تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > نبيل عمر > إسرائيل لم تلحق بالقطار!

إسرائيل لم تلحق بالقطار!

حلت مخاوف وتصاعدت شكوك وقفزت تساؤلات عن زيارة إيلون ماسك لإسرائيل، لو كان ماسك مليارديرا فقط، ما اهتم احد، لكنه صاحب منصة «إكس»، التى حَمَلَ عليها أصحاب الضمائر الحية «جرائم إسرائيل ضد الإنسانية» فى غزة بالصوت والصورة والرأى والتعليق، فتحولت إلى وثائق إدانة لإسرائيل أمام الرأى العام!

 

فهل يمكن أن يغير ماسك سياسة المنصة بعد أن اتهموه بمعاداة السامية وحذفت كبرى الشركات الأمريكية إعلاناتها منها، أو يوقف نشر ما يناهض حرب الإبادة فى غزة أو يتوسع فى نشر تبريراتها باسم الدفاع عن النفس كما فعل الرئيس الأمريكى جو بادين وحلفاؤه الأوروبيون؟

هل يتراجع الحس الشعبى العالمى الذى تشكل مؤخرا عن دعم أهل غزة ضد الهمجية الإسرائيلية؟، وكان السؤال منطقيا والعالم يشاهد ماسك وهو يتجول بصحبة نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل فى «مستعمرات» غلاف غزة التى هاجمتها حماس فى 7 أكتوبر، ويقف متأملا سرير طفل أُعد بعناية وتناثرت عليه رصاصات حية كأنه موقع تصوير فني، وأيضا وهو يصف حماس أمام الرئيس الإسرائيلي: لأنهم تغذوا بالدعايات المضادة منذ كانوا أطفالا، فاعتقدوا أن قتل الأبرياء هو أمر جيد! لم تمض سوى 24 ساعة حتى أعلنت مئات الصفحات على «إكس» ان إدارة المنصة أنذرتها بتعديل المحتوى الذى يفضح جرائم إسرائيل!

لكن ظلت ملايين التعليقات المدافعة عن فلسطين تمضى فى طريقها دون تردد. قبلها بأيام ذاعت حكاية «هارفارد لو ريفيو» وهى مجلة قانونية على الإنترنت ذات سمعة علمية رصينة، طلب اثنان من محرريها مقالا عن حرب غزة من باحث فلسطينى مرموق هو (ربيع إجبارية) الذى يدرس الدكتوراة بكلية الحقوق جامعة هارفارد، فكتبه من ألفى كلمة مفسرا الإطار القانونى لمصطلح «الإبادة الجماعية» وما ترتكبه إسرائيل فى غزة، وخضع المقال لإجراءات قياسية فى التقييم، وصلت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس التحرير، انتهت إلى قرار غير مسبوق فى تاريخها وهو رفض نشر المقال، بالمخالفة لكل قيم الحرية الأكاديمية. واعترف بعض المحررين بأن المقال كان ممتازا، والرفض جاء خوفا من رد فعل المنظمات والمؤسسات المؤيدة لإسرائيل، والتى تمنح الجامعة والمجلة ملايين الدولارات سنويا، وقد تقطع هذه المنح وتشهر بمحررى المجلة بلصق أسمائهم وصورهم على شاحنات إعلانية حول الحرم الجامعى بأنهم من أنصار حماس، كما حدث مع طلبة تظاهروا من أجل فلسطين وكتبوا عنها.

لكن صحيفة «ذا ناشيونال» نشرت المقال، تحت عنوان (المقال الذى رفضت «هارفارد لو ريفيو» نشره حول الإبادة الجماعية فى غزة). زيارة ماسك ورفض المقال ومئات الأعمال المشابهة كانت محاولات لصد «طوفان» التأييد الشعبى لفسطين، ولم تؤت ثمارا، كانت اشبه بمسافر وصل إلى محطة القطار بعد أن غادر الرصيف، ولم يعد بإمكانه اللحاق به.

فعلا البيئة العالمية تغيرت، بعد أن عبرت جرائم إسرائيل حدود الدولة الصهيوينة، حتى أثرت على اليهود أنفسهم فى كثير من دول العالم، فى بريطانيا مثلا أصل البلاء الفلسطيني، كتب موقع «چويش إنسايدر» عنها مقالا بعنوان «فى لندن يختبئ اليهود من الجميع»، يرصد تحول بريطانيا عموما، ولندن تحديدا إلى مدينة لا ترحب باليهود، أما مؤسسة «سى اس تي» وهى منظمة مدنية تدافع عن يهود بريطانيا، فقد سجلت أكثر من 800 حادثة منذ حرب غزة، اعتداءات شخصية، تخريب ممتلكات وإساءات عبر الإنترنت، وصفتها «بمعاداة السامية»، وهو رقم يزيد 689% على ما سجلته عن الفترة نفسها من العام الماضي، وأكد بحث آخر إن 12% من البالغين فى بريطانيا يكنون كراهية تجاه إسرائيل، و56% آخرين يحملون على الأقل فكرة معادية لها، فى الوقت الذى تخرج فيه المظاهرات المؤيدة لفلسطين فى مناطق متفرقة. من هؤلاء المؤيدين لفلسطين «جاى بالفري» شاب فى العشرينات، نشر فيديو مثيرا على اليوتيوب، يقول فيه ريشى سوناك رئيس وزراء بريطانيا: نحن نقف إلى جانب إسرائيل، المملكة المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل ضد هذا الإرهاب، فيرد عليه: كيف تجرؤ أن تقولها دون تصويت من الشعب، نحن لا نقف مع إسرائيل، نحن نقف إلى جانب فلسطين ضد القمع والظلم، ولن نتوقف إلا بعد أن تتحرر. التقطت صحيفة هَآرتس هذه التغيرات، وكتب شيمون شتاين مقالا بعنوان «يهود الشتات رهائن لتصرفات إسرائيل»، يستعرض فيه المظاهرات الضخمة المناهضة لإسرائيل، وموجة معاداة السامية المتصاعدة فى العالم، ويقول إن «اليهود الألمان، بسبب سياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية، أصبحوا كيس ملاكمة لأى شخص يشعر بالفزع من تصرفات إسرائيل، والحقيقة أن نحو خمس سكان أوروبا الغربية لديهم تحيزات معادية للسامية، حتى ان أعدادا من اليهود لا يرتدون رموزا يهودية كالكيبوت ونجمة داود، وينصح الكاتب إسرائيل بأن تتصرف بأقصى درجة من الحذر، حتى لا تتسبب فى مزيد من الضرر لليهود فى العالم.

باختصار صنعت الحرب الإجرامية على غزة انقساما فى الغرب، حركة شعبية تؤيد فلسطين مقابل نخب حاكمة تدعم إسرائيل، وقد تظهر تداعيات هذا الانقسام فى صندوق الانتخابات قريبا، وبالتالى فى مراكز صناعة القرار، أما الدعم الأمريكى فهو صلد، ليس بسبب جماعات الضغط اليهودية القوية، لكن بسبب ضغوط المسيحية الصهيونية، التى يؤمن بها عشرات الملايين من الإنجيليين الأمريكان.

دورنا الآن، منظمات مجتمع مدنى وأفرادا ألا نسمح لإسرائيل بأن تلحق بقطار الرأى العام العالمى فى أى محطة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية