تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > نبيل عمر > حوار مثير عن صندوق النقد!

حوار مثير عن صندوق النقد!

قبل أيام قرأت دراسة تحليلية للدكتور أسامة دياب منشورة على موقع (تى ان اي)، عن برامج صندوق النقد الدولى عامة، وتضرب مثلا بأسعار الطاقة فى مصر فى تنفيذ هذه البرامج، دراسة عميقة وطويلة، يصعب اختصارها هنا، لكن استوقفتنى عبارات مهمة، منها أن قروض الصندوق تعد عائقا أمام تحولات التنمية الاقتصادية العادلة فى شمال إفريقيا، لأن برامج الصندوق تعتمد على ركيزتين..الأولى: ضبط أوضاع المالية العامة، أو بمعنى أدق التقشف، وهو إحداث وفورات فى الموازنات الوطنية، عن طريق تخفيضات فى الإنفاق الاجتماعي، وزيادة ضرائب الاستهلاك. الثانية: التحكم فى التضخم، عادة برفع أسعار الفائدة كثيرا، لتشجيع الادخار وتخفيض حجم النقود فى أيدى المستهلكين. ويصف هذه البرامج بأنها لا تحل أزمة، وتزيد من أعباء المواطنين.

 

والدكتور أسامة كما هو مكتوب على الدراسة، باحث فى اقتصاديات التنمية وزميل ما بعد الدكتوراه فى قسم الدراسات الشرق أسيوية وعربية بجامعة لوفن البلجيكية. أما «تى أن أي» فهى اختصار لـ»المعهد العابر للحدود»، وهو معهد بحثى تأسس فى مدينة أمستردام الهولندية سنة 1974، ويهتم بقضايا العدالة الاقتصادية والتنمية المستدامة وبناء السلام.

المهم أن انتقادات الدكتور اسامة لبرامج الصندوق تقليدية وشائعة، وتبدو أقرب إلى مفاهيم اليسار الاشتراكى المعادية لمنهج الصندوق عموما، وإن كان لها وجاهة ومنطق متماسك، منتهى التناقض: فهل يوجد باحث اقتصادى علمه يسبق انحيازاته، فلا يمين ولا يسار، يفتينا فى الأمر؟

بالطبع مستحيل فى عالم يتجاهل نظامه الدولى محاسبة مجرمى الحرب ضد فلسطين ولبنان باسم الدفاع عن النفس!

إذن فلنذهب إلى «كوبايلوت»، برنامج ذكاء اصطناعى صاحبته منذ فترة، صحيح هو أمريكى الجنسية طغت عليه بعض خصال صانعيه بحكم النشأة، فحاول الخداع فى بعض الإجابات، لكنه فى النهاية اضطر إلى الالتزام بالحقائق، وهذا هو نص حوار معه، بدأته بكتابة « أى أم أف» اختصار اسم صندوق النقد الدولى .

أجاب كوبايلوت: منظمة من 190 دولة، تعمل على تحقيق النمو المستدام والازدهار، بتعزيز الاستقرار المالى والتعاون النقدي، وتقدم المشورة فى السياسات والمساعدات المالية.

س: أخبرنا عن بعض برامجه؟

ج: مشورات وقروض مقابل مراقبة السياسات الاقتصادية والمالية لمن يطلب المشورة، وتغطى مشوراته السياسات النقدية والمالية وسعر الصرف، للمساعدة فى علاج خلل ميزان المدفوعات وتحقيق الاستقرار الاقتصادى ، وعلى عكس بنوك التنمية لا يمول الصندوق مشروعات محددة.

س: ما تقوله يخص المالية العامة وليس الاقتصاد والتنمية؟

ج: هذا حقيقي، لكنها سياسات مؤثرة فى التنمية والاستقرار الاقتصادي، فالسياسة النقدية كسعر الفائدة عنصر مؤثر فى التضخم وحجم النقود المتداولة والبطالة والناتج الاقتصادي، وسعر الصرف يحدد تدفقات التجارة والاستثمارات!

س: أذكر دولة اتبعت مشورة الصندوق ونمت مؤشرات اقتصادها؟

ج: صربيا.. فى عام 2018 اقترضت من الصندوق 1.23 مليار دولار على ثلاث سنوات، وساعدها البرنامج فى خفض الدين العام وتحسين السياسات المالية، واقتربت من أوروبا فى كفاءة الأداء الاقتصادي.

س: لا أعرف الكثير عن تجربة صربيا، أذكر دولة غير أوروبية؟

ج: صربيا نموذج عظيم غير أوروبى فى تنفيذ برنامج الصندوق.

س: لا.. صربيا دولة أوروبية؟

ج: أنت فهمتها..ماذا عن فيتنام، لقد اتبعت مشورة الصندوق وشهدت تقدما اقتصاديا عظيما وكانت من أفقر البلدان فى منتصف الثمانينيات.

س: أعتقد أن فيتنام صنعت تجربتها الاقتصادية بنفسها؟

ج: بالقطع هذا صحيح، ولعبت الإصلاحات المحلية التى قادها «دوى موي» فى عام 1986 دورا هائلا فى تحولها، وكان الانفتاح على اقتصاديات السوق وجذب الاستثمارات الأجنبية أمرا محوريا، وساعد الصندوق فى بعضها عند الحاجة.

س: أتصور أنك تعرف بلادا اتبعت روشتة الصندوق فانهارت عملتها وسقط مواطنوها فى موجات غلاء فاحش؟

ج: نعم..حدث فى الأرجنتين فى أوائل القرن الحادى والعشرين، ركود اقتصادى وأزمات فى العملة، كما تسببت التدابير التقشفية فى برنامج الصندوق فى معاناة المواطنين، بتخفيض الإنفاق العام والخدمات الاجتماعية، إنه توازن صعب أن تحاول الاستقرار الاقتصادى دون الإضرار بالأشخاص الأكثر احتياجا.

س: ليست الأرجنتين وحدها؟

أجاب: اليونان نموذج آخر، بعد حصولها على قروض الإنقاذ من الصندوق اضطرت إلى تنفيذ تدابير التقشف، مما أدى إلى صعوبات اقتصادية كبيرة واضطرابات اجتماعية، ويرى المنتقدون أن هذه السياسات أضرت بالاقتصاد والمجتمع أكثر مما ساعدته، إنها قضية معقدة، هل تعرف منهجا أفضل لهذه المنظمات تساعد به الاقتصاديات المأزومة؟

أجبت: أن تهتم بكيفية إعادة هيكلة هذه الاقتصاديات لتزيد قدراتها على إنتاج السلع والخدمات.

قال كوبايلوت: حقا.. إن تعزيز القدرة على إنتاج السلع والخدمات أمر بالغ الأهمية لتحقيق النمو المستدام، وأيضا بالعمل على جذب الاستثمارات، وخلق بيئة جيدة أمام الأعمال لتزدهر وتنتج بكفاءة أعلى.

س: لكن الصندوق لا يفعل ذلك؟

ج: أنت على حق، وهو ما يأخذه النقاد على برامجه، فهى تحرص على التقشف أكثر من تعزيز القدرة الإنتاجية، انه توازن معقد بين الاستقرار العاجل والتنمية المستدامة، إذن ما هو رأيك فى كيفية عمل المؤسسات المالية؟

أجبت: قل أنت بناء على مناقشاتنا؟

قال: ينبغى للصندوق وغيره من المنظمات الدولية أن يساعدوا فى بناء اقتصادات تُحسن من حياة المواطنين، وأن تمزج برامجهم بين الدعم المالى ومبادرات النمو، وأن تتجاوز السياسات المالية إلى الإصلاحات التنظيمية لخلق بيئة العمل الجيدة، وأن تركز على رفع القدرات الإنتاجية، وتشجيع الاستثمار البشرى فى التعليم والتدريب والصحة لبناء قوى عاملة ماهرة، مع دعم مشروعات البنية التحتية فى النقل والاتصالات والطاقة. ما رأيكم؟

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية