تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
وضاعت الـ 10 ملايين دولار!
قرأت الخبر مرة ومرتين وثلاثا، لا يبدو كاذبا أو زائفا، يقول الخبر إن وزارة الخارجية الأمريكية أكدت أن مكافأة الملايين العشرة الدولارية مازالت مرصودة، لمن يدلي بمعلومات تؤدى إلى تحديد موقع زعيم هيئة تحرير الشام أبوأحمد الجولاني أو القبض عليه!
قلت في نفسي، ربما خبر قديم أعيد نشره، قبل دخول الجولاني إلى دمشق رافعا علامة النصر، وهو يتابع الطائرات الإسرائيلية وهي تدك مطارات سوريا العسكرية وتدمرها بطائراتها، وتحرق دباباتها وأسطولها البحري ومخازن ذخيرتها، حتى إن سوريا أصبحت عارية تماما من أي قوة، سوى ميليشيات مسلحة، قادرة على صناعة الاضطرابات والفوضى والصراع على السلطة أكثر من حماية وطنها.
وتجنبا لأي مقالب أو إحباط، استعنت بـ «جوجل»، وأسرعت إلى موقع مكتب التحقيقات الفيدرالي، متسائلا عن الإرهابيين المطلوبين للعدالة الأمريكية، مع علمي أن اقتران أمريكا بالعدالة باطل، وقد تصل العلاقة بينهما إلى حد العداوة، لكن عالم السياسة يسمح بالأقنعة والتناقضات، ويمكن لأمريكا أن تضع قناع العدالة أو تخلعه حسب الأحوال، المهم وجدت صورة أبو محمد الجولاني والمكافأة على الموقع باللغتين الإنجليزية والعربية!
هنا هللت وصفقت، حانت اللحظة، سوف أكتب لهم خطابا «أشي» فيه بمكان أبو محمد الجولاني، وأنبههم إلى بعض ملامحه الجديدة المعدلة، وتخليه عن لقبه القديم، فصار الآن «أحمد الشرع»، وأُلحق بالخطاب فيديوهات وهو يتحدث عن مستقبل سوريا، ويتحرك في شوارع دمشق، لأثبت صحة معلوماتي، وأترك لهم أن يرصدوا مكانه بمنتهى الدقة، عندهم أقمارهم الصناعية بالزوفة تجوب الفضاء، وعيون مبثوثة بين صفوف الميليشيات التي استولت على السلطة بعد هروب بشار الأسد، وطائرات تجسس تنطلق من حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» الراسية في مياه البحر الأبيض المتوسط من أجل دعم حروب جيش الإبادة الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا!
دوري فقط هو الإبلاغ عن «موقع» وجوده، حسبما حدد إعلان مكتب التحقيقات الفيدرالية المنشور في مايو 2017، وبما أن أحدا لم يتقدم، فالجائزة من حقي، عشرة ملايين دولار، يعني 500 مليون جنيه، مع هذه الثروة يمكن أن أصاحب النجم محمد رمضان، وأقلده في نظارته الملونة وشياكته، وقد أنظم حفلا صاخبا، فيه راقصات ومغنون ومغنيات وموسيقى وأضواء، وعلى رأي «أصالة» الدنيا لها طعم جديد!
لكن شيئا من القلق والحزن والوجع اقتحم عقلي وسألني: هل لك نفس أن «تتمهرج» وتتصرف بطريقة جعفر العمدة والحدود مولعة حول مصر من كل جانب، كما أن العالم يبدو حاملا في حرب نووية من علاقة غير شرعية، شديدة العنف بين روسيا وأوكرانيا برعاية أمريكية؟!
«سيبك» من روسيا وأمريكا وأوكرانيا، وانظر حولك في السودان وفلسطين وليبيا ولبنان وسوريا والعراق واليمن!
يا نهار لم تظهر له شمس، نصف بلاد العرب ضاع فعلا، جرفت أمطار الربيع العربي الصناعية حدودها ومكوناتها وملامحها، صحيح أنها كانت بلادا مأزومة، لكن شعوبها لم تستوعب ما تدبره الولايات المتحدة وإسرائيل والجماعات الدينية المتطرفة والفوضويون، فتمزقت تلك البلاد إلى أشلاء ولاجئين!
لكن عاجلت نفسي، من باب الأنانية المفرطة التي يتمتع بها بعضنا أو من باب الغباء والعنطزة السياسية الفارغة: يا عم دعني في حالي، أكسر رتابة أيامي، وأعيد تشكيل حياتي، أعيش واتنطط وألهف الـ 10 ملايين دولار!
فجأة أبصرت نظرات أمي تحدق من بعيد في غضب، أحسست بالخجل، تأملت المشهد، لعب الفأر في عبي، هل يمكن أن يمنحني الأمريكان الملايين العشرة بهذه السهولة؟، أشك، إنهم يرون أبو محمد الجولاني وهو يتجول في الشوارع أو تستضيفه فضائياتهم، ولم يفعلوا شيئا، ربما ينتظرون حتى يتأكدوا أنه هو بشخصه ولحمه، وليس قرينا أو شبيها يحاول أن يسخر منهم أمام العالم؟، لماذا لم يسألوا أصدقاءهم الألمان عنه، وقد أجروا معه مباحثات رسمية، وأعلنوا عنها من برلين، وقالوا إن محورها كان عملية الانتقال السياسية وحماية الأقليات وحقوق النساء؟، هل يجرؤ الألمان على ذلك دون مباركة العم سام وهو فاعل أساسي على الأرض السورية؟، أليست هذه المباحثات اعترافا ضمنيا بهيئة تحرير الشام، التنظيم المصنف إرهابيا، وقائده على لائحة المطلوبين؟!
ربما عدلت أمريكا من موقفها، لا تريد القبض عليه أو اغتياله، وتركته على اللائحة تهديدا وتأديبا وتهذيبا إذا خرج على النص، ألا تفعلها إسرائيل؟!، عندها دوافع، حسب تصريحات السيدة «شارين هسكل» نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، بأن «الجولاني» ذئب في ثوب حمل!
لكن يبدو أن إسرائيل راضية عنه رغم ذئبيته، فهل هو ذئب وديع؟، لِمَ لا؟، وقد كان دخوله إلى دمشق «كلمة السر» للقوات الإسرائيلية أن تدمر القوة السورية بالكامل؟، وقد فضح المسألة مقال الكاتب والمؤرخ الإسرائيلي آفي شيلون في هاآرتس، إذ طلب من الحكومة الإسرائيلية أن تدعو «الجولاني» إلى زيارة القدس «المحتلة»، والصلاة في المسجد الأقصى، وقال إن سقوط سوريا إلى جانب وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، والشائعات عن صفقة في غزة، يضع إسرائيل في موقف تفوق إستراتيجي، (لقد سبق لإسرائيل أن وقفت أمام تفوق مشابه، ولم تستغله في حينه كما ينبغى، حين بدأ الربيع العربي في 2011 بدأ الربيع العربي وأدى إلى انهيار دول عربية)، على إسرائيل أن تستغل الفرصة هذه المرة، وإذا استجاب الجولاني للدعوة، ستكون مبادرة للمصالحة مع العالم الإسلامي وليس فقط مع سوريا!
إذن الجولاني منهم وعليهم، ذئب قطاع خاص، ولن يجدى بلاغي إلى مكتب التحقيقات الفيدرالية شيئا، ولن أنال سنتا واحدا، يعني حلم الملايين العشرة!
وعندما قرأت خبر لقاء وفد أمريكى أحمد الشرع في دمشق وإلغاء مكافأة العشرة ملايين دولار قلت لنفسى ضاعت علي المكافأة.. وهنا عاد إليَ عقلي.. تكفيني سلامة مصر!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية