تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
القانون الحائر بين التوكتوك وحدائق الأهرام والقبة!
أول أيام الأسبوع بين الظهر والعصر، اصطَفَفْتُ خلف طابور طويل من السيارات العابرة ميدان حدائق القبة، يبدو أن لجنة مرورية تفتش على التراخيص، الميدان والكوبرى من أزحم مناطق القاهرة، مفترق طرق بين الحى ومصر الجديدة ومدينة نصر والشرابية والزاوية الحمراء، كما يربطا شرق القاهرة بكوبرى تحيا مصر إلى طريق الإسكندرية الصحراوي، سألنى رجل المرور: رخصك لو سمحت؟
ابتسمت قائلا: أنا مواطن صالح وأطلب المعاملة بالمثل.
نظر إلىَّ رجل المرور متعجبا مستفهما، وقبل أن يغضب، أشرت إلى توكتوك أسرع دون أن يوقفه أو يسأله أحد..تجاهل رجل المرور مغزى كلامي، أخرجت رُخَصي، أعادها، ثم مضيت إلى حال سبيلي.
بعد يومين وقفت فى إشارة، كنا وقت ذروة، فأتى توكتوك من خلفى عكس الاتجاه، وتجاوز الاصطفاف، استنجدت بأمين الشرطة: لماذا تسكت عليه، وقد جر خلفه سربا من التكاتك المخالفة؟!
ضحك أمين الشرطة، ولم يرد.
مؤكد أن أغلبنا أو كلنا من ساكنى المدن والمراكز والأحياء القديمة ولا يعيشون فى «الكومباوندات» مروا بهذه التجارب مع التكاتك ويعانون منها الأمرين، وقطعا لسنا مع قطع الأرزاق، ونحترم أن هذه التكاتك تصرف على ملايين الأسر وأنقذت عوائلها من البطالة والانحراف المباشر، لكن يلح السؤال: هل أكل العيش والفوضى متلازمان؟، ألا يمكن أن تعمل التكاتك وفق النظام والقانون، إذ يقدر عددها بـ ثلاثة ملايين توكتوك فى كل أنحاء البلاد حسب أرقام منشورة فى الصحف؟، هل عيارها فلت إلى الدرجة التى يستحيل أن يقترب منها القانون؟
المهم بعد يومين ثلاثة وجدت رسالة على الواتساب، من جبهة الدفاع عن الصحفيين، وهى مجموعة مكونة من 178 صحفيا مهتمة بشئون الصحافة والصحفيين أسسها عضو سابق فى مجلس النقابة.. الرسالة ذات عنوان ساخن «أهالى حدائق الأهرام يستغيثون بـ«.......»: مافيا البناء تغتال أرواحنا، المقاولون يستغلون قانون التصالح ويبنون أدوارا مخالفة تهدد أرواح الأهالي.
تشى الرسالة بأن نُسخا منها أرسلت إلى كل من يهمه الأمر فى مصر بلا استثناء، ويبدو من مضمونها أن المخالفات ( تنتصب) فى وقاحة متعمدة مع سبق الاصرار والترصد فى الحدائق الأهرامية، فالمتر فى أى شقة الآن يباع ما بين عشرة إلى عشرين ألف جنيه، وهو سعر يغرى على ارتكاب أى مخالفات، لاسيما على أرض مشتراة من عشرات السنين برخص التراب. تقول أول سطور الاستغاثة الموجهة إلى محافظ الجيزة: سبق وتقدمنا بهذه الشكوى 3 مرات ضد المقاول صاحب العقار الواقع فى شارع 15 البوابة الأولى، لقيامه ببناء دورين مخالفين أعلى العقار، وتفضلتم بإزالة المخالفات مرتين (طبعا لم تزل كلها وإنما 50 % منها فقط)، لكن المقاول عاد للمرة الثالثة، ويدشن حاليا مواد البناء، واضعا حوائط وحواجز حديدية معدة ومجهزة مسبقا، ليسهل عليه وضع سقف خشبى معد سلفا، ثم يستكمل المبانى الحقيقية داخل هذه المبانى الوهمية حين تتاح له الفرصة.
من الطبيعى أن يتوقف المرء عند عبارة (تفضلتم بالإزالة مرتين لكن المقاول عاد للمرة الثالثة)، فلها مليون معنى مخرب لأى تنمية وعمل جاد ، وإلا ماذا نفهم من مقاول يخرج لسانه للقانون ويتصرف، وكأن النظام العام من إدارة ولوائح وإجراءات عاجز عن ردعه وإجباره على احترام القانون، ولن يعوقه عن الفرار بغنيمته، وأى عقبات حالية هى مسألة وقت وتفتيح دماغ!.
كيف يضمن هذا؟
شخصيا خضت تجربة خاسرة، فى عقار بنته هيئة الأوقاف على شكل حدوة حصان، 253 شقة على برجين متماثلين «أ وب»، فى شارع امتداد ولى العهد بحدائق القبة، أسفله جراج، وبالرغم من القانون وأوامرالحكومة وتشددها، تحول نصف جراج البرج الجنوبى إلى نشاط تجارى وظل نصف جراج البرج الشمالى على حاله ومازال، كيف حدث هذا؟، بتقرير من لجنة هندسية مختوم بخاتم النسر، أن «الجراج» الجنوبي، لا يصلح لمهمته بسبب تداخل الأعمدة وضيق الممرات، مع أنه صورة طبق الأصل من نصفه الشمالي، بنفس الأعمدة والممرات، والذى أجاد فى مهمته واشتغل جراجا، وبالفعل أجريت المصالحة التى صدر قانونها فى 2020 على مخالفة ارتكبت قبل ست سنوات، على أساس أنها مازالت موجودة، مع أن الحى أزالها تماما فى حينها، لكن شطارة تستيف الورق أهم من الواقع والحقيقة!
وطبعا اختفى الجراج وحل محله سوبر ماركت كبير، وماتت كمدا محاولات السكان ولجان جاءت ولجان ذهبت، وعشرات الشكاوى إلى طوب الأرض، ومعها حكم ابتدائى واجب النفاذ من القضائى الإدارى بعودة الحال إلى ما كان عليه، فأحكام القضاء الإدارى لا يوقفها استئناف أو استشكال، ولهذا عاد مالك الجراج ليبنى حاليا مجموعة محال فى الشارع الفاصل بين البرج الجنوبى والمبانى المجاورة، مدعيا أن الشارع وطوله نحو 60 مترا، وعرضه ستة أمتار، وينتهى إلى باب خلفى لمدرسة النقراشى الثانوية، جزء من الجراج حسب قرار التصالح مع محافظة القاهرة، وهَبَّ الحى وهدم بعض البناء وأوقفه، لكن المواد مازالت تسد الشارع وتغلقه إلا قليلا، المدهش أن مالك الجراج ومعه ثلاث شخصيات ذات حيثية ذهبوا إلى رئيس الحى يتهمونه بمخالفة القانون واضطهاد «صاحب الجراج» الطيب.
باختصار أحذر سكان حدائق الأهرام أن المقاول سوف يأتى بتقرير هندسي، وقد لا يحتاجه، مكتفيا ببقايا الإزالة القديمة باعتبارها مخالفة سارية يتصالح عليها، مستعينا بالوقت والصبر وأشياء أخرى.
قد يسأل أحدكم: ما علاقة الشامى بالمغربي؟، أى التكتوك بقانون التصالح فى مخالفات البناء!
التوكتوك يعمل بلا قانون، وقانون التصالح أو المصالح يفسد القانون!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية