تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > نصر القفاص > «ترامب» يلعب على المكشوف!

«ترامب» يلعب على المكشوف!

يدهشنى أحيانا.. يفزعنى فى أحيان أخرى.. ولا أخفى أنه يفجر ضحكاتى بعض الوقت!. الرئيس الأمريكى «ترامب» لا يتوقف عن الكلام.. أو الثرثرة.. وتنقل وسائل الإعلام كل ما يصدر عنه.. جادا أو هازلا.. فهو لم ينس يوما منذ عودته إلى «البيت الأبيض» السخرية من سلفه «بايدن» وهذا شأنه مع شعبه.. لكننا فى عالمنا العربى يهمنا ما يصدر عنه, فيما يتعلق بشئوننا حاضرا ومستقبلا.. لأسباب كثيرة.. وخلال إحدى جلساته مع الصحفيين, سأله أحدهم عن تقارير الأمم المتحدة التى تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.. فكان رده: «لم أطلع عليها» ثم أضاف: «إنه أمر فظيع وشنيع أن يكون هناك فى غزة رهائن أحياء وقتلى»!.

هل يصدق أحد على وجه الكرة الأرضية, أن رئيس واحدة من كبريات دول العالم.. لا تهمه ولا تعنيه تقارير الأمم المتحدة؟! هل يقبل عقل إنسان واحد, أن مسئولا بحجم الرئيس الأمريكى لا يكترث بأن تقع جريمة إبادة جماعية دون أن يعيرها اهتماما؟!. الحقيقة أنه يعلم تفاصيل الجريمة.. ويعلم أنه شريك فى ارتكابها.. لكنه يدعى أنه لا يعلم.. فهو يعلم فقط تفاصيل رهائن إسرائيل فى «غزة» ولا يرى أن قتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ, أمرا يستحق أن يتوقف عنده.. وهو يتحدث دائما عن رغبته فى وقف حرب «أوكرانيا» التى يسقط فى ميادينها آلاف الجنود, وبضع عشرات من المدنيين.. هنا ستجد نفسك فى حالة ذهول.. لأن «سيد البيت الأبيض» صاحب «سياسة الصفقة» يقول الكلام وعكسه فى نفس اللحظة!.

خلال المؤتمر الصحفى نفسه – قبل أيام – قال: «نحن نجنى أرباحا من الحرب فى أوكرانيا, لأننا نبيع السلاح لأوروبا لتمد به أوكرانيا» ليجد «المنطق» فى الانتحار سبيلا وحيدا.. وليجد العقلاء أن ما يسمعونه لو صدر من غير «ترامب» لاتهموه بأنه مجنون, ويجب الحجر عليه!.

يرى الرئيس «ترامب» فى نفسه أنه «صانع سلام» وبدا سعيدا وهو يتلقى ترشيحه لجائزة «نوبل» للسلام من «مجرم حرب» اسمه «نيتانياهو» دون أن يشغل نفسه بأن المشهد يتجاوز «العبث» فى المسرح و«الفانتازيا» فى السينما!! ولأنه يعلم أن الآلاف من «عيال أمريكا» فى عالمنا العربى سيتولون مهمة إعادة تدوير كل هذه «الأكاذيب» و«الكلام الفارغ» ليقدموها لنا على أنها سياسة ومنطق وعلوم عسكرية.. بل واقتصاد أحيانا.. وينقلوننا من حالة الغضب إلى هدوء وهمى.. ويأخذون أنظار العالم من السخرية المريرة, إلى حالة قبول حتى ولو كان كاذبا.. وظنى أن هذا مفهوم عندما يكون المستهدف هو المواطن الذى يتابع الأحداث – إذا كانت تشغله – أما غير المفهوم فهو أن تتقبل «النخب» هذا «الهزل» وترد عليه بصمت مجرم!! وتتضاعف المرارة عندما يتجاهل الساسة والدبلوماسيون وخبراء الاستراتيجية «هزل» الرئيس الأمريكى, وغيره من الذين يشار إليهم بأنهم قادة أوروبا والمجتمع الدولى!.

أتابع الإعلام فى «واشنطن والذين معها» سواء كان إعلاما رسميا, وهو يحتضر بفقدان مصداقيته وتأثيره.. وكذلك إعلام المستقبل الذى نسميه «وسائل التواصل الاجتماعى» وقد جذب أنظار الشعوب, وأدرك الأذكياء من «النخب» أنه إعلام المستقبل.. أجد أن «ترامب» وأقرانه من قادة ما يسمى المجتمع الدولى, انفصلوا تماما عن الواقع.. دليلى على ذلك نتائج استطلاعات الرأى التى تعكس مقدمات انهيار إسرائيل, وبشائر انتصارات الشعب الفلسطينى!! وأجد أن «إعلام المستقبل» لا يترك «شاردة» أو «واردة» للرئيس «ترامب» دون رد أو سخرية لحد «المرمطة» وكذلك يفعل مع رئيس وزراء بريطانيا ومستشار ألمانيا.. وصولا إلى الرئيس الفرنسى «المأزوم» رغم محاولاته القفز من سفينة توشك على الغرق.. وهذا الإعلام نفسه يضع قادة «أسبانيا» و«أيرلندا» و«كولومبيا» و«فنزويلا» و«كوبا» و«جنوب إفريقيا» و«البرازيل» مع غيرهم من أصحاب الضمائر والعقل والأخلاق فى صدارة المشهد السياسى الدولى!.

الحقيقة التى تنكرها «واشنطن والذين معها» أنهم يلعبون فى «الوقت الضائع» لنظام عالمى أرادوا فرضه على الدنيا.. وأن نظاما عالميا جديدا بدأ يفرض نفسه.. وقد عبر عن ذلك مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة, حين خاطب أعضاء مجلس الأمن قائلا: «لماذا لم تحاسبوا أمريكا على ما فعلته فى أفغانستان.. ولا بريطانيا على ما فعلته فى العراق.. أو ما فعلته فرنسا فى إفريقيا» وتجاهل ذكر «ألمانيا» التى كانت رائدة الإبادة الجماعية فى «ناميبيا» مطلع القرن العشرين, لأسباب لها علاقة بالابتزاز السياسى!.

قبل أن يتعجل السذج والبلهاء باتهامى أننى أذهب بعيدا عن همومنا فى عالمنا العربى, أو تناول أزماتنا فى مصر.. أشير إلى أن هموم العالم العربى, وأزمات مصر كلها ناتجة عن سياسات وجرائم ومؤامرات «واشنطن والذين معها» لأننا راهننا على القانون والضمير والأخلاق.. بينما هم كانوا يراهنون على «الصفقات» ويعقدون مزاداتها سرا.. قبل أن يظهر «ترامب» على المسرح ويفتح «المزاد» علنيا.. بعد أن أصبح «اللعب على المكشوف» وبوضوح خلق حالة ارتباك عند الذين اعتقدوا أن الغموض واتفاقات الكواليس, يمكن أن تجعلهم فى أمان.. حتى كانت الغارة التى شنتها «إسرائيل» على «قطر» بدعوة محاولة اغتيال قادة المقاومة.. ومن هنا أصبح ما قبل الجريمة, مختلفا تماما عما بعدها.. والأيام حبلى بمفاجآت مذهلة!. الحقيقة الناصعة أن «ترامب» ينظر إلى «غزة» على أنها موقع متميز يسمح له بإقامة مشروع عقارى وسياحى.. وأن «نيتانياهو» لا يقبل غير شطب «فلسطين» من الجغرافيا, وأضاف أنه سيعمل لأجل «إسرائيل الكبرى» وكلاهما يعتقد فى أنه سيحقق ما يريد.. لكنهما أفرطا فى «الهزل» لأنهما أشهر «ساذجين» يملكان السلاح فى العصر الحديث!.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية