تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«بطون المسلمين»!
ما زلنا نأكل كثيرا .. ونهدر كثيرا.
خذ عندك هذه الأرقام، وصدق أو لا تصدق!
متوسط الهدر الغذائى للفرد الواحد فى مصر يبلغ 91 كيلوجراما من الطعام سنويا، يعنى «ربع كيلو» يوميا تقريبا!
الغذاء المهدر فى المناسبات الخاصة والأعياد والمهرجانات والاحتفالات أكثر من الأيام العادية، إذ يتم التخلص خلالها من 60% على الأقل من الأغذية الصالحة للأكل!
نحو 50٪ من الخضار والفواكه، و40٪ من الأسماك، و30٪ من الحليب والقمح، يتم هدرها كل عام فى مصر!
فى عام 2022 وحده، تم تجميع ما يقرب من 87٫8 طن أغذية من المطاعم والشركات تكفى لإطعام نحو 220 ألف شخص، و2٫5 طن من الفنادق كانت تكفى لإطعام 6485 شخصا.
هذه الإحصائيات ليست من وحى الخيال، ولا من «هبد السوشيال ميديا»، أو صفحات «بير السلم»، بل وردت فى تقرير نشرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو» قبل أيام، فى إطار حملة بالتعاون مع بنك الطعام المصرى، هدفها زيادة الوعى العام بأهمية تقليل هدر الطعام فى رمضان، وهى حملة يتم تنظيمها للعام الثانى على التوالى، بالتنسيق مع وحدة متابعة الفاقد والهدر فى المنتجات الزراعية فى معهد بحوث الاقتصاد الزراعى التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى.
ممثل «الفاو» فى مصر اعتبر أن هدر الغذاء بهذه الصورة يعد من أكبر التحديات التى تواجه تحقيق الأمن الغذائى فى مصر، وتستلزم بذل جهود كبيرة لتوعية المستهلكين، من أجل ضرورة تغيير العادات الشرائية والاستهلاكية، خاصة خلال رمضان، فليس معقولا أنه فى الوقت الذى تزداد فيه احتياجات الغذاء فى مصر، تزداد معدلات الفقد والهدر الغذائى، خاصة فى ظل الأزمات العالمية المتتالية، من كورونا، إلى أوكرانيا، إلى سلاسل الإمداد وموجات التضخم.
وبالمناسبة، أرقام «الهدر» العالمية أيضا مرعبة. فإحصائيات عام 2019 تشير إلى أنه تم إلقاء نحو 931 مليون طن غذاء، أو 17٪ من المواد الغذائية المتاحة للمستهلكين، فى صناديق نفايات المنازل والمطاعم وتجار التجزئة فى مختلف دول العالم، و10% من هذا الفاقد تم التخلص منه بواسطة الأسر أو المنازل، و5% منه أهدره مقدمو الخدمات الغذائية كالشركات والمصانع، و2% أهدرته منافذ البيع بالتجزئة، أى المحلات والمتاجر والبقالة، كما أن 14% من الغذاء الذى يتم إنتاجه عالميا يتم إهداره وفقده خلال مرحلة الإنتاج بعد الحصاد.
ولأن الأمور متشابكة، فقد أصبح هدر الطعام كذلك من مسببات تفاقم أزمة المناخ، بسبب ما يسمى «الاشتعال الذاتى» لنفايات الطعام داخل مقالب القمامة، وما ينتج عن ذلك من توليد غاز الميثان، المسبب لزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.
شخصيا، وبالنسبة للحالة المصرية بالذات، كنت أتمنى أن تتضمن هذه الإحصائيات أرقاما ونسبا تفصيلية توضح لنا أكثر الفئات المجتمعية المسئولة عن إهدار الكمية الأكبر من الطعام.
أحمد فؤاد نجم كان يلقى دائما بكرة اللهب فى حجر الأغنياء والقادرين، بطريقة «هما مين واحنا مين»، ولكن الواقع يشير إلى أن المسئولية مشتركة بين أولئك وهؤلاء، بين القادرين، و«الغلابة»، بل أعتقد بأن الهدر أكبر فى الفئة الثانية، لأنها الأقل وعيا، والأكثر حصولا على احتياجاتها الغذائية «مدعومة» من الدولة، أى بأقل من قيمتها الحقيقية، وعلى رأسها «رغيف العيش» الذى يتم صرفه بكميات كبيرة لحاملى بطاقات التموين، ولا أحد يعرف ما إذا كانت هذه الكميات «تؤكل» كلها، أم ماذا.
فالهدر هنا «قيمة مضافة» بالسلب!
وفى جميع الأحوال، نحن أمام أمر واقع يستلزم منا تغيير نمط المعيشة وسلوكياتنا الغذائية، فى رمضان وغير رمضان، بدلا من الندب واللطم على ارتفاع الأسعار، فلسنا أقل من أجيال سابقة أكلت «أرديحى»، ولم تعرف «البرجر» و«البانيه»، ولسنا أقل من شعوب أكلت أوراق الشجر لسنوات «بجد» لكى تنهض أوطانها، وتصبح فى مصاف الدول المتقدمة، ولسنا أقل ممن استشهدوا أو فقدوا أطرافهم لكى يحيا هذا الوطن آمنا، وأيضا لسنا سذجا حتى نقتنع بأن ملء «بطون المسلمين» هو معيار تقدم الأوطان، وحلم الأجيال، وعار على بعضنا أن يردد عمدا أو معذورا «كليشيهات» خبيثة كهذه صاغتها لجان وكتائب وأجهزة منظمة، لتكون «كارت إرهاب» دائم ضد أى خطوة نخطوها للأمام، ولا أدرى لماذا تتردد صرخات «بطون المسلمين» هذه فى وجه مصر فقط، دون غيرها؟!
يا جماعة، قولوا «الحمد لله»، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا، فى رمضان، وغير رمضان، و«قاطعوا» ما لا يلزم، ودعوا الدولة تعمل لـ«بكرة»، لا لملء البطون فقط، فأرقام الهدر تفضحنا!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية