تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«استبينا»
أدولفو أورسو، اسم يعنى الكثير لدى الطليان، وقد يعنى الكثير أيضا بالنسبة للعلاقات المصرية – الإيطالية الفترة المقبلة.
صحفى سابق، بدرجة رئيس تحرير، وسياسى مخضرم، جذوره من صقلية جنوبا، وعضو مجلس شيوخ عن حزب رئيسة الوزراء «الجميلة» جورجيا ميلونى، ويشغل حاليا منصب وزير الأعمال والصناعة، ويطلقون عليه أيضا فى إيطاليا «وزير الشركات»، ووزير «صنع فى إيطاليا»، بوصفه رائد مبادرة تحمل عنوان «منتج صنع فى إيطاليا»، التى تهدف لاستعادة أمجاد إيطاليا الصناعية، خاصة أنها الرئيسة الحالية لمجموعة السبع، الـG7.
زار أورسو مصر على مدى يومين، الإثنين والثلاثاء، على رأس وفد كبير من رجال الأعمال الإيطاليين وممثلى الشركات الكبرى هناك، والتقى خمسة وزراء مصريين فى العاصمة الإدارية، وناقش معهم سلسلة من الموضوعات التى تتفاوت ما بين التعاون فى مجالات الطاقة الجديدة والبترول والمواد الخام، مرورا بتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى، وحتى الرمال السوداء، فالبحث عن مواد أولية، وفتح أبواب جديدة، للشركات الإيطالية، على رأس أهداف الزيارة، وعلى رأس أولوياته أيضا. ولكن الهدف الأول والأخير هو الترويج لخطة «ماتى» الإيطالية لدعم إفريقيا،Mattei Plan، والتى تم الإعلان عنها فى ختام القمة الإيطالية الإفريقية بروما فى يناير، وشاركت فيها الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولى ممثلة عن الرئيس السيسى، وكان معها عدد كبير من القادة الأفارقة. فما هى خطة «ماتي»؟ وكيف تم الترويج لها و«تفعيلها» خلال زيارة «وزير الشركات» الإيطالى؟ اكتسبت خطة «ماتى» اسمها وفكرتها من أفكار وتوجهات السياسى والاقتصادى الإيطالى الراحل عام 1962 إنريكو ماتى، مؤسس شركة «إينى» الإيطالية للبترول، وعضو البرلمان الأسبق، فقد كان الرجل أكثر المطالبين بدعم الدول الإفريقية، ليس لـ«سواد عيونها»، ولكن لتطوير مواردها الطبيعية، وتحسين اقتصادياتها، حتى تستطيع الاعتماد على نفسها فى حقبة ما بعد الاستعمار، وهو ما جعل الإيطاليين يطلقون عليه لقب «صديق إفريقيا»، وكان بالفعل يتمتع بعلاقات طيبة مع معظم الدول الإفريقية، ومدافعا عن قضاياها، ورمزا للتعاون والصداقة بين إيطاليا والجزائر، كما صدقت توقعاته لاحقا، بعد أن كان الإهمال الأوروبى لإفريقيا، ولا يزال، سببا فى تفجر ظاهرة الهجرة غير المشروعة. وخطة ماتى هذه تعد فى تفاصيلها خطة طموحا حتى وإن كانت قد صدرت فى البداية من جانب واحد، هو إيطاليا، وهو ما أثار تشكك موسى فقيه رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى وقتها بقوله إنه كان من الأفضل أن يتم التشاور بشأنها أولا قبل الإعلان عنها. ولكن، تفاصيل الخطة التى أعلنتها رئيسة الوزراء الإيطالية «واقعية» للغاية، فهى تتحدث عن مشروعات بعينها، ومجالات محددة، تهم القارة الإفريقية، وتشمل دعما إيطاليا كبيرا لمجالات تحتاج إفريقيا فيها إلى دعم حقيقي. ميلونى كانت صريحة فى إعلانها ضرورة التغلب على نموذج «الدولة المانحة»، و«الدولة المتلقية»، والسعى بدلا من ذلك إلى التعاون بين أنداد متكافئين لتحقيق المصالح المتبادلة، وهى ليست رؤية إيطالية فقط، بل أوروبية أيضا، وتتوافق كذلك مع الرؤية الإفريقية الحالية للعلاقة المتكافئة مع أوروبا وغيرها من القوى. الخطة صفقة مربحة للطرفين Win Win: تحد إفريقيا من الهجرة غير المشروعة إلى إيطاليا وأوروبا.
وتقوم إيطاليا، وأوروبا، ومجموعة السبع، بمساعدة الدول الإفريقية فى تحقيق التنمية والرخاء والازدهار، واجتثاث جذور المشكلات المتأصلة المسببة للهجرة. بداية الحديث كانت عن 5٫5 مليار يورو استثمارات أولية سيتم ضخها فى مجموعة متنوعة من القطاعات بدول محددة فى إفريقيا. وأذكر أيضا أن رانيا المشاط علقت على خطة ماتى وقت إعلانها بالقول إن أفضل ما فيها، أنها تشمل القطاعات ذات الأولوية بالنسبة لمصر، كالتعليم، والصحة، والبنية الأساسية، والطاقة الجديدة. وبالمناسبة، فإحلال الهجرة النظامية محل الهجرة غير المشروعة، وفتح باب فرص عمل لائقة وسفر مأمون، أمام شباب مصر والعمالة الماهرة، هو ما تسير عليه مصر حاليا بالفعل مع إيطاليا وألمانيا واليونان وغيرها.
وها قد جاء أكبر وزير مختص فى إيطاليا إلى مصر لبحث الأمور على أرض الواقع، وتحويلها إلى عمل ملموس. إذن، الأجواء مهيأة تماما لانطلاقة جديدة «هائلة» للعلاقات المصرية الإيطالية، بعد تجاوز «منغصات» الماضى «المفتعلة». فالتنسيق السياسى فى أفضل حالاته، والتبادل التجارى 7 مليارات دولار، والصادرات المصرية لإيطاليا 3٫4 مليار دولار، وهناك حديث عن شراكات ومشروعات ضخمة ومجمعات صناعية، ومساع لمشاركة مصر فى قمة السبع المقبلة بإيطاليا هذا الصيف، مع دول إفريقية ولاتينية أخرى.
والقادم أفضل لمصر ولإيطاليا.
إذن، «استبينا» بالمصرى، وSta Bene بالطليانى!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية