تنتشر على وسائل التواصل الإلكترونى وليس الاجتماعى، بعض المقالات والفيديوهات التى تزعم انها تتحدث عن الجانب الآخر من اليابان، ويطلق عليها بعضهم وصف الجانب المظلم لليابان،

وتبدو لى وكأنها ردود فعل مبالغ فيها على الغالبية العظمى من الكتاب والرحالة الذين يتحدثون عن ايجابيات «كوكب اليابان» ومدى تفرد اليابانيين بثقافة راقية لم نعرفها فى شعب آخر بالرغم من كم الدول التى سافرنا اليها وتعرفنا بعمق على جوانب كثيرة من ثقافاتها، ومع ذلك، فاليابان ليست مجتمعا من الملائكة، كما وانها ليست مجتمعا من الشرار او الشياطين..

والبعض من الجانبين، يحاول ان ينزع عن هذا الشعب العريق صفة الإنسانية وانهم ليسوا بشرا مثل باقى شعوب العالم، وما اليابانيون إلا بشر تنطبق عليهم كل ايجابيات وسلبيات البشرية..

وعلى مدى السنوات التى عشتها فى اليابان رأيت مصريين وعربا وأجانب، منهم من يعشق الثقافة والحياة فى بلاد الشمس المشرقة، ومنهم من لايطيق لا الثقافة ولا الشعب، ناعتهم بأوصاف سلبية كثيرة.. وأرى ذلك أمرا طبيعيا للغاية، فهل كل من زار مصر يعشقها أو يكرهها؟!

فكل انسان له تجربته الشخصية وخلفيته الثقافية والاجتماعية التى تؤثر بشدة على آرائه، سواء على الأشخاص أو المجتمعات أو الدول جملة.. وهى تجارب شخصية لا يتم النظر اليها بعين المنطق أو عبر دراسات اجتماعية رصينة.. وأغلب هؤلاء الذين يتحدثون عما يقولون انه الجانب المظلم لليابان ربما، وأقول ربما، لم يقرأوا كتابا عن اليابان، أو عن ثقافة اليابانيين، ولم يمنحوا انفسهم فرصة كافية لفهم واستيعاب الثقافة اليابانية العميقة، أو محاولة مقارنة ما قرأوه بما يرونه على ارض الواقع وهو فى اليابان،
لأنه لو فعل ذلك سوف يكون اكثر عمقا وانصافا.. من المؤكد ان هناك حقائق واساطير حول صورة اليابان فى العالم كله، وليس العالم العربى فحسب.. ولكن من الحقائق التى لا يستطيع ناقد انكارها، ان القطارات والمتروهات وحتى الباصات تسير وتصل فى مواعيدها بالثانية وليس بالدقيقة، وان التزام اليابانى بالمواعيد اكثر دقة من ساعة سيتزن، ونظافة اليابان لاتجدها فى دول اخرى، وادب اليابانى، وكرمه ودهاؤه، واستعداده للمساعدة وغيرها من الحقائق التى لايمكن لأى ناقد ان ينكرها..

ويبقى سؤال لمروجى الجانب المظلم لليابان، هل حقا، كان التقدم على حساب الانسان؟!

الإجابة الأسبوع المقبل إن شاء الله.