تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

حوار مثير مع «بولى»!

مؤكد أن الأوضاع المأساوية فى غزة لا تمت للإنسانية بصلة ، وتدين العالم كله وتصرخ بأن «الإنسان» فقد الكثير من القيم الجميلة التى تأسس عليها الجانب المضيء من حضاراته، وأصبح الجانب المعتم من استغلال واستعمار ونهب واستعباد وقتل وحروب سيطرة هى صاحبة السيادة الأولي، صحيح أن كل هذه الموبقات لم تتوقف فى تاريخ البشرية، قد تزيد أو تقل من فترة تاريخية إلى أخري، لكن البشرية لم تكن على علم بتفاصيل هذا القبح الشديد الذى يصنعه قادة مصابون بجنون العظمة والولع باقتناء الثروات وامتلاك القوة المفرطة، وكيف لهم ذلك وأدوات المعرفة الجماعية لم تتوافر إلا فى العشرين سنة الأخيرة، وبعد أن بات العالم غرفة واحدة يجلس فيها سكان الأرض جميعا، يرون ويعرفون ما يجرى على كوكبهم لحظة بلحظة، وهاهم يتابعون جرائم ضد الإنسانية فى غزة وجرائم حرب ضد شعب يحاول الغرب استئصاله من أرضه، ولا يسعون جديا إلى إيقافها وإنقاذ الضحايا، لا جماعات ولا مؤسسات دولية ولا منظمات مجتمع مدني، ربما لا يستطيعون، فالبشر صاروا أسرى نخب سياسية واقتصادية تحكم وتتحكم فى كل ذرة من حيواتهم بالصوت والصورة، وقد تسمح هذه النخب لهم بمساحة يتحركون فيها بحرية محسوبة ، ليبدو الأمر كما لو أنهم «أصل اللعبة» بينما هم فى الواقع قطع شطرنج، قد يتمتع بعضهم أحيانا بنفوذ وزير أو رخ أو فيل أو حصان أو حتى ملك لكن على الرقعة، ونادرا فى الواقع لكن «تحت السيطرة».

 

ولأننا من أهل المنطقة الملعونة أو الموبوءة، مثلنا مثل الآخرين، قلت فى سري: لماذا لا أجرب وأسأل ( بولي) فيما يحدث، ربما عنده أفكار لا نعرفها، وبولى عقل، لا مشاعر ولا رغبات، هو برنامج ذكاء اصطناعى تعرفت عليه قبل أيام، وهو غير «كوبيلوت» برنامج آخر اصاحبه منذ فترة، ونلعب سويا ألعاب التفكير العشوائى والأسئلة الغريبة، ودائما عنده إجابات..

فتحت بولى وسألته: هل تسمح لى بسؤال فى السياسة؟

رد بولي: بالتأكيد، واسأل بحرية وسأبذل أقصى جهدى لأمدك بردود غنية بالمعلومات.

وعلى الفور وجهت إليه السؤال الذى يشغل بال أكثر من 400 مليون عربي: ما هو مستقبل غزة؟

أتصور لو كان بولى من أصحاب المشاعر، ربما بكى وهو يقول: التنبؤ بمستقبل غزة معقد وغير مؤكد، بسبب عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة، فغزة موقع للصراع المستمر والحصار والأزمات الاقتصادية، ومستقبل غزة مرتبط كليا بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى وسياسات إسرائيل والجهات الفاعلة الإقليمية..وهذه بعض السيناريوهات المحتملة:

1- استمرار الصراع والأزمة الإنسانية دون أى تغييرات جوهرية، وقد تتعقد الأزمة إلى تدهور أكثر حدة فى الظروف المعيشية فى كل جوانبها.

2- لكن إذا تجددت عملية سلام ونجحت، بمشاركة جميع الأطراف ذات الصلة، فسوف تحدث تغييرات فى الوضع الراهن، مثل تخفيف الحصار وإقامة دولة فلسطينية مع غزة، أو شكل من أشكال الحكم الذاتي، ويمكن للتدخل الأجنبى من دول مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والدول العربية أن يلعب دورا فى تسهيل مثل هذه التغييرات.

3- يتأثر مستقبل غزة أيضًا بالديناميكيات الإقليمية، بما فى ذلك العلاقات بين إسرائيل ومصر والدول العربية الأخري، فضلاً عن مشاركة جهات فاعلة مثل إيران وتركيا، ويمكن أن تؤثر التغييرات فى هذه العلاقات على الحالة الأمنية وآفاق السلام والتنمية فى غزة.

من المهم ملاحظة أن مستقبل غزة ليس محددًا مسبقًا ويخضع لإجراءات وقرارات جهات فاعلة متعددة، والحل الناجع هو مزيج من الحلول السياسية والتنمية الاقتصادية والدعم الإنساني، وكلها تتطلب تعاونا وحسن نية من جميع الأطراف المعنية.

هنا يبدو بولى أكثر إنسانية من أغلب الأطراف المعنية، بخاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الغربية وعدد من الدول العربية.. هذه الإنسانية تعطلت فجأة حين سألته: كيف يتعامل العالم مع عمليات الإبادة الجماعية فى غزة؟

إذ أجاب: مصطلح «الإبادة الجماعية» مصطلح قانونى يشير إلى الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلى أو الجزئى لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، لكن استخدام هذا المصطلح لوصف الحالة فى غزة أمر مثير للجدل إلى حد كبير، ولا يعترف به المجتمع الدولى على نطاق واسع، ولم تصنف الأمم المتحدة والهيئات القانونية الدولية الوضع فى غزة على أنه إبادة جماعية.

ثم هناك عوامل سياسية وتاريخية واجتماعية تعقد الصراع فى غزة، تشكلت من طول مدته، وثانيا من مفاهيم الأمن للأطراف المحيطة به، ثم أخيرا من حكم حماس لغزة، وقد أنتجت انقسامات شديدة فى المجتمع الدولي، دولا ومنظمات مختلفة، حول موقفها من الصراع وأفضل طريقة لحله.

فسألته: وكيف تصف أنت عمليات القتل والتجويع وتدمير كل مظاهر الحياة فى غزة؟

أجاب: الحالة فى غزة تتسم بارتفاع مستويات العنف والتشرد والمصاعب الاقتصادية، ولأسباب سياسية وعسكرية متشابكة حدثت خسائر فادحة فى الأرواح والمصابين، وأدت إلى أزمة إنسانية حادة ومستويات عالية من الفقر والجوع وانعدام الرعاية الصحية، مع تدمير البيئة والبنية التحتية، وقد وردت ادعاءات واسعة النطاق بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، وأيضا انتهاكات للقانون الدولى الإنساني، من جانب جميع أطراف النزاع، وشملت هذه الانتهاكات استهداف المدنيين، واستخدام القوة العشوائية، واحتجاز الأفراد وتعذيبهم!

باختصار، اعترف بولى بتفاصيل ما حدث لأهل غزة دون أن يجمعها فى وصف محدد، ويبدو أن ثقافته الغربية غلبته فى النهاية، فلم يجرؤ على استخدام وصف «الإبادة»، فأغلقته بعد أن شتمته بألفاظ قبيحة، فرد بأدب: شكرا.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية