى عبد الغنى وعلاء ميهوب، وحمل أول كأس إفريقية مع «الأحمر» بعد مباراتين تاريخيتين أمام كوتوكو، وفاز بأمم إفريقيا مع المنتخب عام 1986. ومع ذلك، خسر «بيبو» الكثير، لأنه لم يحترف فى أوروبا، ولم يتأهل لأى مونديال، وأيضا لأنه لم يحترم جسده، فلعب مصابا بالمسكنات وحقن الكورتيزون، مما أضر بحالته الصحية على المدى البعيد، وها هو يدفع الثمن الآن. ومن المواقف الغريبة فى حياته، أنه عقب اعتزاله بسنوات، واتجاهه للإدارة، تلقى عرض احتراف حقيقيا من نيوشاتل السويسري، وهو فوق الأربعين، لمجرد أن رئيس النادى السويسري، وهو رجل أعمال شهير، شاهد فيديوهات أهدافه القديمة، فانبهر به، وأراد أن يبهر به سويسرا!. أيامها، فكر الخطيب فى الأمر، ونزل إلى ملعب التتش ليتمرن، وحاصرته عدسات الصحافة والإعلام، وبعد أيام، اتخذ قراره، بصرف النظر عن الفكرة!. من يعرف الخطيب جيدا، يدرك أنه يعشق الأضواء، ولا يستطيع الابتعاد عنها كثيرا. ولكن «كاريزما» الخطيب، كانت ولا تزال حقيقة.
فى زمن لم يكن فيه نت ويوتيوب وسوشيال ميديا، شاهدت بعينى الخطيب وهو يسير وحيدا على قدميه فى شوارع باريس، قرب نهر السين، وفى ساحة التروكاديرو، ليوقفه مصريون وجزائريون ومغاربة وأفارقة لكى يصافحونه ويلتقطون معه الصور التذكارية!
وقتها كان قد مرت سنوات على اعتزاله! والآن، لا يهتف جمهور الأهلى لأى لاعب مثلما يهتف لـ«بيبو».
الهتاف الهادر نفسه، «بيبو .. بيبو»، الذى تمنحه تموجات حرفى «الياء» و«الواو» قدرة رهيبة على هز المدرجات. لم يمتلىء استاد القاهرة بمائة ألف مشاهد مثلما حدث فى مباراة اعتزاله، التى بكى فيها وأبكانا جميعا. ولكن الآن، وبعد رحلة نجاح باهرة كرئيس للأهلي، فعل فيها النادى «الأحمر» كل شيء، ووسع خلالها الفارق بينه وبين أى ناد آخر محليا وإفريقيا، وتحول إلى ناد «عالمي» يدار بعقلية احترافية، وقيمة لاعبيه التسويقية لملايين الدولارات، جاء مشهد النهاية منذ شهور عندما قال الخطيب فى احتفال عام إنه يريد أن «يستريح». وقبل أيام، أعلنها صراحة لمجلس إدارة النادي، وقال إنه «لا يستطيع استكمال دورته الحالية»، و»لن يخوض الانتخابات القادمة»، مبررا ذلك بأن حالته الصحية لم تعد تحتمل.
ومن المفارقات، أن يتزامن مشهد النهاية الحزين لمسيرة «بيبو» مع انهيار غير مبرر لنتائج الفريق. فعلى الرغم من تعاقد الأهلى مع «فريق أحلام»، فإنه خيب آمال جماهيره أكثر من مرة، فأهدر بطولة إفريقيا، وظهر كفريق درجة ثالثة فى مونديال الأندية، والآن تراجع للمركز 15 بالدوري! وأكثر ما يحزن جماهير الأهلى أنه لا يعرف ماذا يخبئه المستقبل. فلا يوجد خليفة واضح لـ«بيبو» فى رئاسة النادي. ومن نجحوا مع «بيبو» فى المجلس، قد لا يستطيعون النجاح بدونه. وفريق الكرة المتخم بالنجوم حالته «كرب»، ولا يوجد فيه نصف بيبو ولا ربع بيبو.
وحتى النادى نفسه، يعاني، رغم نهضته الإنشائية، وتعدد فروعه، فالتدهور فى الخدمات والمستوى ليس خافيا على أحد. وهذا هو حال الدنيا!.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية