تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > ناهد إمام > قناتنا الوطنية.. والنصف الثاني من رمضان!

قناتنا الوطنية.. والنصف الثاني من رمضان!

كل عام وأنتم طيبين، أيام معدودة وينتهي الضيف الكريم في نفحاته والكثير من خيراته، خاصة في العشر الأواخر من لياليه الكرام.

في الحقيقة تعودت سنويًا، مع حلول الشهر الكريم، أن أحرص على الإفطار مع قناتنا الوطنية "القناة الأولى" بدءا من الاستماع إلى آيات من الذكر الحكيم، لقارئين هما علامة شهر رمضان، وهما الشيخ محمد رفعت والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، لصوتهما المميز، والآذان، ثم عرض حلقات هادفة وشيقة ومعلومات مهمة للتذكرة لنا جميعا.

وعلى ذلك كان لا بد من الإشادة بالبرامج التي عرضت عقب مدفع الإفطار مباشرة هذا العام على قناتنا الوطنية، وهما برنامج "حكاوي القهاوي" والبرنامج الآخر "مصر تغني".

 

فقد كان برنامج "حكاوي القهاوي" الذي تقدمه الإعلامية رشا الجمال، من خير المواد الإعلامية التراثية التليفزيونية، التي تعد كنوزا فنية جماهيرية، وتوثق روح مصر ولياليها وفنانيها، وبالفعل تفوقت على نفسها في البرنامج حتى وثقت مقولة أن "بنت الوز عوام".

 

حيث كانت تقدمه من قبل والدتها الراحلة "سامية الأتربي"، واعتُبر من أهم برامج التلفزيون المصري سنوات طويلة.

لكن في الواقع، نجحت الإعلامية رشا الجمال، في عرض قصص ونماذج رائعة مع المواطنين البسطاء.

الذين يحققون شهرة كبيرة في المناطق التي يقطنون فيها، والكثير منا لا يعرفونها.. وكانت تمثل مع كل لقاء عظة ودروسًا مستفادة منها.. وذلك مع إخراج مميز للمخرج ياسر عاشور، وغلفت الحلقات بالرسامة سارة، التي نجحت في رسم لوحة بورتريه لشخصيات الحلقات المختلفة ببراعة وتميز.

 

ومن تلك القصص والنماذج الرائعة لقاء مع "عم سيد"، وفعلا كنت أول مرة أسمع عنه، وهو في منطقة عابدين، يبيع على عربة، أشهر المأكولات عند المصريين وهي "فواكه اللحوم" أو كما يسميها البعض "إكسسوارات الماشية"، ولم يشدني فقط شهرته في المنطقة ونظافة طعامه، ولكن بالفعل شدني أنه في سن تجاوزت الـ70، ويحرص يوميًا على الاستيقاظ مبكرا في السادسة صباحا والذهاب إلى مذبح البساتين،  وذلك على مدار 60 عامًا، للحصول على تلك المواد الغذائية المستخدمة سواء مخ.. مبمار.. وغيرها، وبسؤاله لماذا لا يشتري احتياجاته بالأسبوع، كان رده: "لا بد أن أشتري يوميًا حتى يكون الطعم جميلًا وطازة بخلاف المجمد".. هذا وبخلاف كبر سنه، يقوم بتحريك العربة لجذب رزقه اليومي.

 

وتمنيت أن يتعلم شبابنا حب العمل وإتقانه مهما كان نوعه، وأن يسعى الجميع للعمل ولا يكون حملًا على والديه.

أيضًا من قصص البرنامج التي شدتني، من عابدين إلى حلوان، حيث تتواجد شخصية يحسدها الكثيرون، لأنه متخصص في ترميم المصاحف وكتب القرآن الكريم التالفة، ليس هذا فقط، لكنه يعمل ذلك بالمجان ودون مقابل، هو "الشيخ وليد".. ويعمل ذلك داخل منزله، كصدقة جارية، كما يقول على روح جميع موتى المسلمين وليس على والديه أو أقاربه فقط، وتلك المهمة يقوم بها نقلا عن والده، الذي نقلها بدوره عن جده، حيث اعتادوا صيانة المصاحف على نفقتهما الخاصة.

وسعدت كثيرًا، بحب الشيخ وليد، للخير والقيام به دون كلل أو ملل، بل بالعكس بكل الحب والارتياح رغم صعوبة ترميم كتاب الله سبحانه وتعالى. 

 

والبرنامج التالي الذي شدني على القناة الأولى، خلال وجبة الإفطار، هو "مصر تغني" الذي يقدمه الكاتب الصحفي "أحمد عطاالله"، ويخرجه "محمود نديم"، ودارت فكرة البرنامج بأنه يتنقل بين ربوع مصر للتنقيب عن التراث الغنائي، وتنوع وثراء الفرق الشعبية.

ولكن في الحقيقة كان مع كل محافظة يتنقل إليها البرنامج، يقدم "أحمد عطاالله" معلومة نادرة قد لا يعرفها الكثير، فعلى سبيل مثال عند زيارة محافظة المحلة الكل عندما يذكر المحلة يقول قلعة صناعة الغزل والنسيج.. لكن الحقيقة تبين أن المحلة تشتهر بوجود أول فرقة موسيقى نحاسية على مستوى مصر، تم إنشاؤها عام 1927.

وفي زيارة سيوة تم إلقاء الضوء حول جلسات الصلح قديما بين أهالي سيوة في جبل التكرور.. والاحتفال بالعيد السنوي بسيوة على الجبل، حيث يتوافد أهالي واحة سيوة، على جبل الدكرور سنويا، استعدادًا للاحتفال بالعيد السنوب "إسياحت"- باللغة الأمازيجية- يعني السياحة في حب الله من يوم 5 نوفمبر من كل عام ولمدة 3 أيام، ويرجع بداية هذا الحدث لأكثر من 160 عامًا، عقب إنهاء المعارك والحروب بين قبائل سيوة الغربيين من ذوي الأصول العربية، الذين كانوا يسكنون السهل وقبائل سيوة الشرقيين ذوي الأصول الأمازيغية الذين كانوا يسكنون جبل الدكرور، وتمت المصالحة بينهم على يد  الشيخ محمد حسن المدني الظافر "مؤسس الطريقة المدنية الشاذلية في سيوة، ووضع نظاما لتجديد المصالحة سنويا، حيث يجتمع رجال وشباب سيوة، دون تمييز أو فوارق، بهدف السياحة في حب الله وذكره.

ولكن فجأة ومع السرد السابق للبرامج المميزة على مائدة الإفطار، فوجئت في اليوم الـ15 للشهر الكريم، أنه تم تغيير موعد حلقات البرنامجين، وبدأت تذيع القناة البرامج المعتادة على أي قناة من مسلسلات، أيًا كانت ما هي؟ وللأسف حزنت أن جرعة الثقافة والمعلومات التاريخية والتراثية، لم تصبح على مائدة إفطار ليس أنا فقط ولكن الكثيرين!

أولستم تتفقون معي، أن المشاهد لديه حس عال للبرامج الهادفة، ويحرص على مشاهدتها، وهذا ما كان يميز قناتنا الوطنية المصرية، الأولى، على مائدة إفطار النصف الأول من الشهر.. ورمضان كريم!

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية