لا شىء غريب فى عالم السياسة.. بالأمس القريب وصفه بأنه مجنون وشيوعى وأحمق ولوح بأنه لو فاز فى الانتخابات على منصب عمدة مدينة نيويورك فإنه سيستخدم سلطاته الرئاسية لفرض قيود مالية وأمنية مشددة على المدينة.. وقال (لن أسمح لهذا المجنون الشيوعى بإدارة نيويورك أنا أتحكم فى الأزرار وأمتلك جميع الأوراق) .. فلما فاز ممدانى واكتسح تراجع ترامب عن تصريحاته وتهديداته بل وانتقل بها من النقيض إلى النقيض وانهال بالثناء والمديح على المرشح الديمقراطى الفائز حتى إن واحدة من الصحفيات قالت إن (ترامب وقع فى غرام ممداني)!, فماذا فعل ترامب؟ وماذا قال ؟ وكيف تغير ؟

لقد وصف ترامب غريمه السابق بأنه شخص (رائع) وقال عقب أول لقاء يجمع بينهما فى البيت الأبيض الجمعة الماضى (لقد عقدنا للتو اجتماعا جيدا ومثمرا للغاية .. وهناك شىء مشترك بيننا وهو أننا نريد لمدينتنا التى نحبها أن تنجح بشكل كبير) وأضاف أعتقد أنكم ستحصلون على عمدة رائع حقا وكلما كان أفضل زادت سعادتى.. وعندما سئل عن تهديداته السابقة بقطع التمويل الفيدرالى عنه قال (أتوقع أن أساعده . لا أن أضره ) !.

وهذا هو الدرس الذى يجب أن نتعلمه، فعندما تكون قويا، واثقا من نفسك ,تمتلك أدواتك, وتعرف متى وكيف تستخدمها .. سيحترمك الجميع ويخشونك ويضعون لك ألف حساب بعكس عندما تكون خانعا خاضعا مستسلما فإنهم سيستغلونك ويستنزفونك ويبتزونك وينقلبون عليك فى أى وقت وأقرب فرصة !!

ومع ذلك ينبغى أن نراقب عن كثب علاقة ترامب وممدانى فى الفترة المقبلة .. هل حقا سيساعده ويتعاون معه ويمده بما يحتاجه لتطوير المدينة وتحسين أوضاع سكانها وتنفيذ برنامجه الطموح أم أن كلامه المعسول كان مجرد حبوب تخدير سيضع بعدها أمامه العراقيل ليظهره بالضعيف الفاشل ؟!!.

ألم نقل منذ البداية أنه لا شيء غريبا فى عالم السياسة .. التى لا تعرف الأخلاق ولا تعترف إلا بالمصالح.