تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > مصطفى البلك > إغلاق قصور وبيوت الثقافة يهدد الحياة الكريمة

إغلاق قصور وبيوت الثقافة يهدد الحياة الكريمة

كنت سعيد جدا باختيار الدكتور احمد هنو وزيرا للثقافة، ورأيت علي ارض الواقع ان هناك حراكا ثقافيا وتكامل بين وزارة الثقافة وعدد من الوزارات والهيئات بهدف الارتقاء بالثقافة المصرية، وان الدكتور هنو يختار القائمين علي علي هيئات الوزارة ومكاتبها بعناية شديدة وهذه القيادات حققت نجاحات ملموسة، التي لمستها منذ تولية المهمة.
فالثقافة هي العمود الفقري لبناء الأوطان، فهي تشكل الهوية الجماعية للشعب وتعزز الانتماء والوحدة الوطنية ، الثقافة ترتبط بناء الأوطان لانها تبني الوعي الجماعي، فهي تنقل القيم والتاريخ والتراث عبر الأجيال، مما يساعد الأفراد على فهم جذورهم وتقدير إنجازات أمتهم ، هذا الوعي يقوي الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن ويدفع المواطنين للمساهمة في تقدمه وتدعم الإبداع والابتكار من خلال الفنون والأدب والعلوم، فالثقافة تتيح مساحات للتعبير والتفكير النقدي، مما يولد أفكاراً جديدة تسهم في تطوير المجتمع اقتصادياً واجتماعياً. الأوطان القوية تعتمد على عقول مبدعة قادرة على مواجهة التحديات وأحد اسلحة محاربة الارهاب فهي تعزز التسامح والتعايش. بيئة ثقافية غنية تشجع على الحوار واحترام التنوع، مما يقلل من الصراعات الداخلية ويبني مجتمعاً متماسكاً قادراً على العمل معاً نحو أهداف مشتركة. درع حصين ضد التطرف. من خلال توفير منابر للتعبير وتنمية المواهب، تبعد الشباب عن الأفكار الهدامة وتوجه طاقاتهم نحو البناء. كما أن الثقافة تقاوم الجهل، وهو أرض خصبة للتطرف والانقسام. فالثقافة ليست رفاهية، بل استثمار استراتيجي في بناء وطن قوي، متماسك، ومزدهر، لأنها تبني الإنسان الذي هو أساس تقدم الأمم.
وكنت يوما انادي بكل هذا عندما كنت احد اعضاء لجنة الاعلام بالمجلس الاعلي للثقافة، وتم تدوين ما قلت في جلسات اجتماعات اللجنة ، خاصة وان الفترة التي كنت فيها احد اعضاء لجنة الاعلام بوزارة الثقافة كانت فترة صعبة جدا في أعقاب يناير 2011 وعام السواد التي حكم فيها الاخوان مصر وثورة 30 يونيو، فترة صعبة جدا تراجعت فيها مصر في كل نواحي حياتنا خاصة الثقافية ، وكانت مقدمة بحثي الذي تقدمت به بترشيح من المجلس الاعلي للثقافة لمؤتمر وزراء الثقافة العرب في 2016 الذي اقيم في تونس ، تتحدث عن اهمية الثقافة في حياتنا كمصريين وعرب، وهذا البحث لأهميته تمت مناقشته وطبعه في الكتاب الذي تم طبعة علي هامش المؤتمر وايضا فاز بجائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالسكو" واليونسكو .. 
اكتسبت ثقافتي وثقافة عدد كبير من ابناء جيلي وما تلاه من اجيال تالية الي ان اغتيلت الثقافة المصرية وصار أكثر من 97% من ميزانية وزارة الثقافة رواتب لموظفيها، وصار غياب كامل لدور وزارة الثقافة، ولهذا رأيت في اختيار الدكتور هنو بارقة امل لكل ما حلمت به.  وللاسف شعرت بالاستياء بسبب قراره بإغلاق عدد كبير من قصور وبيوت الثقافة المستأجرة على مستوى الجمهورية. هذا القرار أراه عشوائياً وغير مدروس، فكل  ما يتردد علي ألسنة مسئولي الوزارة يؤكد انهم لا يعرفون الدور الحقيقي لبيوت وقصور الثقافة، وان البديل هو تحويلها لمنصات الكترونية ، مش عارف ازاي يتم غلق بيوت وقصور الثقافة وتحويلها لمنصات الكترونية ؟ ، فانا احد ابناء بيوت وقصور الثقافة كان بها مسرح وفرق مسرحية وعروض مسرحية وفنون شعبية وفنون مختلفة ما بين نحت وفنون تشكيلية ودار عرض سينمائية ومكتبة زاخرة بكتب قيمة وندوات ثقافية وتبني الشعراء وغيرها من افرع ثقافية مصرية عربية عالمية تربيت عليها، نشاطات مختلفة كانت تثري العقل وشكلت هويتي الثقافية، لدينا مشروع قومي اسمه حياة كريمة يهتم ببناء الانسان فكيف نبني انسانا مصرية بدون ثقافة، وهذا المشروع القومي يستهدف تطوير كافة القرى المصرية البالغ عددها 4741 قرية وتوابعها (30888) عزبة وكفر ونجع في 26 محافظة يعيش بها نحو اكثر من 120 مليون نسمة، فهل يُعقل أن نغلق ما هو قائم بدلًا من التوسع في انشاء قصور وبيوت الثقافة واحياء الحياة الثقافية في مصر؟ عندما أنشأتها الدولة المصرية فى أغلب المدن والكثير من القرى كانت بهدف دعم وتشجيع الإبداع وتنمية المواهب وإبعاد الشباب عن الإرهاب والأفكار المتطرفة. 
فهذا القرار يقتل الإبداع ويشجع على انتشار الأفكار المتطرفة وبدلا من خلق بيئة إيجابية لتشجيع لحياة كريمة لأطفال وشباب ومبدعى مصر يعطى القرار الفرصة لدعاة الإرهاب والعنف والتطرف أن يتغلغلوا فى المجتمع المصرى ، لا انكر ان كثير من هذه البيوت والقصور الثقافية لا تعمل لأسباب عديدة اهمها غياب الثقافة نفسها ولكن الاغلاق ليس الحل في مجتمع يعاني من الجهل والأمية، وأن التعامل مع المنصات الالكترونية صعب جدا مع غياب التعليم السليم، وانشاء هذه المنصات اهدار لموارد الدولة، لصعوبة التعامل معها، فنحن نحتاج الي تنمية المواهب الفكرية والثقافية الفنية والعمل علي ذلك بشتئ الطرق.
اعلم ان وزارة الثقافة ليست جهة ربحية، بل خدمية، وما يُنفق على بناء الوعي الثقافي اليوم يُوفر مليارات تُنفق لاحقًا لعلاج غياب هذا الوعي، ألست ضد خطة إصلاح وتطوير هيئة قصور الثقافة وانا مع كل ما هو يعمل علي بناء عقلية وهوية وريادة الانسان المصري ، ولكن وفق وضع خطط بديلة وتحقق نفس الهدف السامي الذي يعمل من أجله الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يتحدث عن رعاية ودعم المواهب وتشجيع الابداع ورعاية الموهوبين وتنمية مواهبهم الفكرية والفنية وكان حريصاً ان يشمل هذا ذوي الاحتياجات الخاصة ، فاغلاق بيوت وقصور الثقافة قرار خاطئ مما يعني إغلاق نسبة كبيرة من المواقع الثقافية في القري والمحافظات. أين سيذهب الأطفال والشباب والمبدعون من شعراء وأدباء؟ ما مصيرهم، هل فكر وزير الثقافة في البديل قبل الاغلاق ؟ 

أخيرا 

اتمني من الوزير هنو أن ينصب فكره وطاقته في كيفية عودة وزارة الثقافة لسابق عهدها ودورها وأن تعود كل بيوت وقصور الثقافة للعمل بكافة طاقتها ، وأن تكون مراكز ابداعية وثقافية تنير عقول المصريين في حياتهم الكريمة التي يعمل عليها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، وان يكون هدف الوزير هو التوسع في الخدمات الثقافية ، فالثقافة ليست رفاهية، بل استثمار في المستقبل يوفر مليارات تُنفق لاحقاً لمعالجة غياب الوعي. فإغلاق قصور وبيوت الثقافة يهدد الحياة الكريمة والإبداع لو كان بلا بديل

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية