يتصور كثيرون ممن ليست لديهم الفرصة للتعرف عن قرب على آليات نظام الحكم فى الولايات المتحدة، وهؤلاء الذين اصابهم هوس سينما هوليود الخادعة، وصدقوا الاعلام الامريكى الخادع، ان امريكا هى قلعة الديمقراطية وحقوق الانسان فى العالم وانك تستطيع التعبير عن رأيك بكل حرية وأريحية دون ان يهاجم البوليس منزلك او يلقى القبض عليك او يدمر حياة اسرتك واقربائك واصدقائك !

حتى لو قلت ان الرئيس بايدن فاشل وقاتل او مجرم.. وربما يكون ذلك صحيحا نظريا فقط، وهى الشعارات التى تروجها الميديا والسينما الامريكية، ولكن على ارض الواقع، فإن الامر مرير وليس بهذه الصورة الخادعة.

ومن وقت لاخر يقع حادث تتكشف معه حقيقة هذا النظام القمعى الذى تحكمه مؤسسات الدولة العميقة وهى وزارة الدفاع او البنتاجون، والـ «اف بى اى»، او المخابرات الفيدرالية، والكونجرس، ومؤسسات اللوبى اليهودي، وفوقهم، عصابات الشركات العملاقة التى تدهس فى طريقها للمال المواطنين فى كل انحاء العالم وليس فى امريكا فقط..

وجاءت حادثة حرق الطيار الامريكى رون بوشنل ــ 25 عاما ــ نفسه امام سفارة اسرائيل فى واشنطن احتجاجا على انخراط امريكا فى قتل الفلسطينين فى غزة، لتكشف المعاناة والكبت والقهر الذى يعانيه المواطن الامريكى الذى يريد التعبير عن رأيه الذى يخالف توجه وسياسة امريكا، لان هذا الطيار فشل فى التعبير عن معارضته للجرائم التى ترتكبها اسرائيل ضد الفلسطينيين، ورفضه مشاركة زملائه من الطيارين الامريكيين فى قتل الفلسطينيين،

كما هو حاصل منذ 5 اشهر فى غزة قائلا "لن اشارك فى إبادة جماعية فى غزة" ، و"حرروا فلسطين" . وبرهن هذا الحادث البشع الذى تم التشويش عليه من جانب الاعلام الامريكى على ان القمع والكبت للرأى الآخر يفوق بمراحل ما يحدث فى النظم التى تصفها امريكا بأنها ديكتاتورية وقمعية، مثل كوريا الشمالية وغيرها..

ولو ان مثل هذا الحادث كان قد وقع فى الصين او روسيا او كوريا الشمالية، لكان الاعلام الامريكى والاوروبى هاج وماج وقال انه مؤشر خطير على القمع والديكتاتورية... لكنه ــ الاعلام الامريكى ــ تناول هذا الحادث بصورة خبرية فقط، وباعتبار انه مواطن يعانى نفسيا، تماما مثل اى نظام قمعى يكذب ويزيف الحقائق!!