تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > مصطفى ياسين > نسائمُ الخيرات.. فى شهر ربيعٍ الأنْور

نسائمُ الخيرات.. فى شهر ربيعٍ الأنْور


كُلَّما هَلَّ علينا شهرُ ربيعٍ الأول نَتَنَسَّم الروائح العطِرة المُطهَّرة التى زامَنَت ميلادَ خير البريّة وسيّد وَلَدِ آدم، الذى بعثَه اللهُ تعالى للعالَم أجمعين رحمةً وهدايةً ونورًا ليُخرِجَهم من الظُلُمَات إلى النور ويهديهم إلى طريق الله المستقيم.
وُلِدَ- صلَّى الله عليه وآله وسلّم- فى هذا الشهرِ الأَغَرِّ الأكرَم، فكان ميلادُه خيرًا على جميع الكائنات، واستَشعر بذلك كلُّ مَنْ كان فى وقته وزمانه، غير أن الخالِق سبحانه وتعالى لم يَشِأ أن يَحْرِمَنا من مثل تلك النَفَحَات والنسائم النبويّة، فأصْبَغَها علينا فى هذا الوقت من كلّ عام، لنَتَيَقَّن بأن نسائم ميلاده الشريف لم ولن تنقطع، كما أنّها لن تكون حصْرِيًّا على جيل دون الآخر، فهى نسائم خيرٍ وبَرَكَةٍ، رحمةٍ وهدايةٍ، جعلها الله عزَّ وجلَّ لجميع خَلْقِه فى كل زمان ومكان.
هذه النسائم والرَّحمات النبويّة يستشعرها كلُّ مُحِبٍّ وعاشقٍ لسيّدنا النبي، فتَزْهُو روحه وتصفو نفسُه وتهدَأ جوارحُه، وهو يستقبل أيّامه ولياليه بكلّ هدوء وسَكِيْنة، مُسْتَبْشِرًا الخير، مُتَطَلِّعًا للأمل المُشرق، على المستوى الشخصي أو العام، بما يخدِم المجتمع والوطن.
ولَعَلَّ أغلبنا يستشعر بهذه النفَحات والنسائم التى أعنيها، فرَغم الصعوبات والتحدّيّات التى نُعانيها ونُكابدها فى حياتنا اليومية، إلا أن "الشُحْنَة الإيمانيّة" التى تأتينا مع نسائم "المَوْلِد الأعْظم" هى التى تقوِّينا وتُعيننا على تحمُّل المَشَاق والتغلُّب على التحديات والصعوبات، وهذا ما يفرض على المؤسّسة الدينية بكلّ فروعها ومصادرها (الأزهر الشريف، دار الإفتاء، وزارة الأوقاف، نقابة الأشراف، الطُرُق الصوفية) العمل بكلّ جدٍّ واجتهاد وتكثيف النشاط ومُضاعَفته فى مثل هذه المناسبات، باعتبارها فُرصة يكون "الشَخْص" مؤهَّلا ومُستعدًّا نفسيًّا وروحيًّا، لاستقبال وتلقّي تلك "الشُحْنَة الإيمانية".
ويزيد من حالة الاطمئنان والسَكِيْنة تلك الحالة العامّة من مختلف أطياف وفئات المجتمع المصري، والحبّ الفِطرى والعِشْق الذى يصل إلى حدِّ الوَلَه بسيّدنا رسول الله وآل بيته الكرام وجميع الأولياء والصالحين.
لذا يحرص غالبُ المصريين على إحياء هذه الذكرى العطِرة، احتفالا واحتفاءً بمولِد خير خلْق الله، فتزداد المودّة والقُرْبَى وصِلَات الأرحام والتزاور والتهادِي والتهاني فيما بين أفراد المجتمع، مُتجاهلين "الأبواق الناعِقَة" المحرِّمة والمُبَدِّعة والمُفَسِّقَة لكلّ ما هو جميل فى حياتنا، ساعِين بكلّ جهدهم لـ"تَسْوِيد" حياتنا، لكن "الفِطرة" السليمة و"التَدَيُّن" الذي جُبِلَ عليه المصريّون منذ قديم الزمان، يقف حَجَر عثْرة وسدًّا منيعًا، أمام كلّ تلك التُّرَّاهَات والأفكار المتشدّدة والمُتطرّفة، لإدراكهم أن الحياة أجمل وأوسَع من أن نُضَيِّقها ونُصَعِّبَها على أنفسِنا.
يبقى شئ أساسي ومُهم فى هذه المرحلة الحسَّاسة بالنسبة للعالَم العربي والإسلامي بل الإنسانية كلّها، ونحن نحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف، وهو تمسُّك وتَخَلُّق المُحتفِلين بأخلاق وصفات صاحب الذكرى- صلَّى الله عليه وآله وسلّم- الذى "أدَّبَهُ رَبُّه فأحْسِنَ تأدِيْبَه" حتّى وصفه سبحانه وتعالى بقوله: "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)" (سورة القلم). فحتّى يكون احتفالُنا صحيحًا وحقيقيًّا وليس ادِّعاءً أو نِفاقًا وتَزَلُّفًا، فلابد أن نجعل سيّدنا النبي قُدوتنا وأُسوتنا فى كلّ تعاملاتنا ومعاملاتنا وسلوكيّاتنا، مع أهلِنا وجيراننا وكلّ مْن حولَنا بلا استثناء أو تمييز أو تفْرِقة.
وأيضا إحياء جَذْوَةِ صمود "الضمير العالمي" والذى تصاعَد تعاطُفًا مع ما تواجهه غزَّة من عدوان إسرائيلي نازيِّ، وجعل ذلك "الضمير العالمي" فى حالة يقَظة بصفة مستمرّة فى مواجهة المُخطَّطات والاعتداءات النازيّة، على أىِّ شَعْبٍ أيًّا كانت هُويّته، عقيدته، جنسه، وطنه.
فما كان إحياء الذكرى والمناسبات الدينية والتاريخية والإنسانية، إلا لتذكر الدروس والعبر والمواقف، للاسترشاد بها فى حاضرنا، واستشراف مستقبلنا، فيقول تعالى: "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" (سورة الذاريات: 55).
وكل مولد نبوي والجميع بخير، وفى أمن وأمان وسلام واستقرار.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية