تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الهوية فى عصر الروبوتات والذكاء الاصطناعى
تبدو الهوية القومية، ومحمولاتها السوسيو – ثقافية، والتاريخية كجزء من الإنتاج الرمزى والسياسى المعاصر لتطورات الدولة/ الأمة، وتشكلاتها فى ظل التطور التاريخى للنظام الرأسمالى المعاصر فى النصف الثانى من القرن العشرين، والانتقال من الثورة الصناعية الثانية إلى الثالثة، وهى تحديد دولتى وفق بير بوردييه وفى دروسه عن الدولة، واختياراتها فى سياسة الهوية من مكوناتها التاريخية والثقافية والدينية والمذهبية، وشكل النظم السياسية والاجتماعية والرمزية.
الهوية هى نتاج لحركة الأفراد والطبقات الاجتماعية، والتطورات التقنية، وفى إطار الثوابت والمتغيرات، وتتداخل الثوابت بالتغيرات فى تأويلاتها من مراحلة تاريخية لأخرى، وذلك بالنظر إلى تطور الدراسات التاريخية، ومناهجها، وأيضا فى ظل حريات الرأى والتعبير، والبحث الأكاديمى.
فى بعض النظم التسلطية، تسيطر الخطابات السلطوية على مناهج تدريس تاريخ البلاد، بالحذف والإضافات. فى المجتمعات الانقسامية، تعددت الهويات وفق المكونات الطائفية، والعرقية، واللغوية، والدينية والمذهبية، والقومية والمناطقية، وظلت الهوية تحديدًا سلطويا، سواء أكان النظام شموليا، أو تسلطيا، من خلال استراتيجيات بوتقة الصهر، التى تم استخدامها لبناء الاندماج الداخلى، خاصة بعد المرحلة الكولونيالية، ومع تدهور عمليات بناء الدولة الوطنية، والحروب الأهلية، تصاعدت الهويات التكوينية لمكونات المجتمع، ومعها تاريخ كل طائفة ودين الجامعة لمكونات المجتمع، ومعها تاريخ كل طائفة ودين ومذهب – لبنان، والعراق، والسودان على سبيل المثالً لا الحصر عربيًا-.مع ثورة وسائل التواصل الاجتماعى، والرقمنة حدث انفجارات هوياتية كبرى، من حيث تعبير الكتل الجماهيرية الرقمية الغفيرة عن تصوراتها الهوياتية، ورمزياتها الدينية والطائفية والمذهبية والعرقية، واللغوية على نحو غير مألوف بالنظر إلى الحريات واسعة النطاقات فى المجال العام الرقمى.
لم يقتصر الصراع الهوياتى على الخطاب التاريخى لكل هوية، وهى نظرة لا تاريخية، وإنما امتد إلى خطاب الصورة، والفيديو الطلقة، والآثار التاريخية، والرموز، والأساطير التأسيسية لكل هوية، ونظام الزى ودلالته، ونظام الأكل.. إلخ!.
أدت الفضاءات التواصلية الرقمية أيضا إلى استعراضات للهويات الذاتية/ الفردية، وتحيزاتها، وتفضيلاتها على نحو أدى إلى انفجارات لهويات الذات، على نحو أدى إلى بروز ما نطلق عليه الهويات الرقمية الذاتية، إلى جوار الهويات الانقسامية، على نحو أسهم فى التوظيف الهوياتى للتاريخ على نحو يتسم ببعض من الفوضى والاضطراب والقلق وعدم الموضوعية والاجتزاء للوقائع التاريخية والرمزية، وإعادة توظيفها لدعم الخطابات الهوياتية لكل مكون، وللأفراد الرقميين.
هل ستؤدى الرقمنة، والذكاء الاصطناعى التوليدى، والاحتباس الحراري، والاختلالات الايكولوجية، والفيروسات المتحورة، ستؤدى إلى تقويض مركزية الإنسان فى الكون، وإلى مراجعة الاستغلال المفرط للطبيعة، وثرواتها فى إطار الرأسمالية النيوليبرالية، والرأسمالية الرقمية للشركات الكونية العملاقة، فى مرحلة الإناسة الروبوتية، والذكاء الاصطناعى على نحو سيجعل الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتطوراتها جزءًا أساسيًا من سوق العمل، بحيث سيخرج من هذا السوق 300 مليون عامل وموظف إلى البطالة الدائمة، والاعتماد على نظام الضمان الاجتماعى عام 2050.
السؤال هل ستؤثر مرحلة الإناسة الروبوتية على مفهوم الهوية بالنظر إلى المشاركة الفعالة للروبوتات والذكاء الاصطناعى التوليدى فى الحياة الإنسانية فى كل مناشط العمل والتفكير بما فيها الإبداعات التى كانت جزءًا من الحضور والوجود، والذكاء والمعرفة الإنسانية؟
يبدو أن كافة المؤشرات تشير إلى ذلك، خاصة أن الروبوتات، بدأت تتطور على نحو معقد، وبات بعضها لديه مشاعر، وردود أفعال على السلوك، والتفكير البشرى على نحو ما تم الكشف عن هذا السر مؤخرًا!.
لاشك ان تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي سيؤدي الي بروز أدوار متعاظمة للروبوتات في كافة مناحي الحياة الإنسانية في الفكر والعمل والسلوك الاجتماعي والتطور العلمي والتقني، ومن ثم سيغدو سؤال الهوية الروبوتية هو احد محددات الهويات الفردية والجماعية !.
المرجح ان ذلك سيكون أحد أسئلة العقود القادمة. إن المروق الهوياتي وتحولاته سينتقل الي أسئلة العالم الروبوتو انساني وإلي مدي قبول الكائنات الروبوتية بخطاب الهوية الإنساني المتغير والمرجح ان الهوية الرقمية والروبوتيةً ستختلف وربما يظهر مصطلح جديد مرتبط بالتطور التقني فائق التطور والمرجح أنه لن يقبل بالمصطلح الإنسانى!.
في المرحلة الحالية من تطور برامج الدردشة الروبوتية, الشات جي بي تي, ودال يمكنك استخدام البيانات الضخمة وتراث الجدل الهوياتي والآراء حول فهم الملايين الغفيرة الرقمية حول الهوية الذاتية الرقمية ومعها الاراء المزيفة والأكاذيب وما بعد الحقيقة!
في المراحل القادمة سيتم تنقية بعض الأكاذيب، وسيقدم الروبوت تحليلاته وآراءه في هذه المسألة وصراعاتها، وسيكشف عن هويته الاصطناعية الذكية التوليدية، وعن زمن ثقافة الروبوت وابداعاته في جميع النواحى الإبداعية التى كانت جزءًا من الثقافات الإنسانية، فى السينما والمسرح والرواية وتأليف الكتب، والأبحاث، وفى الاقتصاد، والأهم العمل آنذاك!
ما الذى سيؤدى إليه ذلك هو نمط جديد من الأغتراب والاستلاب، ليس وفق فويبراخ، وهيجل وماركس، وعلماء الاجتماع والنفس، ومدرسة فرانكفورت، وإنما اغتراب قائم على البطالة، وسحب كل ما هو إبداع إنسانى كخيال وفنون وشعر.. إلخ, من الفكر وإبداع إلى ما هو روبوتى، وذلك كمرحلة للانتقال والتحول إلى ما بعد الإنسان!.
يبدو لى أن هذه المرحلة ستشهد تقويضا لبعض من الموروث الحضارى للإنسانية المصلحة الروبوتى، وسيطرح السؤال آنذاك هل الآلات النظرية والاصطلاحية فى العلوم الاجتماعية ستظل صالحة لوصف ومقارنة وتحليل ما يحدث من ظواهر المرحلة الروبوتو إنسانية!.
المرجح استمرار بعضها، وستختفى، وستظهر مصطلحات روبوتية وإنسانية جديدة! كما أن التطور الروبوتى التوليدى والذاتى سيتزايد، ولن يحتاج إلى البرامج الإنسانية الذكية، وهنا ستبرز التناقضات بين الإنسانى والروبوتى، والتى ستحمل فى طياتها مخاطر وجودية على الحياة الإنسانية فى حال ترك المنافسات الحالية بين الشركات الرقمية العملاقة، دون تنظيمها.
والأخطر دخول بعض الشباب فى المستقبل فى عالم إبداع الروبوتات الذكية على نحو يشكل بابا لمغامرات كارثية!. المستقبل لم يعد للإنسان وذكائه فقط!.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية