تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

العيسوي طبيب المشاهير!

الهجرة غرام.. أم انتقام 8

استودعت هشام العيسوي الهارب من أتون الضغط والتوتر النفسي وشقاء هزيمة يونيو «حزيران»، مأساة الوطن كله، والمهاجر لدرب السراب طلبًا لمزيد من العلم وتأمين مستقبله ورعاية أحلامه.

سافر الصديق الحميم عندما سنحت الفرصة إلى لندن، فقدت الصحبة وانقطع تواصل المحبة الذي جمعنا، مع استحالة الاتصال التليفوني من مصر قبل «الموبايل»، ولم أملك الا أن ادعو له.

بعدها سافرت إلى بيروت كمستشار فني للهيئة العامة للكتاب، مرت سنوات إلى أن قامت الحرب الأهلية وعدت لبيتي في روزاليوسف، ليصدر قرار من الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي للسفر إلى لندن لإنشاء وإدارة مكتب للمؤسسة في العاصمة البريطانية، وهي قصة رويت تفاصيلها في حكاوى غربتي الثانية. 

بعد أن استقرت بي الأمور اجتهدت في البحث عن صديقي الطبيب المهاجر، لم يكن الأمر صعبًا فالنظام المعلوماتي في العاصمة البريطانية سهل ومنظم، حصلت على رقم هاتف عيادة العيسوي في إمارة الاطباء اللندنية «هارلي ستريت». 

كأن يومًا شتويًا مشرقًا، وكان صقيع حاد، تفتق الذهن والخيال عن وسيلة غير تقليدية لإعادة التواصل مع صديقي القديم، فاستنفرت كامل الطاقة الذهنية لدعم حيلة ومزحة خطرت بالبال، اتصلت تليفونيا وبلهجة خليجية تحدثت للطبيب كمريض عربي يعاني من آلام شديدة بالأسنان تمنعه من الحركة، وفي حاجة لزيارة منزلية، الغريب أن الطبيب استجاب مباشرة لرغبة المريض الذي يقطن بمنزل خارج لندن ويبعد حوالي الساعة بالسيارة. 

بعد ساعتين أو أكثر قليلًا دق الباب ليفاجأ الطبيب بي، وضحكة جلجل بها العيسوي، وبالأحضان تنشق في لقائنا رائحة مصر، جلسنا مع كوب شاي «بفتلة» لأنها تذكره بمقاهي المحروسة لنجتر الذكريات وننبش جدار أيام مضت، بمزيج من الحب والحنين والألم والحزن أحيانا.

 

لم يكتمل الحوار وسرد روايات زمن افترقنا فيه، بصعوباته ومعاناته وتحدياته، هو متشوق للاستماع وفي تفاعلية مع ما أجود به من التفاصيل متتبعًا فضاءات الكلمة حيثما كانت، في سياق فترة عشتها قبل أن اتغرب إلى لندن. الطبيب مرتبط بمواعيد الْعِيَادَةِ، افترقنا على موعد للقاء بمكتب عِيَادَته 94 هارلي ستريت. 

لقاؤنا الثاني كان مساء الجمعة بعد انتهاء مواعيد الْعِيَادَة، رحب بي وقادني إلى غرفة الكشف، ليفحص اسناني وفجاءة وقعت عيناه على «حسنة» أو «خال»، على الانف وُلَّدْتَ بها، وأصر على ازالتها تخوفًا أن تكون تحمل أي خلايا سرطانية، وكان قد انتهى وقتها من دراسات في علاج الامراض الخبيثة، واساليب جديدة في إجراء العمليات الجراحية بالتبريد دون تخدير باستخدام النيتروجين السائل بدرجة حرارة منخفضة للغاية على جلد الوجه تحت تأثير المبرد، وتعرف أيضا باسم عملية التجميد المطبقة على منطقة المشكلة، وقد كان، لم تستغرق العملية وقتا طويلًا ولم أشعر الا ببرودة الثلج في أنفي، وبعد أيام سقط «الخال» عن أنفي، وفارقني بعد سنوات طويلة من العمر. استسلمت لنصيحة صديقي رغم أنني تذكرت نصيحة قدمها من سنوات الطبيب للنجم السينمائي عمر الشريف. 

 

وقتها تذكرت ما حدث للفنان العالمي عمر الشريف، في بداية حياته الفنية وكان تحت عينه اليمنى علامة بارزة وهي «الحسنة» أو «الخال»، اختاره المخرج يوسف شاهين لبطولة فيلم «صراع في الوادي» ووافق عمر بالطبع على تلك الفرصة الذهبية، وأجرى له شاهين اختبار الكاميرا ونجح وبقى فقط موافقة منتج الفيلم جبرائيل تلحمي، الذي توقفت موافقته على أن يزيل عمر الحسنة من وجهه.. ولم يرفض عمر وتوجه مباشرة إلى طبيب جراح لإزالة الحسنة برفقة صديق عمره أحمد رمزي. الذي كان يومًا بمنزله عندما التقى بالصدفة شقيق أحمد رمزي موجودًا، وهو طبيب جراح، وقد صرخ في وجه عمر عندما سمع كلامه وحذره من إجراء العملية، وقال له من نتائجها إصابته بالسرطان.. واقتنع عمر برأي شقيق رمزي وعاد إلى يوسف شاهين ليرد إليه العقد الذي وقعه، لكن يوسف شاهين أصر على موقفه من بطولة عمر للفيلم وتجاهل تلك الحسنة الكبيرة، وأقنع تلحمي بأنها ميزة، وهكذا بدأ عمر الشريف مشواره الفني بهذا «الخال» الأسود الكبير تحت عينه اليمنى ونجح في السينما وعرفه الناس بهذا الشكل.. ولكن عندما اتجه للسينما العالمية، اتفق مع المخرج العالمي دافيد لين لبطولة خمسة افلام أولها «لورانس العرب» شريطة أن يزيل عمر «الحسنة» من وجهه، وامتثل عمر لطلب المخرج وازال الحسنة بعملية جراحية. 

كان د. هشام العيسوي صديقًا للكثير من الرموز السياسية والفنية، ومن المشاهير أقربهم إلى قلبه فاتن حمامة، وماجدة، وسمير صبري، عبد المنعم مدبولي، صفية المهندس، والراحلة سعاد حسني والشيخ محمد متولي الشعراوي، ووزير الأوقاف المصري السابق محمد المحجوب، والدكتور علي لطفي رئيس الحكومة الأسبق، الدكتور عبد القادر حاتم وزير الثقافة والإعلام المصري، أقربهم إلى قلبه وأكثر الشخصيات التي كان يعتز بها، إضافة إلى الكاتب الإيراني المعروف سلمان رشدي.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية