يسود اعتقاد بين العامة بأن رمضان شهر الامتناع عن تناول الطعام والشراب وممارسة الحياة الزوجية خلال ساعات الصيام، ويتناسون ان الله فرض هذا الشهر الكريم ليكون دورة تدريبية سنوية للمسلمين هدفها تجديد وترسيخ وتعميق الإيمان، وإعادة شحن بطارياته قبل أن تفرغ تماما، وحتى تتعلم اجيال الشباب الجديدة من الكبار بعضا من جوانب علاقة المؤمن بربه وبالناس ويتعلمون بعضا من اخلاق الكبار، بعد ان اصبح سلوك بعضهم يتسم بوقاحة وقلة ذوق وأدب وكأنهم لم يتربوا فى اسرة او مدرسة او جامعة ...

وتماما كما تفعل الدول المتقدمة التى ترغب فى تطوير مهارات شعبها وإمكانيات مجتمعها، وتنظم دورات تدريبية سنوية، فان شهر رمضان هو الدورة التدريبية للمسلمين ليستيقظ فكر وعقل الذين شغلتهم امور الدنيا والحياة ويعودون الى رحاب الإيمان القوى.

ويتعلمون من جديد ان رمضان ليس مجرد الامتناع عن الطعام وغيره، وانما هو شهر «مركز تدريب» ومدرسة لتربية الأخلاق وتهذيبها، وممارسة السلوك السليم الذى يدعونا اليه الله ورسوله الكريم، وإعادة صلات الرحم بين الأهل والأحباب التى انقطعت طوال العام بسبب الانشغال بأمور الدنيا، وبسبب وسائل التباعد الاجتماعى التى دخلت حياتنا لتدمرها وتفرق بين كل افراد الاسرة، التى اصبح كل فرد فيها يعيش فى عالمه الافتراضى ولايعير الآخرين ادنى اهتمام ...يارب نتخرج من الدورة التدريبية الإيمانية السنوية لشهر رمضان ونحن اكثر طاعة وقربا لله، وأكثر اقترابا من الاهل والأحباب، وتهذبت سلوكياتنا وأصبحت اكثر ترجمة لتعليمات الإسلام السمح ، وأبعد عن الظلم والغش والنفاق والكذب، فالدين المعاملة ، اى ليس طقوسا وعبادات وقياما وسجودا بدون تطبيق حقيقى لروح هذا الدين العظيم الذى يتسم بسماحة ورحابة غير قائمة فى عقائد وشرائع اخرى ... وان نتخرج من هذا الشهر الكريم وقد قويت قدرتنا فى السيطرة على الشهوات والغرائز، وعلى السماحة والصفح والتصالح مع الآخرين، وان نكون اكثر صبرا وكظما للغيظ ، ولا يستفزنا الحمقى والمتهورين ...

وكل رمضان والجميع بخير ...