ونحن طلبة فى كلية الاعلام بجامعة القاهرة فى بداية عصر الثمانينيات ، كان الاهرام مازال يعيش فى عصره الذهبى الذى بدأه مع تولى الاستاذ محمد حسنين هيكل رئاسة تحريره ، وعندما التحقت بالاهرام فى منتصف عقد الثمانينيات ، كان الاستاذ ابراهيم نافع هو رئيس التحرير ، وكان الاهرام هو الحلم الذى كان لكل صحفى وطالب صحافة ، او حتى « غاوى « الكتابة فى مصر يحلم بالكتابة فيه او الالتحاق به ، وكان يسيطر على اكثر من 75% من السوق الاعلانية فى مصر حتى قال نافع فى احدى المرات ان مايرفضه الاهرام من اعلانات اكثر بكثير من تلك التى تنشر به خاصة فى أيام الجمع التى كان القراء ينتظرون الجريدة ليس من الصباح الباكر ولكن من الليل ... وبعد أن التحقت بالقسم الخارجى الذى كان نافع يتفاخر به خاصة امام الضيوف الاجانب ، كان حلم حياتى ان اتخصص فى الشئون الاسرائيلية التى لم يكن هناك متخصص بها فى هذا الوقت ، لكن بعد زيارتى الاولى لليابان فى مثل هذه الايام من اغسطس عام 1990، تركزت كل جهودى على التخصص فى الشأن الاسيوى خاصة اليابان التى كانت تعد نموذجا ناضجا وواضحا فى هذا الوقت للدول النامية التى ترغب فى ان تشق طريقها للتقدم على غرار اليابان التى اصبحت تنافس الغرب فى التكنولوجيا والتصنيع خاصة السيارات والالكترونيات بل وتفوقت عليهم...وهكذا تحدثت للاستاذ ابراهيم نافع برغبتى تلك ، فما كان منه الا ان قال انها بلد غالية جدا ، وابدى دهشته من رغبتى تلك مشيرا الى ان كل من يرغب فى السفر يتوجه الى اوروبا وامريكا ، وسألنى : لماذا تريد اليابان ؟! وكان بالطبع يعرف الاجابة ، ولكنى فاجأته باجابة ادهشته ، اذ قلت ان لها تجربة اقتصادية فريدة واريد ان اقدمها لمصر والعرب حتى يتعلموا منها فما كان منه الا ان قال لى قدم مذكرة بهذا الامر وسوف ابحثها ...وسارعت بتقديم المذكرة المطلوبة خلال يومين مكونة من نحو 23 ورقة بها كل الحيثيات التى قد تخطر على البال ، قرأها الاستاذ ابراهيم نافع ، كلمة كلمة ، ووجدته قد خطط بالقلم الاحمر تحت نحو ست فقرات ، وعندما طلبنى لمناقشتى فيها ، سألنى عن كل فقرة ، ماذا سوف تعمل هنا ، وكيف سوف تنفذ ذلك ، وهكذا ثم وزع صورا من المذكرة على المدير العام ومدير التحرير ومدير الاعلانات ، وناقشونى جميعا فى نقاط ، وكتبوا ردهم عليها والذى عرفت انه كان ايجايبا للغاية ...وهكذا ولد مكتب الاهرام فى اليابان وليكون الكاتب اول مراسل صحفى من الشرق الاوسط وافريقيا فى اليابان ... للجميع التحية والتقدير بمناسبة مرور 150عاما على صدور العدد الاول من الاهرام.