تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > نبيل عمر > معبر رفح وخيانة الجماعة!

معبر رفح وخيانة الجماعة!

كله إلا خيانة الوطن، فلا تسامح ولا غفران ولا نسيان ولا حتى تجاهل!

وقد نتساءل هل فعلتها الجماعة بالاتفاق مع «أجهزة التشغيل»، أو تطوعت من تلقاء نفسها بالخيانة؟،

أتصور أن خصومتها مع «مصر شعبا وحكومة» جعلها تسعى بملء إرادتها إلى المستنقع، ولا يمكن أن تكون دعوة قيادات فى الجماعة لإسرائيل بأن تحتل سيناء، تعبيرا عن غضب أو مشاعر سلبية أو فساد فى الرؤية فقط، المسألة أعقد بكثير، فلو حللنا الدعوة سنجد أنها جريمة مزدوجة، تحريض مباشر على الوطن، وتحريض ضمنى على تهجير أهل غزة قسريا إلى سيناء تحت الاحتلال، بوصفه الحل الأمثل لإسرائيل، فلماذا لا تعمل عليه؟،

طبعا الجماعة من فرط عدائها للوطن وخيانتها له، لم تع أن لمصر جيشا قادرا على حمايتها وشعبا ذا خصائص عميقة، وإن إسرائيل تدرك تماما هذه الحقائق، ويكفيها أن تستغل الإخوان فى تخفيف الضغط عليها، وبالمناسبة ليست الجماعة وحدها هى التى دعت إسرائيل إلى سيناء، فقد سبقها جماعات صهيونية متطرفة سياسية وشعبية، وكتابات فى مطبوعات تابعة لجيش الإبادة الإسرائيلي!

لكن إسرائيل مازالت أعقل من أن تسقط فى الفخ! .. هل هناك خيانة أكبر من الدعوة لاحتلال الوطن؟

طبعا هى استكمال لعبارة شهيرة قالها مرشد الإخوان الأسبق مهدى عاكف فى لحظة تجلى واعتراف نادرة: طز فى مصر وأبو مصر، فالإخوان لا يؤمنون بوطن، يؤمنون فقط بالجماعة ورغبتها فى السلطة!

لهذا ليس غريبا أن يتظاهر إخوان فلسطين أو بأدق إخوان إسرائيل من عرب 1948، أمام السفارة المصرية فى تل أبيب، اعتراضا على المجاعة التى تفترس حياة ما يقرب من مليونى فلسطينى فى غزة، دون أن يرفعوا علم فلسطين، ودون أن يشيروا إلى المجرمين الفعليين، كما لو أن معبر رفح من الجانب المصرى هو القضية الفلسطينية برمتها وهو المخلص للمجاعة، كأنهم لا يعرفون أن الذى فرض المجاعة «سلاحا» للتهجير هو بنيامين نيتانياهو وحكومته المتطرفة، وفيها إيتمار بن غفير وزير الأمن الإسرائيلى الأشد تطرفا ضد الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية، الذى منحهم ترخيص التظاهر أمام السفارة المصرية!

مؤكد أنهم يعرفون أن العالم أجمع ــ دولا ومؤسسات ــ أعلن بوضوح أن إسرائيل هى صانعة المجاعة والإبادة، وبالرغم من هذا أدخلوا مصر بالإكراه فى جملة غير مفيدة، دفاعا عن إسرائيل!

وكالعادة تزامن مع الدعوة والتظاهرات حملة تشويه مسعورة على شبكات التواصل الاجتماعى ضد مصر وقيادتها، ولم أتوقف عندها ولم أهتم بها، فتعليقات المصريين على هذه المواقع والصفحات ردت غيبة مصر وزيادة، فالمصريون ليسوا بُلهًا، والمعبر مفتوح 24 ساعة، لكن إسرائيل المتحكمة فى الجانب الآخر من المعبر، خاصة بعد احتلال ممر فيلادلفيا، هى التى تمنع عبور المساعدات الإنسانية، ولا يمكن إدخالها دون تنسيق معها!

لكن ما توقفت عنده تصريحات لمعارض مصري، والمعارضة حق دستورى لا يجوز التنازل عنه أو التفريط فيه، وقد خذلتنى عباراته، وكانت تعليقا على تصعيد الإدارة المصرية من لهجتها ضد جرائم إسرائيل فى غزة، إذ قال: «كل السيناريوهات باتت مؤلمة ومكلفة، وأطالب السلطة المصرية بإدراك أن أى مواجهة قادمة مع إسرائيل ستكون مدعومة من مختلف قوى الشعب المصرى وتياراته، على الرغم من التباينات الداخلية»!

الجزء الأخير من التصريحات ليس اكتشافا ولا كرما منه،، فالمصريون دائما فى مواجهة الخطر أمة واحدة موحدة أما العبارة الاستهلالية عن «المواجهة القادمة مع إسرائيل»، فهى أشبه بالدعوة إلى الحرب.

وقد يتصور البعض أن قرار الحرب يمكن أن يتخذ تحت ضغط الألم والغضب ومشاهد الدم والتجويع، وان عدم اللجوء إليه هو تخاذل وفرار، وهؤلاء، من باب الخبث وفساد الطوية أو من باب السذاجة المعرفية، لا يسألون السؤال الصحيح: متى تحارب الدول؟

لا تدخل الدول الواعية حربا دون أن تحدد أهدافها الاستراتيجية، وتدير معاركها عسكريا وسياسيا حسب مخطط عام لها، حتى لا تعصف بها أحداث وإجراءات لم تعمل حسابها!

والأهم أن تقيس قوتها الشاملة، وتحشدها، وهى ليست إمكانات عسكرية فقط بما فيها تعويض الخسائر، وإنما هى مزيج متكامل من تماسك الجبهة الداخلية، وقدرة الاقتصاد على تحمل أعباء الحرب لفترات متوقعة، الأوضاع الإقليمية وتأثيرها على مسار الحرب، الموقف الدولى والأعضاء فى مجلس الأمن..الخ.

فماذا تفعل مصر بمفردها فى بيئة إقليمية كلها حقول ألغام سياسية واقتصادية وأهداف متناقضة وبعض قراراتها الحاسمة من خارجها، وبيئة دولية تحكمها الولايات المتحدة التى تضمن أمن إسرائيل تماما وتدعمها حتى فى جرائمها ضد الإنسانية؟، بينما روسيا التى كانت يوما قوة عظمى قد تورطت فى حرب استنزاف طويلة فى أوكرانيا، والصين تستبعد نفسها من أى نزاعات دولية خارج أمنها المباشر، وتصب طاقاتها فى مشروعها الاقتصادى والعلمى الذى أنهت به فقرا عاش فيه شعبها قرونا، ولن تنحرف عنه إلا ضد تهديد مباشر لها فى بحر الصين أو فى تايوان، ومساندتها لروسيا جزء من دفاعها عن هذا المشروع، فهى تدرك أن هزيمة روسيا تعنى أنها ستحل هدفا مركزيا للغرب فى اليوم التالي.

نعم نحن ــ المصريين ــ نتوجع ونتألم مع الفلسطينيين، وفقدنا جزءا من طعم الحياة من جراء ما يحدث لهم وفيهم من جرائم ، لكن إذا تأملنا خريطة العالم فسنجد مصر محاطة بدوائر نار من كل جانب، فصارت مثل لاعب سيرك يمشى على حبل مشدود، ترتبط سلامته بأن يحافظ على توازنه طوال الوقت، ومصر ليست فى حاجة للدفاع عن مواقفها من القضايا العربية والفلسطينية، فلها تاريخ معروف ومسجل لن يستطيع أن يشوهه الصغار والخونة!

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية