تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أمريكا تسرع وتوسع تعدد الأقطاب
تحاول الولايات المتحدة إيقاف التقدم الاقتصادى للصين وإضعاف روسيا، حتى تتمكن من مواصلة انفرادها بعرش الهيمنة على العالم، فيما يعرف بنظام «القطب الواحد»، ولأنها لا تستطيع وحدها احتواء الصين وروسيا وحلفائهما، قررت الاعتماد على مجموعة من الدول لتخوض المواجهة الاقتصادية والعسكرية مع الصين وروسيا، وعلى رأسها اليابان وألمانيا العدوتان القديمتان لأمريكا فى الحرب العالمية الثانية، إلى جانب قوتين بازغتين هما الهند وكوريا الجنوبية، والدول الانجلو سكسونية وهى بريطانيا وكندا وأستراليا، وتشجيع الهند على أن تصبح قوة عسكرية واقتصادية عظمى تنافس الصين.
وهذا تغير جذرى أشبه بانقلاب فى الإستراتيجية الأمريكية التى كانت قائمة على انفرادها وحدها بالقرار وحمايتها لتلك الدول الحليفة، ومنع ظهور أى قوة قادرة على منافستها، حتى لو كانت من بين حلفائها، حيث وضعت الحلفاء تحت مظلة حلف شمال الأطلنطى «الناتو» الذى تقوده، وتتحمل معظم نفقاته، وإنفاق الجيش الأمريكى ما يزيد على 850 مليار دولار سنويا، بما يفوق الميزانيات العسكرية للدول الخمس التالية لها مجتمعة، وتنشر 800 قاعدة عسكرية على قارات ومحيطات وبحار العالم. بينما تعتمد الإستراتيجية الأمريكية الجديدة على رفع الميزانيات العسكرية لكل من اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية، إلى جانب زيادة سريعة فى القدرات الإنتاجية لشركات تصنيع الأسلحة، وهو ما أثار اعتراضات فى تلك الدول، لكنها أذعنت للمطالب الأمريكية، التى أيدها اليمين النيوليبرالى المؤيد للسياسات الأمريكية، ويرى أن المواجهة مع الصين وروسيا ضرورية لحماية التحالف الرأسمالى «الديمقراطي» بقيادة الولايات المتحدة، وهناك اليمين القومى الذى يرى فى إقامة جيش وطنى قوى سيعزز سيادتها وقرارها المستقل حتى عن الولايات المتحدة، وبذلك تستعيد السيادة كاملة التى تضررت بالقيود الأمريكية التى فرضتها عليها الولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية.
وكانت الولايات المتحدة قد استفادت من الانهيار الاقتصادى والعسكرى لكل دول أوروبا واليابان خلال الحرب العالمية الثانية، واستغلت أنها كانت محمية بالمحيطين الأطلنطى والهادي، ولم تقع الحرب على أراضيها، وأنها دخلت الحرب متأخرة، وحصدت انتصارا هائلا على مختلف الأصعدة، وكانت الدولة النووية الوحيدة، والدائنة لكل الدول الأوروبية التى خاضت الحرب، وجرى تدمير معظم مصانعها، وفقدت الكثير من الأيدى العاملة، لتصبح القوة العظمى الوحيدة، خاصة أن الاتحاد السوفيتى كان قد دفع الفاتورة الأضخم فى الحرب رغم الانتصار الذى حققه على جيوش النازية. السؤال الذى يتردد داخل ألمانيا واليابان هو هل يمكن أن تخوض البلدان حربا فى مواجهة الصين وروسيا؟ أم أن الأمر لن يتعدى استعادة قدراتهما العسكرية، حتى لو أدت إلى بعض التراجع الاقتصادي؟ هنا ينقسم السياسيون والرأى العام حول نتائج رفع ميزانيات التسلح، وما إذا كانت ستقود إلى حرب جديدة وخراب أوسع مما لحق بها فى الحرب العالمية الثانية، لكن المؤكد أن تلك البلدان المتقدمة، لن تكون منقادة إلى تحقيق المصالح الأمريكية على حساب اقتصادها وسلامة أراضيها وشعوبها، وأنها يمكن أن تستغل عدم قدرة الولايات المتحدة على خوض مواجهة منفردة مع الصين وروسيا، وأن تستعيد سيادتها الكاملة، دون الاعتماد على القواعد العسكرية الأمريكية أو حلف الناتو، ويأتى صعود اليمين القومى فى معظم الدول الأوروبية، ليحمل إشارة رافضة للعولمة النيوليبرالية بقيادة الولايات المتحدة، وبروز نزعة استقلالية فى السياسة والاقتصاد والهوية الثقافية، وجاءت الحرب الأوكرانية ونتائجها الصعبة على اقتصاد البلدان الأوروبية، خاصة ألمانيا التى كانت تعتمد على الطاقة الرخيصة من روسيا، ومعدلات التضخم السريعة فى أسعار الأغذية والطاقة فى كل أوروبا، لتعيد طرح الأسئلة عن المسار الذى تسلكه أوروبا خلف الولايات المتحدة، وما سينجم عنه من أخطار وأزمات، وتخشى الحكومات الأوروبية استفحال أزماتها الاقتصادية بسبب الحرب الأوكرانية، بما سيفقدها التأييد الشعبى فى أى انتخابات مقبلة، أمام صعود اليمين القومى الذى يرفع شعار الاستقلال عن القرار الأمريكي، وهو ما يقلق الولايات المتحدة من أن تكون إستراتيجيتها الجديدة قد أفرزت حكومات غربية أكثر استقلالا، وأن يكون تشجيعها لتسلح ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والهند قد فتح طريقا أوسع وأسرع نحو عالم متعدد الأقطاب، تفقد فيه الولايات المتحدة حلفاءها وبالتالى يصبح العالم ثلاثى القطبية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية