تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تعقيدات حرب غزة .. الجميع فى مأزق
تصطف طوابير الدبابات حول غزة متأهبة لاجتياح القطاع منذ نحو ثلاثة أسابيع، لتحقق ما أعلنته عن تحرير الأسرى والقضاء على حركة حماس، لكنها ظلت ساكنة ما عدا اختراق بضع دبابات للجدار العازل لعدة أمتار ثم عادت أدراجها، كما حدث ليل السبت فلماذا لم تشن إسرائيل الهجوم البرى طوال هذا الوقت؟ إنها الحسابات المعقدة والمخيفة، فخطوة الاجتياح البرى يمكن أن تدفع بالحرب نحو هاوية جديدة، فالتوقعات ترجح أن تتكبد القوات الإسرائيلية خسائر جسيمة فى الحرب البرية، ولا يمكن أن تبقى داخل غزة، التى خرجت منها مجبرة عام 2005 تحت ما سمته «فك الارتباط من جانب واحد» مع غزة. أى الانسحاب من القطاع دون مفاوضات أو شروط بسبب النزيف الذى تدفعه المستوطنات الإسرائيلية داخل القطاع، وكذلك القواعد العسكرية، فهل يمكن أن تعود بعد 18 عاما إلى غزة، التى زادت قوة وتسليحا مع شبكة أنفاق معقدة بمئات الكيلو مترات، وتغرق القوات الإسرائيلية فى جغرافيا غزة المزدحمة، وأمامها ركام من المبانى لا تعرف ماذا يخبئ تحته أو بين الحوائط والسقوف المهدمة، بينما حالة الجنود النفسية تزداد صعوبة كل يوم تحت الضغط الهائل، بدءا من صدمة 7 أكتوبر إلى المفاجآت التى تنتظرهم فى الكمائن ومن الطائرات المسيرة والألغام والأنفاق، وإذا كانت القوات الإسرائيلية تجد صعوبة فى التغلب على مخيمات جنين ورام الله الصغيرة فى الضفة الغربية، فماذا سيكون الحال فى غزة؟ لهذا يغلب التردد فى تنفيذ اجتياح برى لغزة قد يعمق الجراح الإسرائيلية.
كما لا يبدو أن الولايات المتحدة متحمسة لاجتياح غزة برا، والرأى الأمريكى مهم للغاية، لأنها أصبحت مسئولة بدرجة أو أخرى عن معركة غزة، فالقوات الإسرائيلية مرتبكة، والقيادة السياسية ليس لديها رؤية ولا خطة، سواء لعملية الاجتياح أو كيفية الخروج، ولهذا تلجأ إلى الضربات ضد المدنيين، وعمليات التدمير الواسعة والعشوائية، والتى لا تحقق مكسبا عسكريا، ولم تضعف معنويات السكان ولم تدفعهم إلى الفرار أو الانقلاب على الفصائل الفلسطينية، بل بدأت تقيم الخيام فوق مساكنها المدمرة، والقلق الأمريكى يتركز على احتمال توسع الحرب، وأن ينضم حزب الله فى حالة الاجتياح البرى لغزة، وإن اكتفى حاليا باشتباكات تزداد حدة، ركزت على ضرب البنية الأساسية للاتصالات والرصد والتجسس، وحاولت واشطن تحييد إيران فى البداية، وإعلان براءة طهران من دعم هجوم 7 أكتوبر، لكن عند انضمام حزب الله ستجد الولايات المتحدة أنها تنزلق إلى الحرب حتى لو كانت لا تريدها، فلا يمكنها ترك إسرائيل المرتبكة وحدها، وعند دخول الولايات المتحدة الحرب ستتعرض قواعدها فى سوريا والعراق لضربات قوية، وعدم الاكتفاء بالهجمات المحدودة فى الأيام الماضية، ولأن هذه القواعد صغيرة، وليس فيها إلا بضع عشرات أو مئات من الجنود الأمريكيين، وتعتمد على الهيبة الأمريكية، فإنها ستكون هدفا سهلا، وعندئذ سيكون على واشنطن إما تعزيزها بقوات كبيرة، وتسقط فى مستنقع كبير مليء بالجماعات المسلحة، أو أن تنسحب تاركة نفوذها وحلفاءها، وتضعف هيبتها. أما إذا قررت دخول حرب مفتوحة مع إيران، فإنها ستكون قد فجرت المنطقة، وستجد نفسها فى حرب ساحتها واسعة للغاية ومليئة بالمقاتلين المدربين، وبحوزتهم الصواريخ والمسيرات ومضادات الدروع، وستنشب حرب شرسة وطويلة، وإن كانت الولايات المتحدة تمتلك قدرات تمكنها من إلحاق الأذى الشديد بإيران وسوريا وحلفائهما، فإنها ستتعرض أيضا لخسائر تفوق بكثير ما لحق بها فى العراق وأفغانستان، لأن إيران أكثر قوة، ولديها كمية ضخمة من الصواريخ الدقيقة والأشد فتكا، من بينها صواريخ فرط صوتية، كما تزودت بمنظومات دفاع جوى متطورة. وتشير الأنباء إلى أن قوات موالية لإيران تقدر بنحو 50 ألف مقاتل تتمركز قرب الجولان السوري، بينما ما وصل على متن السفن وحاملتى الطائرات الأمريكية نحو ألفى جندي، وهذا يعنى أن الغوص فى مستنقع الشرق الأوسط سوف ينهك الولايات المتحدة، ويصعب أن تخرج منه، لأنها ستظل تدافع عن إسرائيل ونفوذها فى هذه المنطقة الحيوية، لكن المنطقة مليئة ببراميل بارود سريعة الاشتعال، لن يكون من السهل إطفاؤها إذا انفجرت إحدى الجبهات، وستمتد النيران إلى مناطق أوسع، لهذا تدرك الولايات المتحدة أن الحرب صعبة للغاية، وليست كالحروب السابقة فى العراق وإيران، وأن التكلفة ستكون باهظة للغاية على جميع الأطراف، ومن الأفضل السعى إلى احتوائها، ووأدها فى المهد، لكن نجاحها يتوقف على قدرتها على كبح إسرائيل، وخفض العنف، بما يسمح باحتواء الأوضاع قبل انفلاتها.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية