عندما زرت إندونيسيا وماليزيا لأول مرة فى عام 1998، وقلت للمواطنين العاديين الذين ألتقى بهم، اننى من مصر ، كان الترحيب الشديد والفرحة تعلو وجوههم ويقولون على الفور انت من بلد الازهر، ويقول كثير منهم انهم درسوا فى جامعة الازهر وعاشوا فى مدينة نصر ...

وعندما كنت أدرس فى اليابان للحصول على شهادة الماجستير ، اختارنى الطلبة الإندونيسيون والماليزيون رئيسا لاتحاد الطلبة المسلمين بالتزكية ورفضوا إجراء انتخابات كما يفعلون كل عام ، لاننى من بلد الازهر ، ولايصح ان يكون هناك رئيس آخر للاتحاد.

هذه هى الصورة المشرفة والمشرقة لجامعة الأزهر العريقة فى العديد من الدول الآسيوية ، وعندما قرأت عن التحدى الصعب الذى خاضه الشاب الغينى مامادو سافايو ، للوصول الى مصر من أجل الدراسة فى جامعة الازهر لم أستغرب حبه للازهر، وان يخاطر بحياته من اجل تحقيق هدفه ... فقد قطع الشاب البالغ من العمر 25 عاما نحو 4 آلاف كيلومتر على دراجة هوائية متهالكة مارا بـ6 دول إفريقية عبر الصحراء والغابات فى رحلة محفوفة بالمخاطر استغرقت اكثر من 4 أشهر حتى وصل الى القاهرة.

ويقول مامادو الذى اصبح اسمه محمد الشافعى بارى، إنه حاول على مدى عام جمع قيمة تذكرة الطيران الى القاهرة ، لكنه فشل ، فقرر ان يشترى دراجة بالمبلغ الذى تحصل عليه وان يخوض مغامرة المجىء الى مصر ..حيث نام ليالي فى الغابات وركب الدراجة تحت هطول الامطار الغزيرة ، من اجل تحقيق حلمه ، لانه احب مصر كثيرا من خلال مقاطع الفيديو على اليوتيوب لمشايخ وعلماء مصر .

وقد حقق بارى حلمه بالوصول الى مصر والتحق بجامعة الازهر وقدرت الجامعة ظروفه وولعه بالازهر وحصل على منحة كاملة للدراسة ومساعدة مالية شهرية لإعانته.

وتشير الارقام المتاحة ان هناك نحو 11 ألف طالب من 34 دولة إفريقية يدرسون بجامعة الازهر ، من بين نحو 26440 طالبا اجنبيا من مئة دولة ، وتحتل نيجيريا المركز الاول افريقيا بنحو 2488 طالبا ... فى حين تحتل إندونيسيا المركز الاول آسيويا بنحو 8660 طالبا ، تليها ماليزيا بـ6805 طلاب ...يمثل كل هؤلاء سفراء لدولهم فى مصر ، ويصبحون مؤثرين للغاية فى نقل المنهج الوسطى المعتدل للدين فى مواجهة موجة التطرف التى تجتاح إفريقيا ...