تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«الصحفى المؤسسة» و«الصحفى النصاب»!!
أتابع بحرص شديد تطور الإعلام خارج منطقتنا العربية.. أرى أن الإعلام التقليدى «صحافة وتليفزيون وراديو» يترنح أمام «الإعلام الجديد» فيما شاع تسميته «مواقع التواصل الاجتماعي» عبر وسائط يصعب السيطرة عليها.. ويحزننى أننا فى عالمنا العربي, عرفنا شكلا «الإعلام الجديد» دون تدقيق فى أهميته ومضمونه.. لدرجة أننا لم نلتفت لخطورته، لأن الذين دخلوا هذا العالم استخدموه كما لو كان «أداة ردح» للإغارة على بعضنا البعض.. أو محاولة قلب الحقائق وتزييف الوقائع.. وعفوا إذا قلت إن «إسرائيل» التى مارست الجريمة ذاتها، اكتشفت هزيمتها الساحقة أمام شعوب الدنيا!. انتهى زمن استخدام الإعلام «كمساحيق تجميل» أو كسلاح «تشويه الذين نختلف معهم» وأصبحنا نعيش زمن «الصحفى المؤسسة» بمعنى أن الصحفى الجيد والحقيقى استطاع بمفرده أن يكون مؤسسة ذات قيمة ووزن مع تأثير يتجاوز بكثير قدرات مؤسسات صحفية وإعلامية.. ظهر ذلك بوضوح عبر تجربة «تاكر كارلسون» الصحفى الأمريكى الذى ذهب لمحاورة الرئيس «بوتين» وقت مقاطعة الإعلام الغربى لكل ما هو روسي.. خاصة أنهم فى الغرب فرضوا حظرا على كل الأصوات الروسية.. أجرى الحوار وتم بثه على قناته على «يوتيوب» بعد فصله من القناة التى كان يعمل بها.. ونجح «تاكر كارلسون» فى كسر هذا الجدار الزجاجي.. ليتحول إلى نموذج يشبه «بريخت» الذى كسر الحائط الرابع فى المسرح!!.
عندما اندفع «طوفان الأقصي» تكاثر الذين أخذوا نهج واستقلالية ومهنية الصحفى الأمريكى - تاكر كارلسون – فظهر الإنجليزى «بيرس مورجان» مدافعا عن إسرائيل.. مقاتلا ضد المقاومة.. لدرجة أنه اشتهر بسؤاله لكل ضيوفه: «هل تدين حماس»؟!.. ولما تمادت إسرائيل فى تجويد جرائم الإبادة والتدمير والقتل.. انقلب تماما ليصبح واحدا من أعداء الكيان الصهيونى البارزين.. متجها إلى مواقع التواصل بعد إيقاف برنامجه.. وخطف العشرات من الذين أخذوا «خندق الحق الفلسطيني» الأنظار.. بل نجحوا فى حشد الرأى العام الأمريكى والغربى ضد الكيان الخارج عن سيطرة القانون الدولي.. والذى راح يقصف الضمائر والإنسانية, بقدر ما كان يقتل ويدمر فى «غزة» و»الضفة الغربية» و«لبنان» و«اليمن» و«سوريا» و«تونس» إلى آخر الجبهات التى يقاتلها وصولا إلى «إيران» حتى الآن!!.
ذاع صيت الصحفية «آنا كاسبريان» الأمريكية من أصل أرميني.. وكذلك الصحفى «ماكس بلومنثال» الأمريكى – اليهودي.. مع «مهدى حسن» وهو بريطانى – أمريكى من أصل هندى أوقفت برامجه أيضا.. إلى جانب آخرين أمثال «كانديس اوين» و«كريج موراي» و«آلان ماكلويد» إضافة إلى عشرات من الذين أغلق «الإعلام التقليدي» الباب فى وجوههم.. أصبح كل منهم «صحفى مؤسسة «قائمة بذاتها.. وجعلوا الرئيس الأمريكى – ترامب – يذهب إلى القول إنه عاش الزمن الذى كانت فيه أبواب المستقبل السياسى تفتح للمدافعين عن إسرائيل.. ثم أصبح يرى أن السياسى الذى يتمسك بالدفاع عنها, يأخذ طريق نهايته!!
حدث ذلك خلال شهور العامين الماضيين، اعتقد خلالهما قادة إسرائيل أنهم قادرون على المرور بجرائمهم اعتمادا على الغطاء الأمريكى وتواطؤ قادة الغرب وغيرهم!! حتى أدرك «نيتانياهو» مجرم الحرب بحسب توصيف «المحكمة الجنائية الدولية» خطورة المأزق الذى أخذ كيانه إليه.. لذلك اهتم بعقد جلسة مع عدد من الذين يسمونهم «مؤثرين» وهم يمارسون الإعلام بمنهج «الصحفى المؤسسة» وعرض عليهم دفع سبعة آلاف دولار عن كل «فيديو» يدافعون خلاله عن إسرائيل.. فكشف الذين يدافعون عن الحق الفلسطينى «الفضيحة» صوتا وصورة!!. خلال الأيام الأخيرة تكاثر عدد الذين يمارسون إعلام «الصحفى المؤسسة» وقلبوا الرأى العام ضد «ميليشيا حميدتي» فى السودان.. بل نجحوا فى تجاوز ثروات الذين يتولون دعم وتمويل محترفى القتل والإبادة فى «الفاشر» ليتأكد أن الثروات التى يتم إنفاقها على مؤسسات «الإعلام التقليدي» تحولت إلى «سراب» يجرى خلفه البلهاء!! وهنا تجدر الإشارة إلى معركة «انتخاب عمدة نيويورك» التى حولت المرشح «زهران ممداني» المسلم الذى لا ينكر إيمانه بأفكار الاشتراكية الاجتماعية.. من منعدم الفرص فى الفوز قبل عام, إلى متصدر قائمة المرشحين حسب استطلاعات الرأى كافة.. بل تحول إلى صداع فى رأس «ترامب» وكل الذين اعتقدوا أن «الثروة» طريقهم لاستعباد الشعوب!.
يحدث ذلك فى الدنيا.. بينما نحن فى عالمنا العربي, مازلنا نسعى وراء الشمس.. والشمس فى ظهرنا.. كما سبق أن عبر «صلاح عبد الصبور» شعرا!! وهنا أتذكر «رفاعة الطهطاوي» حين عبر عن إعجابه بمجتمع «باريس» فى كتابه «تخليص الإبريز فى تلخيص باريز» وكان أهم ما ذكره هو حديثه عن «الجازيت» وهى الصحف التى تطلع الرأى العام عما يدور فى المجتمع!! لذلك أخشى أن يستمر تجاهلنا لتطور الشكل والمضمون فى الإعلام, بأن نستمر فى «حفلات الردح» واستخدام «وسائط الإعلام الجديد» لنقوم بهدم مجتمعاتنا.. لمجرد اعتقادنا فيما نفعل أنه ممارسة للإعلام والحرية.. بينما الحقيقة تؤكد أن «الصحفى المؤسسة» هو القادر على ممارسة التنوير وغرس الوعى والمعرفة.. أما «الصحفى النصاب» الذى يتكسب من «الإعلام التقليدي» ثم يقفز لجنى الأرباح من «الإعلام الجديد» فهو الأخطر على مجتمعاتنا.. وأستطيع الزعم بأن هؤلاء انتهى زمنهم.. رغم كل ما يجنونه على حساب السذج من أصحاب الثروات!.
يتأكد يوما بعد الآخر ضرورة الجدية فى البحث عن منهج وطريق إعلامى واضح.. كبديل عن اجتهادات لا تضع فى اعتبارها أهمية وخطورة الحرب بالكلمة والصورة.. حتى لا نصل إلى ما أدركه «ترامب» و«نيتانياهو» وغيرهما فى بلدان الغرب الجماعي!.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية