تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > مصطفى السعيد > الصراع الصينى ـــ الأمريكى يزداد اشتعالا

الصراع الصينى ـــ الأمريكى يزداد اشتعالا

تشتد حدة المواجهة بين الصين والولايات المتحدة على الصعيدين الاقتصادى والعسكري، وإن كانت الحلبة الاقتصادية تشهد أعنف المواجهات، وسددت الصين ضربة موجعة إلى الولايات المتحدة وحلفائها بالإعلان عن تقييد تصدير معدنى الجاليوم والجرمانيوم الضروريين لإنتاج الرقائق الإلكترونية بدءا من مطلع الشهر المقبل، ولا يوجد بديل للمعدنين اللذين تحتكر الصين إنتاجهما بنسبة 98% للجاليوم و70% للجرمانيوم، وهو ما يعنى قدرة الصين على إحداث شلل شبه كامل لصناعة الرقائق الإلكترونية الحيوية لمعظم الصناعات التكنولوجية.

 

كانت الولايات المتحدة سعت إلى تشكيل جبهة مع حلفائها الأوروبيين واليابان وكوريا الجنوبية لمواجهة التقدم الصينى فى مجال التكنولوجيا المتطورة، خصوصا فى إنتاج الرقائق الإلكترونية، التى تتجاوز مبيعاتها 600 مليار دولار سنويا، لكن الصين تمكنت من كسر الطوق على وارداتها من الرقائق الإلكترونية، وتمكنت من إنتاج رقائق 7 نانو بقدراتها المحلية، وتسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الرقائق بالغة الدقة، فى واحدة من أهم السباقات فى مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ومازالت واشنطن تستخدم سلاح فرض القيود على وارداتها من الصين، مستخدمة رفع الرسوم الجمركية حينا، وادعاء وجود مخاطر أمنية حينا آخر، وترد الصين بإجراءات مماثلة، إلى جانب خفض بكين استثماراتها فى سندات, أذون الخزانة الأمريكية، حيث تراجعت بنحو 200 مليار دولار العام الماضي.

وكانت زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين قد سعت إلى تخفيف حدة المجابهة الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة، سوى الإبقاء على جسور التفاهم، حتى لا ينفلت الصدام بين أكبر اقتصادين فى العالم، خاصة مع تشابكهما الذى يخفت تدريجيا مع تبادل فرض العقوبات والقيود، بما يقسم العالم اقتصاديا، ويحطم المزيد من سلاسل الإمداد، بما يترك آثاره السيئة على الاقتصاد العالمي. وكانت زيارة وزير الخارجية الأمريكى بلينكن قد سبقت زيارة يلين بأقل من شهر، وكشفت عن عمق الخلافات بين الجانبين، وصعوبة احتواء صدام يزداد حدة، لا تحتاجه الولايات المتحدة لكنها لا يمكن أن تتجنبه، لأن إدارة الرئيس الأمريكى بايدن تركز جهودها على الجبهة المشتعلة ضد روسيا، وتحشد فيها معظم طاقاتها، لكنها تخشى أن تكون الصين الفائز الأكبر، وأن يزداد نفوذها تمددا، فى وقت يعانى فيه الاقتصاد الأمريكى أزمات حادة، وسيتحمل النصيب الأكبر من دعم الحرب فى أوكرانيا، وتقديم المساعدات الاقتصادية لها، إلى جانب المساعدات العسكرية، ولأن الولايات المتحدة لا تستطيع خوض معركتين مع الصين وروسيا فى وقت واحد، فهى تسعى إلى تأجيل الصدام الذى لا يمكن تجنبه مع الصين الصاعدة إلى قمة القوة الاقتصادية، مع حشد حلفاء فى آسيا لمشاركتها المواجهة مع الصين، مثلما تستعين بأوروبا فى مواجهة روسيا.

لكن القلق الأمريكى من الصعود الصينى السريع لا يقل أهمية عن المواجهة العسكرية غير المباشرة مع روسيا، خاصة أن الصين قطعت شوطا سريعا فى تطوير قدراتها العسكرية، وأصبحت القوة البحرية الأولى فى العالم، وتواصل خطواتها لمجابهة صراع عسكري، عبر عنه الرئيس الصينى شى جين بينج الذى دعا الأسبوع الماضى إلى زيادة القدرات القتالية للجيش الصينى وتعزيز خطط الحرب، ونظام القيادة للعمليات المشتركة، وتكثيف التدريب لزيادة فرص النصر فى معركة حقيقية. وهذه اللهجة من الرئيس الصينى تزداد صرامة، تعكس التوجس الصينى من النشاط العسكرى الأمريكى فى المحيط الهادي، ونسج تحالفات عسكرية مناهضة للصين، والقلق من توسع حلف الناتو والتمدد إلى شرق آسيا، بما ينذر بمواجهة خطيرة، ربما تكون بالوكالة عبر إشعال المواجهة فى تايوان، أو استثارة الأزمات بين الصين والدول المحيطة، ومن المرجح أن يزداد التوتر بين الصين والولايات المتحدة مع سعى الصين إلى توسيع تحالفاتها الاقتصادية، وإطلاق منظومة مالية تجمع دول مجموعة البريكس وتجمع شنجهاي، وإطلاق عملة جديدة تنافس الدولار، والاستفادة من كونها المستورد الأول للنفط فى استمالة الدول المصدرة، وإحلال اليوان أو العملات الوطنية للدول الأعضاء أو العملة الجديدة المدعومة بالذهب فى وارداتها البترولية، وتراهن الصين على تجمع دول الاقتصاديات الصاعدة والناشئة، بينما تستجمع الولايات المتحدة قوى الدول الصناعية الكبرى الساعية إلى الإبقاء على وضعها المهيمن.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية