تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
كيف سقطت سوريا بلا رصاصة وبلا ثورة؟
أثار سقوط المدن السورية تباعا بلا أى معارك دهشة جميع المراقبين، بما فيها هيئة تحرير الشام، الذين لا يتجاوز عددهم 20 ألفا، وصدرت لهم تعليمات بالاستعداد للاشتباك مع القوات السورية تحت اسم «رد العدوان»، ومحاولة إبعاد المدفعية السورية بضعة كيلو مترات عن ريف إدلب الشرقي، لكنهم فوجئوا بتعديل الأوامر إلى دخول حلب، ولا يمكن إسقاط مدينة مثل حلب، ثانى أكبر مدن سوريا فى ساعات أو أيام، حتى لو تعرضت لهجوم من دول كبرى مثل روسيا أو حتى الولايات المتحدة، فالمدينة ضخمة، وبها أعداد كبيرة من الجيش السوري، وأسلحة حديثة مثل مدرعات تى 92 الروسية، ومدفعية وطائرات مسيرة، وصواريخ كورنيت المضادة للدروع، وطائرات ميج 29، وسوخوي، ومخازن أسلحة مكدسة فى مخابئ محصنة، لكن ما جرى أن عشرات من عناصر الفصائل دخلوها على متن دراجات نارية، ولم يجدوا أى مقاومة من الجيش السوري، وما إن دخلوا المدينة، حتى خرجت منها القوات السورية بدون أسلحتها، لتدخل فصائل المعارضة بمدرعات إم 113 الأمريكية، وأسلحة وعتاد غربى، وينتشرون فى المدينة الضخمة خلال ساعات، وبلا أى معركة. وتكرر الأمر فى مدينة حماة، وكذلك فى مدينة حمص التى تعد ملتقى الطرق الرئيسية السورية، خاصة بين الساحل والعاصمة دمشق والبادية السورية.
وجاء انعقاد ملتقى الدوحة، بينما كانت فصائل المعارضة على أبواب حمص، وكانوا قد علموا أن الجيش السورى ترك السلاح بأوامر من القيادة، وأن الأمر انتهى، وأن عليهم مناقشة أوضاع سوريا «ما بعد حكم بشار الأسد»، وتناول أوضاع الأقليات العرقية والطائفية، وتجنب وقوع أعمال انتقامية أو حرب أهلية. وجاءت تصريحات الدول المشاركة فى ملتقى الدوحة، وكذلك الصادرة عن روسيا وإيران لتؤكد أن شيئا ما حدث داخل دمشق، وصرح قائد روسى بأن روسيا لا يمكن أن تقدم المساعدة إلى جيش قرر التسليم، وعدم خوض أى قتال، وهو تصريح متطابق مع قائد الحرس الثورى الإيراني، بما يؤكد أن انقلابا جرى فى دمشق، وأن من تولوا إدارة البلاد تواصلوا مع قوات الجيش، وأصدروا الأوامر بالانسحاب والتسليم، بينما كان مصير الرئيس الأسد غامضا، والمرجح أنه كان محتجزا منذ تحرك المعارضة نحو حلب، وجرى تسليمه مع عدد من أركان حكمه إلى القوات الروسية فى قاعدة حميميم، ليجرى نقله فيما بعد إلى موسكو، ومنحه حق اللجوء الإنسانى.
هذا ما يفسر أن روسيا لم تتدخل، ولا إيران أو حزب الله، وكانت أعداد ضباط ومقاتلى الحرس الثورى قد تقلصت، وكذلك مقاتلو حزب الله، بطلب من القيادة السورية، التى كانت تطمح إلى أن تسترضى دولا إقليمية ودولية، يمكنها رفع العقوبات الاقتصادية، والمشاركة فى إعادة الإعمار، وضخ استثمارات تمكن سوريا من تحسين الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتفسر أيضا أن سوريا لم تشارك فى عملية إسناد غزة، ولم تكن ضمن « وحدة الساحات» التى جمعت بين غزة وحزب الله فى لبنان وأنصار الله فى اليمن والحشد الشعبى فى العراق. كانت الصدمة قوية وسريعة، ولم يستوعبها حتى الأطراف المشاركة أو الموجودة على أرض سوريا، واستغلت إسرائيل تلك الفوضى فى توجيه ما اسمته «أعنف الضربات فى التاريخ» إلى مقدرات الجيش السورى من معسكرات وقواعد ومطارات وموان، دمرت الطائرات والسفن والمدرعات وأنظمة الدفاع الجوي، بل توغلت فى الأراضى السورية، وسيطرت على جبل الشيخ بكامله، ومناطق فى القنيطرة ودرعا، دون أن تجد أى مقاومة، وقال نيتانياهو إنه شارك فى إسقاط النظام السوري، وإنه سيطر على مناطق تمنح المزيد من الأمن لإسرائيل، ودمر الأسلحة والمعدات التى يمكن أن تسقط فى أيدى قوات معادية. الوضع بالغ التعقيد فى سوريا، حتى بين قوى المعارضة، فالفصائل ليست جميعها على وفاق، وكذلك الدول الداعمة لها، فهناك من يتبنون التوجهات الإقليمية بالسيطرة على قواعد «قوات سوريا الديمقراطية» التى شكلها أكراد سوريا بدعم أمريكي، وهناك منصات كانت تضم علمانيين ومجموعات سياسية غير متوافقة مع تلك الجماعات، وجميعها تتبادل الاتهامات، وتخشى من سيطرة بعض الفصائل وحدهم، وتفرض أمرا واقعا لا يحظى بإجماع الفصائل الأخرى، ولا على شكل الحكم الذى كانوا يطالبون به، واعترض بعضهم على تنحية وزير العدل للقاضيات السوريات، وعدم مشاركة أى امرأة فى الحكومة المؤقتة، وأكدت ذلك رندا قسيس رئيسة منصة آستانا، التى اتهمت جماعة الجولانى بفرض حكم متشدد .. هكذا سقطت سوريا بلا معركة، وبلا ثورة، ولا حتى مظاهرة صغيرة، وتمضى فى طريق مجهول.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية