تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > مصطفى السعيد > حرب إيران وإسرائيل وصدام الشرق والغرب

حرب إيران وإسرائيل وصدام الشرق والغرب

الحرب بين إيران وإسرائيل قابلة للتجدد، ولم يكن وقف العمليات العسكرية سوى هدنة، يحاول كل طرف فيها علاج جراحه ونقاط ضعفه التى ظهرت فى الجولة الأخيرة، التى تدخل فيها الرئيس الأمريكى ترامب لوقف تمددها وكبح تصاعدها، ليمنع انزلاق بلاده إلى حرب ستنهكها فى كل الأحوال، لتصبح عاجزة عن صراعها مع الصين وروسيا، وكان للتفاهمات الأمريكية الروسية الدور الأكثر فعالية فى إعلان الهدنة، لكن لماذا تورط ترامب فى شن هجمات على المنشآت النووية الإيرانية، بعد أن كان يعارض المشاركة الأمريكية فى هجمات مشتركة مع إسرائيل ضد إيران؟

يمكن أن تكون مناورة للخداع، وإن كان من المرجح أن رئيس الوزراء الإسرائيلى قد أقنع الإدارة الأمريكية أن الوقت مناسب لتوجيه ضربة مدمرة إلى إيران، وأن أجهزة المخابرات الإسرائيلية بالتعاون مع مخابرات الناتو قد أنجزت الكثير، وأنه ستوجه ضربات قوية ومميتة إلى الداخل الإيراني، ستشل نظامها السياسى وقدراتها العسكرية، بما يسهل إسقاط النظام الإيراني، وأن كلا من إسرائيل والولايات المتحدة وحلف الناتو ستحقق مكاسب إستراتيجية. نيتانياهو المنزعج من القوة الإيرانية، التى ازدادت صلابة باتفاقيتى التعاون الإستراتيجى مع الصين وروسيا، وانضمامها إلى منظمتى البريكس وشنغهاي، والغموض الذى يحيط ببرنامجها النووي.

كما يرى نيتانياهو التراجع الذى يعانيه الغرب أمام القوى الصاعدة، مما جعله يراهن على «حرب وجودية» وأعلن أنه سيكمل مخططه لتغيير الشرق الأوسط، ليضمن بقاء إسرائيل حتى لو تراجع الغرب، ويرى أن ضمان بقاء إسرائيل مرهون بأن تنفرد بالقوة والسطوة على المنطقة بأكملها، خاصة الدول الكبرى فى المنطقة، ومنع أى دولة فى المنطقة من امتلاك مقومات القدرة على التصدى للحلم الصهيوني. وتلاقت أهداف نيتانياهو مع الرؤية الأمريكية، التى ترى أن سقوط إيران سيكون ضربة قوية لكل من الصين وروسيا، فمن شأن انهيار إيران أن يجعل الخاصرة الجنوبية الرخوة لروسيا منطقة نفوذ لحلف الناتو، تستنزف فيها روسيا، وأن توقف ممر شمال ــ جنوب، الذى يربط سان بطرسبورج الروسية بشواطئ إيران الجنوبية بخطوط برية وحديدية، تمكن روسيا من التواصل مع آسيا وإفريقيا بشكل سريع وآمن، فى ظل المخاطر التى تهدد إطلالتيها على بحر البلطيق والبحر الأسود نتيجة الحرب الأوكرانية المستعرة للعام الرابع.

كما سيؤدى انهيار إيران إلى قطع أهم شرايين مشروع «الحزام والطريق» الصيني، وخطوطه البرية والحديدية الممتدة من الصين إلى أوروبا. وبهذا أصبحت المواجهة الإيرانية الإسرائيلية ثانى جبهات الاشتعال بين المحورين الشرقى والغربي، بعد أوكرانيا وقبل تايوان الجاهزة للانفجار فى أى لحظة.

السباق على الاستعداد للجولة الثانية من القتال بين إيران وإسرائيل بدأ سريعا، وتوجه وزير الدفاع الإيرانى إلى العاصمة الصينية فور وقف القتال، والمؤكد أنه سيطلب إمدادات بمنظومات صينية متطورة للدفاع الجوي، قادرة على كشف وإسقاط الطائرات الشبحية، وكذلك طائرات صينية ثبت تفوقها فى المعارك الجوية بين باكستان والهند، ولدى الصين طائرات أكثر تطورا من الجيل الخامس الشبحية، والمزودة بصواريخ ورادارات تتفوق على مثيلتها الغربية، وقائمة أخرى من الأسلحة التى تضمن لها القدرة على مواجهة إسرائيل وحلفائها، وسد الثغرات فى دفاعاتها التى ظهرت فى الجولة الأخيرة، ومن المرجح أن تطلب إيران من روسيا دفعات إضافية من الأسلحة، خاصة منظومات الدفاع الجوى والطيران، ومن الصعب أن تتباطأ روسيا فى دعم طهران التى زودتها بالكثير من الطائرات المسيرة والصواريخ وذخائر المدفعية فى حربها مع أوكرانيا، وفى المقابل ستسعى إسرائيل إلى إعادة رتق قبتها الحديدية، وتوفير احتياطيات كافية من صواريخ ومنظومات الدفاع الجوي، التى كانت تعتقد أنها تشكل حماية كاملة لها من أى صواريخ أو طائرات، وثبت عجزها عن تأمين الحماية التى كانت تظنها، وأصبحت مدنها ومراكز صناعاتها الحربية ومواقعها العسكرية وبنيتها التحتية تحت طائلة الصواريخ الإيرانية، وكادت تصبح مكشوفة أمام الصواريخ الإيرانية إذا امتد زمن المعارك، وهو ما دفع ترامب لطلب وقف الحرب.

لكن هناك ما يعوق تكرار المعارك بنفس الطريقة السابقة، فهناك مخاوف أمريكية جدية بأنها ستدفع ثمنا باهظا لتدخلها المباشر فى حرب لن تكون قصيرة كما كانت تعتقد، بل ربما تتوسع الجبهة لتشمل مناطق واسعة فى الشرق الأوسط ستغرق فيها القوات الأمريكية، خاصة أن اقتصادها ومجمعها الصناعى العسكرى لا يتحملان القدرة الإنتاجية الكافية لخوض معارك طويلة، كما أن الغموض مازال يحيط بقدرات إيران النووية، وهناك تقديرات متضاربة حول إنتاج إيران لأسلحة نووية، فهل يتمكن ترامب من لجم نيتانياهو، والحد من تهوره؟ أم سينجر طواعية أم كرها إلى حرب لا مفر منها ستكون فاصلة بين مرحلتين فى تاريخ البشرية؟
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية