لايخلط اليابانى أبدا بين الجد واللهو، ولايلهو فى أوقات العمل، ويعتبر العمل مقدسا ومقدما على أى شىء فى حياته، حتى على زوجته وابنائه!

واليابانى لايعرف فهلوة المصريين و«الطلسأة» فى العمل، او ان يذهب لمقر العمل لمجرد التوقيع فى كشف الحضور أو أن يمثل بأنه يعمل ومشغول فى العمل حتى أذنيه، وهو فى الواقع لاينتج او ينجز شيئًا ...

لم اشاهد يابانياً يدخن سيجارة او شيشة الكترونية فى السيارة وينفث دخانها من نافذة السيارة وكأنه قطار يعمل بالفحم.. بالرغم من ان معظم اليابانيين يدخنون بشراهة…

وعندما كنت باحثا فى العديد من المراكز والمعاهد البحثية، كنت أرى رئيس المركز والمدير، وكبار الاساتذة يذهبون الى الحجرة المخصصة للتدخين هناك، ولم أشاهد موظفاً يابانيا يدخن سيجارة فى مكتبه او يجمع زملاءه فى العمل ويعملون حفلة فطار فول وطعمية فى الصباح تمتد ربما لساعة يعقبها حفلة شاى لزوم هضم الفول والطعمية وغيرها، كما يفعل كثير من الموظفين فى مصر.

فى اليابان يحصل كل العمال والموظفين على ساعة راحة من الساعة 12، حتى الواحدة لتناول الغذاء، الذى غالبا ما يكون عبارة عن وجبة خفيفة مؤقتة لحين عودته الى المنزل فى نحو السابعة مساء، وتناول وجبته الاساسية مع اسرته،

وفى بداية حياتى فى اليابان كنت اجد ورقة معلقة فى الحمامات العامة المجانية، يوقع فيها العامل الذى يمر على الحمامات كل نصف ساعة تقريبا لتنظيفها، ورأيت مديره وهو يفتش وراءه على مدى النظافة، ويوقع هو الآخر فى نفس الورقة... وعندما احتجت الى فنى لاصلاح ماسورة مياه فى المطبخ، جاءنى «دكتور» يرتدى بالطو ابيض، وحدد المنطقة بدقة، ولم يترك ذرة رمال او قمامة بعد ان انتهى، ولم يكتف بجمعها ووضعها فى السلة، وانما اصر على وضعها فى سلة جمع القمامة الخاصة بالعمارة ..

وغير مسموح لسائقى المواصلات العامة وقادة التاكسيات تناول الشاى او السجائر فى اثناء الرحلة، ويحصل كل سائق على نحو 10 دقائق فى نهاية كل رحلة يذهب الى الحمام، ويشرب سيجارة او مشروبه المفضل، ولايمكنه اخذه معه الى الباص او التاكسى اذا لم ينته منه، كما يفعل السائقون عندنا !!

وعادة يتسلم كل موظف جديد فى اليابان ما يطلق عليه استايل بوك او اسلوب العمل، الخاص بكل شركة او هيئة او وزارة، ليس ليلقى به على الرف او فى سلة المهملات، وانما ليحفظه عن ظهر قلب، ويطبق كل التعليمات الواردة به ...