تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > نصر القفاص > الدرس انتهى.. لموا الكراريس!!

الدرس انتهى.. لموا الكراريس!!

سألنى «أبوالعيد دودو» المفكر الجزائرى الكبير عن مكان «الضمير» فى الإنسان.. سمع إجابتى مبتسما وأشار إلى رأسه, دون أن يتكلم.. ثم أضاف: «الضمير مكانه العقل.. فأصحاب العقل الراشد والواعى هم أصحاب الضمائر»!.

أسمع تصريحات الرئيس الأمريكى «ترامب» حول جرائم «إسرائيل» التى لا تتوقف, فأتذكر «أبو العيد دودو» لمكان الضمير.. فهذا الرجل الذى يحكم أقوى دولة فى العالم, حسب ما يعتقد ويردد آناء الليل وأطراف النهار.. يقول دائما كلاما لا يصدر عن عقل راشد وواعى.. فهو يريد إنهاء الحرب فى «أوكرانيا» لإيقاف القتل بين جيوش متحاربة.. ويرى أن استمرار هذه الحرب «عار» وعبثية.. فى الوقت نفسه لا يرى مذابح «إسرائيل» وتجويعها لملايين الفلسطينيين.. لا يعنيه سوى عشرين إسرائيليا تحتجزهم «حماس» وباقى فصائل المقاومة مع 38 جثة.. بل يدفع المليارات لضمان استمرار «ماكينات القتل» فى حصد أرواح أطفال ونساء وشيوخ عزل.. يحمى «القتلة» من المثول أمام العدالة.. يضمن استمرار إجرامهم فى «قصر الأمم المتحدة» كما أسماه «المبدع الذى نفتقده «صلاح جاهين» قبل أكثر من نصف قرن!. يوم أن قصفت إسرائيل مدرسة «بحر البقر» وحصدت أرواح ثلاثون طفلا مصريا.. إنفعل «صلاح جاهين» وكتب «الدرس انتهى.. لموا الكراريس».. فتلقف «سيد مكاوى» الكلام, لتغنيه «شادية» بصوت وآداء يهز أصحاب الضمائر فى عالمنا العربى: «الدرس انتهى.. لموا الكراريس.. بالدم اللى على ورقهم سال.. فى قصر الأمم المتحدة.. مسابقة لرسوم الأطفال.. إيه رأيك فى البقع الحمرا.. يا ضمير العالم يا عزيزى»!!. غاب العقل.. مات الضمير.. إنتحر المنطق!!. إختفى صوت «عيال أمريكا» ولم نعد نسمع «أئمة التطبيع» الذين صدعونا بالحديث عن «السلام مع الذئاب» بعد رحيل «صلاح جاهين».. الذى رسم الصورة واضحة ومبكرا: «الصهيونية والاستعمار.. الدنيا عليهم صابرة.. وساكتة على فعل الأباليس.. الدرس انتهى لموا الكراريس».. كما غاب «محمود درويش» القائل: «سقط القناع عن القناع.. لا أخوة لك يا أخى.. لا أصدقاء يا صديقى.. لا قلاع.. لا الماء عندك ولا الدواء» فى قصيدة رفع صوته خلالها مطالبا: «حاصر حصارك لا مفر.. سقطت ذراعك فالتقطها, واضرب عدوك.. لا مفر»!!.. ولأن «عبدالفتاح مصطفى» رحل, كما رحل «بليغ حمدى» و»أم كلثوم» وثلاثتهم أبدعوا ليقدموا أغنية «إنا فدائيون».. ومطلعها يقول: «سقط النقاب عن الوجوه الغادرة.. وحقيقة الشيطان باتت سافرة»!!.

غاب أصحاب الضمائر والعقول.. فضاعت الحقيقة!!

أصبحنا نستقبل تصريحات «ترامب» ونشغل أنفسنا بتفسيرها.. بعضنا يسخر منها.. كلنا نعلم أن «واشنطن والذين معها» لا يؤمنون بغير القوة, وفرض إرادتهم على الدنيا بالسلاح.. فكان ضروريا تقديم نخبة تتمتع ببلاهة وسذاجة نادرتين.. نخبة لا تهمها أوطان, ولا تكترث بهموم الشعوب.. كل ما يعنيها أن تأخذ أبصارنا تجاه «البيت الأبيض» وما يصدر عنه من أصوات وصمت.. بل حاولت هذه النخبة حرف أنظار الشعوب العربية, بعيدا عن معانى الحرية والكرامة والاستقلال والعزة.. وقاتلوا للسخرية منها, واغتيال شخصية كل من يؤمن بالمعانى السامية النبيلة.. فأصبحنا نملك «نخبة سامة» لا تعنيها سوى أرباحها, ورحلات الشتاء والصيف إلى عواصم الغرب.. إضافة إلى عواصم الثروة شرقا وغربا!!.

نحن نبحث عن الوعى.. فلابد أن نجد أصحاب الضمائر!!

يهمنا أن مصر تواجه لحظة فارقة فى تاريخها.. اللحظة مستمرة منذ سنوات.. وصلنا إلى ما قبل خط النهاية.. فإما أن نكون أو لا نكون.. وتفرض علينا اللحظة مراجعة نصف قرن مضى, بما له وما عليه.. ثم نحدد اتجاه بوصلتنا.. وتلك هى المعضلة, التى تؤكد ضرورة اعتماد قانون «الاستجابة والتحدى» ولعلى أرى بصيص أمل يلوح فى الأفق.. ربما لإيمانى بأن نخبة من أصحاب الضمائر موجودة بيننا, لكنها تحتاج إلى الثقة فيها.. الإيمان بقدراتها على تحريك مياه راكدة بفعل فاعل إسمه «إسرائيل».. بغض النظر عن اسم المتحكم فى مقدراتها.. فهذا الكيان حرق القانون الدولى.. يغتال كل معانى الإنسانية.. جعل حقوق الإنسان كذبة كنا نصدقها.. لدرجة أننا تابعنا مذهولين بالصوت والصورة, لقطات يقدم خلالها «مجرم حرب» حسب قرار «الجنائية الدولية» خطاب ترشيح «ترامب» لنيل جائزة «نوبل للسلام».. ثم يفاجئنا بعدها هذا «المرشح» بإصدار قرار رئاسى, يغير بموجبة إسم «وزارة الدفاع» فى بلاده إلى «وزارة الحرب», ثم يزعمون أنه وسيط يبحث عن السلام!!. أهرب أحيانا إلى «زمن أصحاب الضمائر» فأسمع صوت «ياسمين الخيام» بكلمات «عبد الرحمن الأبنودى» وألحان «جمال سلامة» وهى تشدو ذات «ليلة محمدية» بصوت يفجر الدموع: «أمتك يا محمد يابن عبد الله.. تستحق الشفاعة والدعا لله.. ياللى جيت بالرسالة وألفت القلوب.. آدى أمة المحبة عرفت نار الحروب.. آدى الشيطان غواهم.. غير طريق هداهم».. وفى نهاية الأغنية تصرخ: «الباطل الواضح.. فيه مسلمين تابعاه.. على دمى ماشية وراه.. سامحنى يا الله.. وهاودينى يا آآآه»!!

أسعى وراء الشمس.. والشمس فى ظهرى!. معادلة صاغها «صلاح عبد الصبور» شعريا.. تحولت إلى واقع وحقيقة.. فنحن نبحث عن التغيير والتجديد, عبر تمنيات «طيبة» وحسنة النية.. لكن النوايا الحسنة, لا تتجاوز كونها «سرابا» فى زمن تحاول الشعوب إعادة فرض كلمتها على الحكومات.. حتى ولو كانت قد جاءت بالديمقراطية, ولنا فى اليابان وفرنسا وأمريكا وبريطانيا عبرة!.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية