تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الذكاء الاصطناعى التوليدى والإيمان الدينى
الحياة الدينية الفردية والجماعية تخضع فى تشكلاتها إلى الجدل والتفاعل والتداخل بين المؤمنين الأفراد فى ظل التدين الفردى، أو الجماعى، بين حياتهم الاجتماعية المتغيرة، والثقافة السائدة فى كل مرحلة تاريخية، وبين التأويلات والتفسيرات الدينية الوضعية، وتراثاتها السائدة تاريخيًا، وبين تحديات الحياة المعاصرة، من حيث التطور الصناعى، والعلمى، وفى مجال العلوم الطبيعية، والتقنيات.
من هنا تأثرت بعض الأديان –المسيحية على سبيل المثال- بالثورات الصناعية الأولى والثانية والثالثة، والتمايز بين الوضعى والميتاوضعى، وتطورات التحديث والحداثة ومابعدها وما بعد بعدها على نحو ما تكشف عنه بعض التطورات فى الإنتاج اللاهوتى البروتستانتى، والكاثوليكى –خاصة بعد المجمع الفاتيكانى الثانى-، وهو ما تشير إلى تفاعل بين المؤسسات الدينية الغربية، والفكر اللاهوتى التأويلى، وبين التحولات التقنية والعلمية والفلسفية والسوسيولوجية فى هذه المجتمعات المتقدمة، وبين أسئلة الإنسان المؤمن، والملحد فى هذه المجتمعات كنتاج للأسئلة السياسية والفلسفية، والاجتماعية التى تطرحها كل مرحلة من مراحل تطور الرأسمالية الغربية حتى النيوليبرالية المتوحشة كونيا، وحالة الاستهلاك المفرط والتشيؤ الإنسانى، وتحول الفرد إلى سلعة، وشىء يعاد تشكيله عبر فيضان من السلع والخدمات، التى تعيد تشكيله، وصياغة توجهاته، وتفضيلاته، ورغباته، وحواسه، خاصة فى ظل الثورة الرقمية فائقة التطور، من خلال البيانات الضخمة التى تتشكل، وتظهر على الحياة الرقمية فى كل دول وأقاليم ومجتمعات العالم، ويتم توظيفها، وبيعها من الشركات الرقمية العملاقة إلى غيرها من شركات إنتاج السلع والخدمات! التى توظف سلم الرغبات والتفضيلات فى سلع وخدمات تقدم لإشباعها .
ثمة أيضا أنماط جديدة من الرقابات الرقمية على توجهات وآراء الجماهير الرقمية الغفيرة من قبل السلطات السياسية والأمنية فى عالمنا.
لا شك أن ذلك يؤدى إلى تحول الإنسان إلى محض شىء رقمى وواقعى، يمثل مادة لإعادة التشكيل، ومن ثم يبدو سؤال الحرية الفردية ملحًا أى حرية فردية فى ظل هيمنة الشركات الرقمية والدول والسلطات السياسية والأمنية التى تراقب العالم الافتراضى، والحياة الرقمية فى ظل ثورة الرقمنة الفائضة التطور، خاصة مع التطور بالغ السرعة فى مجال الذكاء الاصطناعى التوليدي؟،
وظهور ادوار الروبوتات الذكية التى تتطور على نحو سريع، وأثر ذلك على أنظمة التفكير والسلوك، والقيم، والثقافة، والدين مع نظام المحادثة الروبوتية Chat Gpt وDL، وغيرها مما يتم تطويره من الشركات الرقمية العملاقة؛ فى ظل تنافساتها الضارية، خاصة فى مجالات الكتابة الإبداعية–السردية والقصصية والشعرية والمسرحية - والبحث فى العلوم الاجتماعية، والتعليم، والفنون والوظائف على اختلافها، وهو ما يشكل تحديا استثنائيا لمفهوم الابداع والعمل، وللفكر الإنسانى، ويشكل بدايات قطعية مع الموروثات الإبداعية فى ثقافات عالمنا! وهنا يثور سؤال بعض الباحثين والكتاب ما أثر ذلك على التدين والاعتقاد؟
لا شك أن أنظمة المحادثة الروبوتية، دخلت طرفًا فى الإجابة عن أسئلة الفرد الرقمى، الدينية، وذلك من خلال البيانات والمعلومات المتاحة فى نظم البيانات الضخمة Big Data على الحياة الرقمية حول الأديان والمذاهب الدينية على اختلافها وتعددها، والقيم الدينية المشتركة والعابرة للأديان جميعها! فى المرحلة الأولية للذكاء الصناعى التوليدى، -فى ظل الحالة الراهنة- لا جديد فى مجال اللاهوت والفقه والفلسفة الدينية، والتأويلات، والتفسيرات، لأن روبوت المحادثة، فى رده على الأسئلة وكتابة المقالات والبحوث حول الأديان والمذاهب يعيد إنتاج ماهو متاح وسائد، لكنه يشكل تحديًا كبيرًا لرجال الدين، واللاهوت، والوعاظ، والدعاة فى الأديان والمذاهب المختلفة، خاصة أن الأجيال الجديدة هم أبناء الحياة الرقمية، وبعضهم لا يحتاج إلى دور العبادة، فى الغرب أو المراجع اللاهوتية، او الفقهاء والدعاة والإفتاء بحثًا عن إجابات عن الأسئلة الدينية أو الفلسفة المرتبطة بحياتهم الفردية أو الجماعية.
مع تطور الذكاء الاصطناعى التوليدى، ونظم المحادثة الروبوتية، من المحتمل أن تؤدى إلى إبداء تفسيرات وتأويلات دينية مختلفة عما هو سائد فى عالم البيانات الضخمة، وهو ما سيؤثر على الإيمان والاعتقاد الفردى، والجماعى.
ويصبح الروبوت بديلا عن رجل الدين التقليدى دونما سلطة على المؤمنين، وهو ما سيشكل خطرًا داهمًا وتحديًا للأديان، والمؤسسات الدينية فى الأديان المختلفة ومذاهبها. خاصة فى ظل عدم الوصول إلى تنظيم دولى لتطورات الذكاء الاصطناعى التوليدى، ومخاطره على الشرط الإنسانى الوجودى، والحياة الإنسانية، وعدم الوصول إلى هذا التنظيم من قبل دول العالم سيؤدى إلى تطورات مذهلة، ستؤدى إلى تغيير الحياة على كوكب الأرض، وربما غيره من كواكب العالم، من خلال عالم الروبوتات المتطورة حتى إن بعضهم، يتخيل إمكانية أن تقوم هذه الروبوتات، بإنتاج أنظمة دينية وضعية جديدة، أو مخلطة بين الأديان المختلفة كإحدى أدوات السيطرة الروبوتية على الحياة الأنسانية فى عالم الأناسة الروبوتية ثم ما يطلق عليه مرحلة مابعد الانسان!. هذا الخطر الجديد الداهم يثير مخاوف بعض المؤمنين بالأديان، والمذاهب المختلفة فى ظل حالة التنافس بين الشركات الرقمية العملاقة فى عالمنا! على تطوير الذكاء الاصطناعى التوليدى . ثمة بعضهم يرى أن ذلك لن يؤثر على العقائد والإيمان الفردى ويقلل من هذه المخاوف، وأن تطور الروبوتات فائق الذكاء سيظل تحت السيطرة والتحكم الإنسانى، خاصة فى الدول الأكثر تطورًا فى عالمنا.
بعض العقول الخلاقة من رجال الدين تتابع هذه التطورات، وما تطرحه من أسئلة جديدة على الإيمان الفردى، أو الجماعى، وقد يطرحون رؤى ومقاربات جديدة ومختلفة للتعامل معها، أو ممارسة الضغوط لضبطها، وتنظيمها بحيث لا يؤدى تطورها فى مجال الذكاء الاصطناعى التوليدى إلى تهديد الإيمان الفردى، والعقائد والمذاهب الدينية.
عالم الذكاء الاصطناعى التوليدى والأناسة الروبوتية يشكل تحديا للعقل والثقافة والإبداع، والإيمان الدينى الإنسانى فى عالم سريع التحول.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية