تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
3 فبراير
ليتها معنا الآن.
ليتها معنا لتغنى: «أجل، إن ذا يوم لمن يفتدى مصرا، فمصر هى المحراب والجنة الكبرى».
ليتها معنا لتنشد: «على باب مصر، تدق الأكف، ويعلو الضجيجٍ».
ليتها معنا لتقول، ونقول وراءها: «مصر التى فى خاطرى وفى فمى، أحبها من كل روحى ودمى».
ليتها معنا لتهز الأرض بكلمات نزار وألحان عبدالوهاب وهى تغني: «أصبح عندى الآن بندقية، إلى فلسطين خذونى معكم».
ليتها معنا، لنتغزل معا فى جمال مصر ونقول: «شوف هنا جنب المصانع والمداخن والزحام، الغيطان اللى آخرها المدنه وابراج الحمام، والسواقى اللى ما نامت ليلة من كام ألف عام، شوف جمال الريف وآمن بالمحبة والسلام».
ليتها معنا لتبكى ونبكى معها ومع صالح جودت على مأساة فلسطين والأقصى وتقول: «من مهبط الإسراء فى المسجد، من حرم القدس الطهور الندى، أسمع فى ركن الأسى مريما، تهتف بالنجدة للسيد، وأشهد الأعداء قد أحرقوا ركنا مشت فيه خطى أحمد».
ليتها كانت معنا كى يسمعها العالم وهى تغنى «بالسلام احنا بدينا بالسلام، ردت الدنيا علينا بالسلام». ليتها معنا الآن، بصوتها، وكبريائها، وشموخها، وعظمتها. ففى حضرتها، لم يكن امرؤ ليجرؤ على أن يردد على الناس كل مساء أنه «لن يأكل وطنية» و«لن يشرب وطنية»، وأن معيار «الوطنية» عنده هو أن يملأ بطنه وجيبه، وبس!
فى الثالث من فبراير المقبل، تمر خمسون عاما على رحيل «الست».
فى ذلك التاريخ، عام 1975، وبعد أن اطمأنت، فيما يبدو، على تحقيق النصر العظيم عام 1973، صعدت روحها إلى بارئها، وصمت صوتها إلى الأبد، بعد أن كانت قد غنت لآخر مرة أمام الجمهور وهى تدعو الله لجيشنا «يا رب وانصرنا»، بدلا من «يا رب واقبلنا»، فى أغنية «القلب يعشق كل جميل»، التى غنتها فى ختام حفلتها الأخيرة والطويلة والمرهقة فى يناير 1973، وكأنها تودع وطنها الذى أحبها وعشقته.
ليتها كانت معنا فى هذه الأيام التى تتصاعد فيها المؤامرات والأحقاد ضد مصر، ونحتاج فيها أكثر من أى وقت لمن يستعيد عافية مشاعرنا الوطنية، جنبا إلى جنب مع قدراتنا السياسية والعسكرية.
«الإخوان» أشقاء «الصهاينة» لا يطيقونها، كما لا يطيقون كل ما هو مصرى ووطنى.
زعموا، ويزعمون، أن «الست» وأغنياتها كانت «أفيون» المصريين فى الستينيات، ورددوا ويرددون أنها كانت سببا فى هزيمة 1967، ونسوا أنها كانت جنديا فى المعركة، وأن أغنياتها الوطنية، بل والعاطفية أيضا، كانت على ألسنة جنودنا البواسل لحظة العبور الخالدة، وقبلها، وبعدها.
المشاعر الوطنية الحقيقية أقوى سلاح فى أيدى المصريين، وشىء لا يطيقه أعداؤها.
لا أنسى تقريرين سوداوين، أحدهما نشره مركز «كارينجى» عام 2014، والآخر نشره «المجلس الأطلنطى» عام 2015، كتبهما مصريان «من إياهم»، انتقدا بشدة تنامى المشاعر الوطنية للمصريين بعد ثورة 30 يونيو 2013!
لهذا، أقول: ليتها كانت معنا، فلا يوجد فى الوسط الفنى هذه الأيام من هو قادر، أو حتى راغب، أو مستعد، للأسف، للقيام ولو بـ1% من دورها.
ولعلها فرصة لنبحث عن طرق مبتكرة لتخليد هذا «الهرم» الخالد فى خمسينيتها، وبما يليق بمقامها.
متحف صغير باسمها فى «منيل الروضة»، لا يكفى.
تمثال فى حى الزمالك أمام البرج الشاهق الذى حل محل فيلتها، لا يكفى.
مسلسل يحكى قصتها، لا يكفى.
محطة راديو باسمها، لا يكفى.
أغنياتها تذاع فى الراديو والتليفزيون لا يكفى، خاصة إذا كانت تذاع على مضض، مختصرة، أو مجتزأة، أو مشوهة، (باستثناء سهرة إذاعة الأغانى اليومية).
حفلات لمطربين يعيدون «كوبليها» أو اثنين على الأكثر من بعض أغنياتها، بنفس مقطوع، وصوت نشاز، لا يكفى.
أم كلثوم يجب أن تكون فى كل مكان، وفى هذه الأيام بالذات.
صوتها يجب أن يتردد فى كل وقت.
صورتها يجب أن يراها المصريون كل يوم.
ذكراها، يجب أن تكون على كل لسان.
أغنياتها يجب أن تتردد صباحا ومساء فى وسائل النقل والمحال والمولات.
«وطنياتها» يجب أن تذاع فى المدارس والجامعات.
فلنطلق اسمها على محور، أو طريق، أو ميدان، أو محطة مترو.
فلنقدم حفلا عالميا باسمها.
فلنكرم من تبقى من أفراد فرقتها الأسطورية، مجدى الحسينى «عفريت» الأورج، فاروق سلامة الذى لم يفارقها منذ «سيرة الحب»، هانى مهنى الذى أسعفه الحظ ليعزف لها فى «ليلة حب»، مجدى بولس عازف التشيللو الذى هاجر إلى كندا أو أستراليا.
.. وحشتينا يا «ست»، و«وحشتى» مصر.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية