تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الشيخ سليمان وأطفال المسجد
من بين الشخصيات التى تأبى ذاكرتى نسيانها التى كثيرا ما تطل أفعالها من مخيلتى، الشيخ سليمان، حارس مسجد الشيخ ابراهيم الهندى الواقع فى قلب القرية..
وهو لم يكن شيخا بالمعنى المعروف للكلمة أى «ازهريا ذا علم»، ولكن بحكم سنه وحراسته للمسجد.. وعندما كنا اطفالًا فى سن الرابعة أو الخامسة، نذهب الى المسجد لنصلى، وفقا لتعليمات سيدنا فى الكتاب الذى كنا نحفظ فيه القرآن الكريم...
وكان الشيخ سليمان الذى تجاوز الـ65 عامًا ويمشى ببطء، هو حارس المسجد, وهو عمل تطوعى لم يكن يتقاضى عليه أجرا، فقد كبر فى السن ولايستطيع اداء اعمال الفلاحة ويتولى ابناؤه تربية المواشى وزراعة الارض بدلا منه، كما ان بيته على بعد اربع خطوات من المسجد، كان الشيخ سليمان ينهرنا بشدة ويجرى وراءنا حتى نخرج من المسجد، ويصر بغرابة شديدة على ضربنا بسير او حزام كان يحتفظ به لذلك فى منبر المسجد، فقد كان دائما ما يقول إن هؤلاء الاطفال لايصلون وانما يلعبون فى المياه ويسرفون فيه، ويتسببون فى اتساخ المسجد، ويتصايحون كثيرا... ويقول، ولم يكن ذا علم، انه ليس للاطفال صلاة، فقد كان رجلا بسيطا للغاية، حتى إننى لم اره يوما يؤذن او يقيم الصلاة اذا غاب الامام...
وفى احدى المرات، وانا اتوضأ استعدادا للصلاة، وجدته ينادى على بالاسم وكنت عنيدا، وقلت فى نفسى اذا حاول ان يطردنى من المسجد فسوف اقاومه، واذا اعتدى على بالضرب كما يفعل مع الاطفال لن اهرب مثل الاطفال الآخرين وانما سوف اردعه...
ولكنه فاجأنى بالقول: بتعرف تأذن.. قلت نعم، قال اصعد فوق المسجد واذن لصلاة الظهر.. ففعلت، ومنذ هذا اليوم اصبحت مختلفا تماما فى نظر الشيخ سليمان.. وكان كلما رآنى اكبرنى بشدة واشاد بى باعتبارى شابا مهذبا ومصليًا...
وكان من الممكن للشيخ سليمان ان يكون اكثر رفقا بالاطفال الراغبين فى دخول المسجد للصلاة ويفهمهم باللين, ان هذا مسجد الله، وانه تم تشييده لقضاء فرض الله الذى يرانا، ولايصح ان نلعب او نتصايح او حتى نتكلم فى غير ذكر الله، وان يكون حازما فى نفس الوقت ولكن دون ضرب، ربما كان قد اجتذب كل هؤلاء الاطفال للصلاة بلينه ولطفه، وحسن تعامله معهم، رحمه الله، فقد كان رجلا بسيطا لم يتلق تعليما على الإطلاق..
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية