تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > نبيل عمر > إسرائيل تعيد اليهود إلى المربع صفر!

إسرائيل تعيد اليهود إلى المربع صفر!

يبدو أن إسرائيل بجرائمها ضد الإنسانية فى غزة قد أعادت يهود العالم إلى المربع صفر، إلى الصورة الذهنية القديمة التى ترسخت فى أذهان سكان كوكب الأرض من قديم الزمان، وكادت تندثر ويحل محلها ثقافة جديدة، نابعة من أمرين، ما تعرض له اليهود من اضطهاد وعنصرية فى أوروبا، خاصة على يد النازيين، وتَمّيُز اليهود من إنجليز وأمريكان وفرنسيين وغيرهم، وإسهامهم فى حضارة العصر الحديث بعلماء وأطباء ومفكرين حصلوا على أكثر من مئة جائزة نوبل فى القرن العشرين، ومبدئيا نحن المصريين، مسلمين ومسيحيين لا سجل لنا فى عداوة اليهود منذ خروجهم الأول فى عصر فرعون من مصر، وفرعون اسم ملك هكسوسي، وليس لقبا لـ«ملوك مصر القديمة» كما هو شائع شعبيا وإعلاميا، والهكسوس احتلوا مصر سنة 1560 قبل الميلاد، وأسسوا مملكة فى شرق الدلتا، ولا يوجد دليل واحد على جدران المعابد المصرية كلها أو من الكتابات الهيروغليفية على لقب «الفرعون»، فهو لم يذكر نهائيا، كما أن القرآن الكريم يتحدث عن الأشخاص بأسمائهم وليس بما يطلق عليهم مثل قارون وهامان..إلخ.

 

باختصار لا يمكن أن نكون معادين للسامية بأى شكل من الأشكال، ليس لأننا ساميون، ولكن لأننا أحفاد حضارة عظيمة فى القيم الإنسانية أهمها العدالة.

نعود إلى إسرائيل  التى أحيت «صورا ذهنية» عن اليهود بما ترتكبه من جرائم وحشية، ربما تتفوق فى جرائمها على ربيبتها القديمة بريطانيا بما فعلته فى مستعمراتها القديمة، الهند والصين وغيرهما، وربيبتها الحديثة أمريكا بما فعلته فى اليابان وفيتنام والعراق وغيرها، والمدهش أن إسرائيل عايرت أمريكا وبريطانيا بأفعالهما فى اليابان وألمانيا، ردا على تصريحات تدعوها إلى تخفيف جرائمها ضد المدنيين الفلسطينيين.

وعن عودة هذه الصور إلى أذهان العالم كتب «بيرت ستيفنز» مقالا مؤثرا فى نيويورك تايمز بعنوان « لماذا لا أستطيع التوقف عن الكتابة عن 7 أكتوبر»، نشره بعد  73 يوما من حرب إسرائيل على غزة، سفكت فيها دماء ما يقرب من عشرين ألف فلسطيني، أغلبهم أطفال ونساء، وأصابت 50 ألفا آخرين، ودمرت أكثر من 70% من مبانيها بما فيها المستشفيات والمدارس ومؤسسات الإغاثة، ويستهل مقاله بحكاية عن أمه، إذ كانت تتابع لقطات لطالب يهودى حاول أن يلتقط صور متظاهرين مناهضين لإسرائيل فى جامعة هارفارد، فتعرض للسخرية والتنمر، وقالت له أمه تعليقا على الحادث: لقد ولدت مختبئة، ولا أريد أن أموت مختبئة. الأم ولدت فى ميلانو بإيطاليا سنة 1940، من عائلة يهودية كانت تعيش فى روسيا، وفرت منها عقب الثورة البلشفية، ولم تشعر أنها ليست مضطرة إلى الاختباء إلا بعد هجرتها إلى الولايات المتحدة واستقرارها فى نيويورك.

 ويستدرك الكاتب قائلا «لكن لم يعد ذلك صحيحا الآن، ويبالغ: حتى قبل «7 أكتوبر»، ويضيف: لكن بعد 7 أكتوبر تضاعفت جرائم الكراهية ضد اليهود 5 مرات، ومن المرجح أن يزداد الأمر سوءا، إذ أثبت استطلاع للرأى أجرته جامعة هارفارد وهاريس أن 44 % من الأمريكيين، أعمارهم بين 25 و34 سنة، يتفقون مع عبارة «أن اليهود كطبقة هم الظالمون»، وترتفع النسبة إلى 67%  فى الأعمار بين 18 و24 سنة.

طبعا لا ينسى ستيفنز أن يقارن بين أحداث 11 سبتمبر 2001 على أمريكا، وأحداث 7 أكتوبر على إسرائيل، ويعتقد أن هجمات 7 أكتوبر تعادل 12 ضعف هجمات 11 سبتمبر، وينتقد هؤلاء الذين يعتبرون 7 أكتوبر من أعمال المقاومة المبررة، وينتهى إلى حكم عنصرى قاطع: إن معاداة السامية ليست كراهية لليهود فقط، وإنما هى كراهية للتمييز!!

دون أن يقصد هو يكتب مثلما تقصف إسرائيل غزة عشوائيا وتقتل الأبرياء، ويدفع باليهود إلى المربع صفر كما تفعل إسرائيل تماما، وهذه العقلية هى التى «صلبت» السلام على أعمدة التعالى وغرور القوة المسلحة، فلم يحل بالأرض المقدسة، فالكاتب يفضل دوام الكتابة عن أحداث 7 أكتوبر، دون أن يبحث عن أسباب أو دوافع أفضت إليها، ويفتح بابا للتخلص منها، كما لو أن هجمات حماس كانت نوعا من «قتل الوقت» أو عبث الواقع الذى بشر به صمويل بيكيت فى مسرحيته الشهيرة «فى انتظار جودو»!، وبالتالى عدم توقفه عن الكتابة هو أفضل ما يقدمه لليهود، حتى لا تموت أمه مختبئة!

لم يذكر الكاتب فلسطين والفلسطينيين والسلام، فقط القتل والخطف على يد حماس، وبالطبع نحن نرفض القتل العشوائى وخطف الأطفال والعجائز، أما كلامه عن اغتصاب النساء الجماعى فهو مستمد من إدعاءات إسرائيل والإدارة الأمريكية والنشر فى وسائل الإعلام الغربية، دون أى دليل يقبله العقل، فقط حكايات ومرويات دون شهادات نساء اُغتصبن، لم يسأل الكاتب نفسه: هل ملابسات الهجمات على مستعمرات وقواعد عسكرية ( 12 موقعا) فى غلاف غزة تسمح لهؤلاء المهاجمين بترك أسلحتهم وخلع ملابسهم وهم فى غاية الإثارة الجنسية فيمزقون ملابس النساء ويبركون فوقهن؟، هل ما يحيط بهم من قتال وتوتر وقلق وقوات إسرائيلية فى الطريق للاشتباك يمنحهم هذا الترف؟!!

 بالرغم من هذا لم يفسر أسباب «زيادة» كراهية اليهود بعد 7 أكتوبر، فى مجتمع عدد المسيحيين الصهاينة فيه أضعاف عدد اليهود فى العالم أجمع، وما الذى قلب البيئة التى عاشت فيها أمه دون اختباء إلى بيئة «لا تريد أن تموت فيها مختبئة»!

يبدو أن الكاتب لا يحب أمه، فلم يقدم لها إجابة صحيحة، وانحرف إلى معاداة السامية حلا نهائيا، ولم ير السلام وحقوق الفلسطينيين وهما باب نجاةٍ من الموت مختبئة، لها ولغيرها!.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية