تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
صباح الأحد
للأماكن أرواحها ونبضها مثل الكائنات الحية جميعًا، البعض يظن أنها جماد، لا روح لها ولا مشاعر، لكنى أؤمن بروح المكان التى تتشكل من أنفاس وأحلام وآلام البشر الذين عاشوا فى رحابه وتشبعت حواسهم بأجوائه، وأحبوا الأحداث التى جرت بين جدرانه وطرقاته. ودار الأوبرا من الأماكن التى أبتهج بمجرد أن أدلف من بوابتها الخارجية وأصبح داخل فضائها وحدائقها، أتمشى لأطالع مسارحها، وقاعات المعارض، الفعاليات الفنية المختلفة التى تقام كل يوم، وفى أكثر من قاعة أو مسرح.
ففى هذا المكان عاش الفن بمختلف ألوانه وأنواعه وتنفس، أخرج كل فنان ما فى جعبته من إبداع. إنه مكان معجون بالمشاعر، نابض بالحنين والشجن، صادح بالنغمة القادمة من أوتار العود والكمان، مكان تشعر فيه أنك فعلا إنسان لا تزال، ولم تتحول إلى جزء فى آلة صماء.
أسعدنى جدًا البرنامج الحافل بالفنون المختلفة والبهجة والمتعة الذى أعده الدكتور علاء عبد السلام، مدير دار الأوبرا المصرية للاحتفال بأعياد الميلاد والكريسماس، والسنة الجديدة. تنوع ممتاز بين الموسيقى الغربية، والشرقية، نجوم لهم جمهورهم العريض مثل الفنانة أنوشكا التى سوف تحيى حفل ليلة رأس السنة، عروض من أجمل ما قدمت الأوبرا يشارك فيها فرق مختلفة، تقدم كل منها باقة من أجمل الأغنيات، القديم مع الجديد، الغربى مع الشرقى، كوكتيل رائع، وتوليفة فنية راقية تقدمها الأوبرا للجمهور المصرى والعربى المحب للموسيقى بشكل عام، والعاشق للأصيل والمتميز بشكل خاص.
أعجبنى كذلك أن تستضيف الأوبرا المصرية الفنانين العرب الذين يحظون بجماهيرية واسعة فى مصر مثل الفنان اللبنانى المقيم فى فرنسا غسان يمين، هذا الحفل الذى تهافت المئات من الأشخاص للحصول على تذكرة لحضوره رغم ارتفاع ثمن هذا الحفل بشكل خاص.
أن تعيش دار الأوبرا مشاعر ونبض الأحداث شىء رائع، وأن تجعل من الفن الراقى مقصدًا جماهيريًا للآلاف من المصريين أمرًا يستحق الشكر والتقدير من المسئولين عن هذا الصرح الفنى المصرى المهم.
ما زلت أكرر أن قوة مصر الحقيقية فى قوتها الناعمة، وما زلت متفائلة أن الهوية المصرية لا يمكن أن تذوب فى خوارزميات الفيسبوك، ولا فى تقنيات الذكاء الاصطناعى.
كل سنة ودار الأوبرا المصرية طيبة، متألقة، كل سنة وهى شعاع يضىء حياتنا بالفن والجمال. ورمز للرقى والحضارة المصرية العظيمة التى استوعبت على مدى تاريخها كل الثقافات والحضارات الأخرى، لكنها بقيت فريدة، تتأثر وتتفاعل دون أن تذوب أو تنصهر.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية