تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
منتخب طولان وأزمة «مو» صلاح!
الكتابة عن نظام كرة القدم فى مصر عبء ثقيل وسخيف ويوجع القلب، فنحن نتحدث عن سوء هذا النظام وبلادته منذ أكثر من ثلاثين سنة دون جدوي، ودون بارقة أمل فى إصلاحه، فالعلاقات والانتماءات والشللية والمحسوبية والمنافع الشخصية هى آليات العمل ودوافع القرارات إلا نادرا،
والكلام عن صناعة نظام كفء هو نوع من المشى على الماء أو السباحة فى الرمال أو ركوب سلحفاة فى سباق سيارات، وفوز مصر بأربع بطولات إفريقية خلال هذه الفترة، لا تستند إلى النظام بقدر ما تعبر عن قدرات فردية لشخصيات جادة، استطاعت أن تمرق من الِشبَاك والأفخاخ، مثل الكابتن سمير زاهر ومحمود الجوهرى وحسن شحاته، وعند غياب مثل هذه الكفاءات ترجع ريما لعادتها القديمة وتطفح العيوب والمثالب وتطيح بأى خطوات نأخذها إلى الأمام!
وسبب الكتابة، هذه المرة، لا يعود إلى خروجنا من كأس العرب بخفى حنين فحسب، ولا أحب استخدم عبارات سمعتها من رياضيين مثل خروج مهين، وعار..الخ، فالرياضة الحقة ليس فيه مثل هذه الأوصاف الملتهبة،
فأحسن فرق كرة القدم تخسر مباريات عجيبة وغريبة، مثلما خسرت بريطانيا «أيقونة اختراع اللعبة» من أمريكا فى كأس العالم 1950، ولم تكن أمريكا تعرف كيف تلعب كرة القدم وتأسس اتحادها بعد الاتحاد الإنجليزى بـ50 سنة، أو هزيمة البرازيل على ملعبها بسبعة أهداف من ألمانيا فى كأس العالم 2014، أو عدم تأهل إيطاليا إلى كأس العالم مرتين متتاليتين (2018 و2022) وهى قوى عظمى كروية لها أربع كؤوس والوصافة مرتان، وهى حاليا تقاتل فى ملحق التأهل، وقد تنجح وقد تفشل!!
الرياضة مكسب وخسارة، بشرط أن تكافح وتجد بشرف وتبذل اقصى طاقة، وهذه الشروط لم تتوافر فى معظم اللاعبين المختارين لمنتخب مصر الذى لعب فى كأس العرب.
هنا أتوقف عند تصريحات المدير الفنى حلمى طولان بعد الخسارة، وهو رجل احترم أدبه ودماثة أخلاقه، لكن تصريحاته لم تعجبني، فيها تناقض، فهو يحمل نفسه المسئولية، ثم يقذف بها فى وجه شخص واحد، أظنه رئيس رابطة الأندية المحترفة، الذى لم يوقف الدورى فلم ينضم إليه لاعبو بيراميدز،
لم أبلع هذه الأعذار،
فإذا كانت بيئة العمل رديئة أو فاسدة ولن تمكنه من تحقيق هدفه، فلا يقبل المسئولية تحت أى ظرف، كيف وافق وهو يدرك أن خاتمته محكومة بالفشل؟، كيف نفهم أن تفتح صدرك وأنت لا تتوقع نجاحا لأسباب كما تقول «خارجة عن إرادتك»؟!.
لن يقتنع المصريون بأسبابك، وأحزانهم ليست بسبب الخسارة، لكن بسبب الأداء والروح وطريقة اللعب، وهى عناصر لا تقل أهمية عن الموهبة والمهارات الفردية، بل أحيانا تتفوق عليها، وقد حدث أن فازت المانيا الغربية على المجر فى نهائى كأس العالم 1954، أى بعد دمار ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية وتمزيقها بتسع سنوات فقط، وكانت المجر أقوى فريق فى العالم فى ذلك الوقت، مهارات وأسماء لامعة، لكن روح الألمان كسبت مهارات السحرة المجريين!
وأسباب حلمى طولون كما أعلنها لا تخصه وحده للأسف، ولا تقتصر على الرياضة فقط، نسمعها كثيرا من مسئولين فشلوا فى إدارة مؤسسات وهيئات وشركات ووزارات، دائما يلقون بالإخفاق على «الشيطان الغائب»، مع أنهم هم الذين تسابقوا إلى المسئولية، بالرغم من علمهم بكل شيء عن بيئة العمل الذاهبين إليها، رضخوا لها باعتبارها «تكليفا لا يرفض»، وأكثرهم هم من أراقوا ماء الوجه بالواسطة والولاء والاتصالات والخدمات الخاصة ليصلوا إلى المنصب!
هذه واحدة من كبرى أزماتنا..
نترك منتخب حلمى طولان ونذهب إلى محمد صلاح، نجمنا الرائع اللامع فى ليفربول، والذى أكْسَبَ سمعة اللاعب المصرى فى بلاد الإنجليز والعالم أطنانا من الذهب والألماس، عقلية احترافية من الطراز الأول، قدرة فائقة على إدارة موهبته ومصالحه، فصعد إلى القمة وحافظ عليها لتسع سنوات من الدورى الإيطالى إلى الدورى الإنجليزي، وقد توقفت مليا أمام تصريحاته الغاضبة ضد مدربه وإدارة ناديه، ردا على جلوسه احتياطيا ثلاث مباريات متتالية، هذه تصريحات لا تمت لعقلية مو صلاح بأى صلة
إلا إذا..
فصلاح يعلم يقينا أن أى لاعب فى العالم مهما كان اسمه ومهاراته يمكن أن يجلس على دكة البدلاء، قد يتملل ويغضب ويتفوه ببعض الألفاظ، لكنه يفعلها داخليا دون أن يخرج على الملأ بتصريحات ضد المدرب والإدارة، فلا يوجد ناد كبير فى العالم يمكن أن ينحاز لنجمه على حساب مدربه مهما كانت الأسباب، ومثل هذه الاشتباكات تنتهى دوما بخسارة اللاعب إذا أصر على تصريحاته الغاضبة ولا يعتذر عنها!
وأتصور أن صلاح يدرك ذلك جيدا..
فقد عاش فى البيئة الرياضية الأوروبية 13 عاما بين سويسرا وإيطاليا وانجلترا، وهى فترة كافية ليتشرب التقاليد المعمول بها هناك، كما تابع قصص عشرات اللاعبين الذين دخلوا فى خلافات معلنة مع مدربيهم وإدارات أنديتهم، وما آلت إليه هذه الخلافات، أى أنه تعمد أن يطلق تصريحاته الغاضبة فى هذا التوقيت، ويعرف ماذا يريد وما هى النتائج التى يمكن أن يحصدها،
والسؤال:
هل هو يحاول أن يضع بنفسه نهاية الحكاية مع ليفربول، ولا يتركها لأرنى سلوت مديره الفنى ولا لإدارة ناديه؟
هل أراد أن يعلن للملأ أنه أجبر على هذه النهاية ولم يختارها؟، أتصور أن علاقته بمديره الفنى وإدارة ناديه وصلت إلى «مفترق طرق»، وهو لا يستطيع أن يتحمل الوقوف على ناصية الطريق ينتظر من يأخذ بيده إلى المحطة التالية..لا لن يرضى بذلك!
وكعادة صلاح خطط ونفذ وصرح، كى يمضى فى طريقه!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية