تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«الهم الكبير»!
فى حياة كل منا «الهم الكبير»!
«لعنة» كفيلة بأن تحيل حياتك وحياتنا جميعا إلى جحيم.
و«نقمة» تدفعك لاتخاذ قرارات خاطئة.
ونقطة سوداء لا يأتى من ورائها سوى «العكننة».
لكن، ما هو هذا «الهم الكبير»؟
فى أوائل السبعينيات، أيام التليفزيون الأبيض والأسود، كان المصريون يلتفون كل مساء حول الشاشات لمتابعة مسلسل اجتماعى شهير اسمه «عادات وتقاليد».
كان المسلسل وقت عرضه يعد أكبر حدث تقريبا فى مصر.
فقد كان يجتذب جميع أفراد الأسرة، من الكبار والصغار، الشباب والمراهقين.
كانت قصة المسلسل تدور فى قالب كوميدى اجتماعى بسيط للغاية عن شخصية «الست حفيظة» التى كانت تؤدى شخصيتها الفنانة الراحلة عقيلة راتب. وكان المسلسل يعرض تقريبا وقت تصويره، أى أن أغلب حلقاته كانت شبه «لايف»، يؤديها الممثلون وكأنهم على خشبة المسرح، ببساطة شديدة، وتلقائية أشد، وكان معظم فنانى مصر وقتها أبطالا فيه. فى هذا المسلسل، الذى كان يدور حول عادات وتقاليد وقضايا الأسرة المصرية، من خلال «الست حفيظة» وزوجها «حسان»، وحكايات الأبناء والأحفاد والأقارب، والجيران أيضا، كانت هناك شخصية الست «ناعسة»، الجارة «الحيزبون» التى كانت تشتهر بنقل وتدوير الكلام والقصص والحواديت من بيت لآخر، والوقيعة بين هذا وذاك، وهذه وتلك، لدرجة أن زوجها «الشيخ سنطاوي» كان يطلق عليها لقب «الهم الكبير»!
وكانت تقوم بدور «الهم الكبير» الفنانة هدى زكي، وكان يقوم بدور زوجها سنطاوى عبد الحفيظ التطاوي، وكانا ثنائيا رائعا، وكان المشاهدون يترقبون المشاهد التى تجمع بينهما، خاصة تلك التى يوبخ فيها سنطاوى زوجته أو «الهم الكبير» على أفعالها الدنيئة مع الست حفيظة وباقى الجيران، وتختتم الحلقة بقولها «توبة والنبى توبة»، ثم تعود ريما لعادتها القديمة سريعا!
والآن. تحوم «الهم الكبير» من حولنا، وتنتشر وتتوغل، فى كل مكان، وتجدها على كل شكل ولون.
فى الشارع، والعمارة، والكومباوند، والمدرسة، والجامعة، وفى مكان العمل.
ولا يشترط أن تكون «الهم الكبير» امرأة، فهناك محسوبون على معشر الرجال أيضا، يؤدون دور «الهم الكبير» فى حياتنا أفضل وأبرع من «الست ناعسة» بمراحل.
الكذب، والوقيعة، والوشاية، والفتنة، وتدوير الكلام، ونقل الأخبار المعلومات من هنا وهناك.
والهدف إشعال الحرائق والصراعات والحروب!
وبالتالي، مزيد من التسلية والاستمتاع!
والغريب أن هناك من احترفوا دور «الهم الكبير» على مستوى أكبر وأصعب من المستوى العائلى أو الاجتماعي.
فبات منهم من جمع ببراعة شديدة بين مواهب «الهم الكبير»، و«المعددة»، أى المرأة التى تتبرع بالبكاء واللطم والعويل فى المناسبات الحزينة لـ«تسخين» المناسبة، وعمل «جو» حزين، من أجل المال! «الإخوان»، ومن هم على شاكلتهم، يؤدون مهمة «الهم الكبير»، ببراعة واقتدار. وفى أيامنا هذه، حيث الحروب والصراعات والاضطرابات الإقليمية، وحيث الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، تزداد أدوارهم أهمية وتأثيرا، بصورة تخطت بكثير ما ورد فى كتب حروب «الجيل الخامس».
وضحاياهم كثر.
تخيلوا أن هناك من بيننا، من هو مقتنع، بل ومتأكد بنسبة 100%، أن مصر هى أسوأ بلد فى العالم، وأنها باعت القضية الفلسطينية، وأنها وراء مصيبة غزة، وأنها باعت أرضها، وأنها غارقة فى الديون، وأنها ستنهار قريبا، وأن من استقبلوا الرئيس وماكرون فى خان الخليلى لم يكونوا سوى عساكر أمن مركزي.
وكله بسبب «الهم الكبير».
ليس هذا فحسب. هذه الأيام، يستطيع أى «عيل صغير» يستخدم السوشيال ميديا أن يفطن بسهولة بالغة إلى أن هناك محاولات وقيعة مصطنعة، وإثارة فتن متعمدة، بين المصريين وباقى شعوب الأرض، وبخاصة «الأشقاء»، عبر حسابات وهمية تزعم بأنها لمصريين، وحسابات وهمية أخرى تزعم أنها لسعوديين أو إماراتيين أو سودانيين أو فلسطينيين أو مغاربة، و«هاتك يا شتائم وإهانات متبادلة»!
وكله أيضا بسبب «الهم الكبير».
أما محليا، فـ«الهم الكبير» شغال «على ودنه»، مرة عن الأسعار، ومرة عن الجنيه والدولار، ومرة «أهلى وزمالك»، ومرة «مسلمين ومسيحيين»، ومرة مواطن و«داخلية»، ومرة «مطروح»، ومرة «الوراق»، ومرة «عين شمس»، ومرة أطباء، ومرة محامين.
أى كلام، وأى قضايا خلافية، وأى حرائق والسلام. المهم أن تكون مدبرة بعناية، ومدعمة بتدوينات خبيثة، وفيديوهات مفبركة، وصور قديمة، أو حتى وقائع صحيحة، يساء استغلالها بطرق حقيرة، بهدف إشعال الفتن والأزمات بين الحين والآخر، فى أى مكان وزمان. والهدف، أن يظل المصريون متأزمين 24 ساعة فى اليوم.
والأمل، ألا يبقى المصريون سعداء، أو مرفوعى الرأس، أو «يدا واحدة» أبدا.
.. والآن ..
احك لنا تجربتك مع «الهم الكبير»!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية