تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
متى تشارك أمريكا فى الحرب على غزة؟
لأول مرة ترسل الولايات المتحدة حاملة الطائرات جيرالد فورد الأكثر تطورا فى أسطولها وعددا من السفن وطائرات تنقل معدات وذخائر إلى إسرائيل فى حربها مع فصائل فلسطينية فى غزة، فهل تحتاج إسرائيل المدججة بأحدث الأسلحة فى العالم لكل تلك المساعدات العسكرية، خاصة أن لديها مخزن أمريكى ضخم، يمكنها الاغتراف منه متى شاءت؟ وهل يمكن أن تشارك القوات الخاصة الأمريكية فى القتال؟
تبرر الولايات المتحدة إرسال كل تلك القوات بأنها لردع أى جهة للمشاركة فى الحرب دعما للفصائل الفلسطينية، وأنها تعنى بالذات إيران وسوريا وحزب الله اللبناني، لكنها أشارت أيضا إلى أنها ستسعى لما اسمته «تحرير الرهائن الأمريكيين»، واستخدام مصطلح «رهائن أمريكيين» ملتبس، وتعنى به الإسرائيليين الذين يحملون جنسية أمريكية، ومعظم الإسرائيليين يحملون جنسيات أخرى أوروبية وأمريكية إلى جانب جنسيتهم الإسرائيلية، فهل من حق تلك الدول التدخل فى الحرب؟ من الصعب أن تشارك الولايات المتحدة فى عمليات قتالية داخل غزة، لأن المرجح أن تتعرض للفشل، فالأسرى يصعب معرفة أماكنهم، وغالبا موزعون داخل شبكات الأنفاق المعقدة فى غزة، وأى فشل أمريكى سيكون فضيحة كبرى، لهذا يصعب أن تغامر بعملية معقدة تعرض سمعة الولايات المتحدة لمزيد من التلطيخ، وغالبا ستكتفى القوات الأمريكية بتقديم دعم لوجستى للقوات الإسرائيلية، وأن تثير الخوف من تدخل دول أخرى فى الحرب لمساندة الفلسطينيين.
لكن هل ستخاف تلك الدول حقا؟ هذا مرهونا بمتغيرات الحرب، وإذا بلغت حد ارتكاب مجازر واسعة أو عمليات تهجير أو اجتياح بري، فمن الصعب ألا يتم فتح جبهة الشمال الساخنة، والتى تكتفى حتى الآن بإطلاق صواريخ وقذائف على مواقع وقوات إسرائيلية وتتبادل معها اشتباكات محدودة تحمل رسائل عن إمكانية توسع الحرب، وفى هذه الحالة يمكن أن تشارك القوات الأمريكية، بما يفتح باب حرب إقليمية واسعة، مرشحة لأن تكون أوسع وأخطر من الحرب الأوكرانية، فالمنطقة مليئة بالقواعد العسكرية وقوات دول كبرى وإقليمية، ومنظمات مسلحة متنوعة الولاءات، مما يسهل اتساع دائرة القتال.
لكن ما هو السيناريو الأكثر احتمالا من بين الاحتمالات المتعددة؟ يمكن ترك إسرائيل تواصل ضرب غزة، وأن تحاول اغتيال شخصية قيادية أو عملية داخل القطاع، تعيد لها بعض هيبتها المهدرة فى حرب 7 أكتوبر، مع إبقاء الحصار غير القاتل، وبدء التفاوض على تبادل الأسرى وباقى النقاط المتعلقة باقتحام الأقصى وهدم مساكن الفلسطينيين فى الضفة والقدس الشرقية، ووقف بناء المستوطنات وغيرها من القضايا المثيرة للاحتقان، ومع أن هذا السيناريو هو الأقل ضررا والأكثر حكمة، إلا أن اليمين الإسرائيلى المتطرف ومعه أحزاب إسرائيلية أخرى ترى أن ما حدث فى 7 أكتوبر من اهانة للقوة الإسرائيلية لا يمكن محوها إلا بعملية ضخمة وشديدة الدموية، وعبر نيتانياهو عن السقف العالى لليمين الإسرائيلى بقوله إننا سنغير خريطة الشرق الأوسط، وهو سقف لا تستطيع الولايات المتحدة بكل قوتها أن تنجح فيه، وقد حاولت سابقا إقامة «الشرق الأوسط الجديد» باستخدام «الفوضى الخلاقة» فكانت النتيجة فوضى لا يمكنها السيطرة عليها، كما سبق أن تدخلت الولايات المتحدة وفرنسا إلى جانب إسرائيل فى لبنان وخرجوا جميعا مهرولين 1982 وبجروح بليغة، وجرى تدمير مركز قيادة المارينز والقوات الفرنسية والسفارة الأمريكية ومقر قيادة للقوات الإسرائيلية، وسقط مئات الجنود الأمريكيين والفرنسيين والإسرائيليين، ولهذا ينبغى الاتعاظ من تكرار التدخل المباشر فى مناطق شديدة التعقيد، وغير مأمونة العواقب. وإذا كان أفضل السيناريوهات وأقلها تكلفة يصطدم باليمين الإسرائيلي، وبرغبة إدارة بايدن فى تحقيق مكسب ما لإسرائيل يحسن فرصه فى الانتخابات، وتعزيز النفوذ الأمريكى المتراجع، فإن أسوأ السيناريوهات هو أن تتشابك التناقضات الإقليمية والدولية، ويدخل الملف النووى الإيرانى مع التربص المتبادل بين الولايات المتحدة وروسيا، والمصالح الإقليمية المتعارضة، وعند تشابك هذه التناقضات فإنها يمكن أن تفتح أبواب الجحيم، وتتحول المنطقة إلى مركز للصراع الدولي، متجاوزة صراع أوكرانيا وشرق آسيا، والمؤكد أن إسرائيل ستكون الطرف الأكثر خسارة، لأنها لا تحتمل الهزيمة لمرة واحدة، أما الشعب الفلسطينى فقد دفع أثمانا كبيرة فى كل الحروب السابقة، واعتاد التضحيات، ومهما يخسر فسيبقى أنه حقق انتصارا مذهلا سيرفع من اسهمه ويقربه من حلمه.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية