تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
"المشروع X".. ضجيج الصورة وغياب الروح
في فيلمه الأحدث "المشروع X"، يسعى المخرج بيتر ميمي لتجاوز الحدود التقليدية للسينما المصرية، عبر إنتاج ضخم يزاحم أفلام الأكشن العالمية من حيث التقنيات والطموح البصري،
وهو ما جعل التجربة ممتعة مشوقة بدون شك، إلا أن علامات الاستفهام الكثيرة التي وضعها تظل تطارد تلك المتعة وتنتقص منها، فلم يبذل السيناريو جهدا في تحديد خلفية أبطال الفيلم بالكامل، قشورا تغلف كل شخصية لا تمنحها الشرعية الكافية لسلوكياتها أو أهدافها.
محور الأحداث ارتكز على خريطة لكنز مصري داخل غواصة روسية غارقة يستحيل الوصول لموقعها إلا باختراق أمن الفاتيكان، الفكرة مثيرة لفيلم سينمائي تتطلب عمقا في معالجتها وهدفا كبيرا يستحق عناء تلك الرحلة،
وهما تحديدا ما لم يهتم الفيلم بتقديمها، إذ أن الهدف تم الوصول إليه في المشاهد الأولى بعدم تحقيق مصر اكتشافا أثريا كبيرا بالقضاء على الباحثة واتخاذ شريكها وزوجها الباحث قرارا بإغلاق الملف تماما بعدما واجه من أهوال وأصعبها إضطراره لقتل زوجته،
فما كان من الجهة المنوطة بإفشال ذلك الاكتشاف إلا أن أرغمت الباحث التاريخي "يوسف الجمال" "كريم عبد العزيز" على فك رموز جميع الشفرات بل والسعي لاكتشاف الكنز بكل ما فيه من مخاطر ونفقات لإغلاق الملف مجددا.
وعن الاهتمام بتفاصيل رسم الشخصيات فقد اختار أن يكون بطله باحث وليس عميل دولي أو فردا في العمليات الخاصة ليمنحه تلك القدرة على تشكيل فريق بحثه ومواجهة عصابات دولية خطرة، ربما سبق له القيام بعمليات مشابهة إلا أن السيناريو لم يشر بما يفي بتقديم شخصيته للمشاهد كما يجب، فالانبهار بالصورة ومشاهد الأكشن والموسيقى والأداء التمثيلي وغيرها من العناصر المميزة في العمل لم تشفع لصانع العمل عدم تقديمه لشخصياته بالشكل المطلوب،
وهو ما ينطبق على غيره من الشخصيات كالغواصة مريم "ياسمين صبري" التي كل مؤهلاتها في العملية الكبيرة هي الغوص دون الإشارة للعمليات السابقة التي شاركت يوسف فيها وأهلتها لمشاركته مجددا، ومعهم اللحام "الذي يعمل في لحام الغواصات "عصام السقا"، ربما "مارو" "أحمد غزي" هو الشخصية التي أفلتت من السيناريو وتم رسمها بما يتوافق مع الدور الذي يقوم به، وقد نجح أحمد في ابتلاع الشاشة بمهارة واحترافية، فقد أمسك بخيوط وتفاصيل الشاب المتهور النهم للمال قوي البنية الجسدية البارع في المطاردات.
السيناريو الذي كتبه ميمي بمشاركة ورشة كتابة، افتقر إلى البناء الدرامي المتماسك، يبدأ الفيلم بمشهد مبهم وحوار مشفر بين ماجد الكدواني "ضيف شرف" و"يوسف الجمال" مع تعريف سريع بالشخصيات وهو ما بدى مقبولا ومثيرا في بداية المتابعة، ثم مشاهد داخل مستشفى تكشف جزءا آخر من تاريخ شخصية يوسف، وخلال الأحداث تظهرتفاصيل أخرى لا تمثل بناءا حقيقيا لتاريخ الشخصيات.
بيتر ميمي يُثبت من جديد قدرته على إدارة مشاهد الأكشن بمهارة، خاصة في تصميم المطاردات وإدارة وتوزيع الكاميرات، كما يُحسب له استغلاله للمواقع الدولية لخلق مشاهد بصرية خلّابة، لكن هذه البراعة تصطدم أحيانًا بالافتقار إلى الهوية البصرية الخاصة، الإيقاع السريع حافظ على الإثارة لكنه أضعف الترابط السردي، مع قطع مفاجئ في عدة مشاهد.
استخدم مدير التصوير كاميرات متطورة ودرونات لتصوير اللقطات الواسعة، الإضاءة تنوعت بذكاء، لكن بعض المشاهد الليلية بدت مزدحمة بصريًا.
حقق الفيلم نسب مشاهدة عالية في أول أسبوع من عرضه، وتصدر شباك التذاكر المصري بإيرادات تجاوزت 15 مليون جنيه، ولا زال يحقق عائدا متزايدا حتى اليوم، تفاعل الجمهور كان منقسمًا بين الانبهار بالإنتاج الضخم والإخراج الحركي، وبين انتقادات لغياب العمق الدرامي وضعف كتابة الشخصيات.
انتشرت تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي تشيد بـ "عالمية الشكل"، فيما عبّر البعض عن خيبة أمل من "فراغ المحتوى".
"المشروع X" هو فيلم يُراهن على التكنولوجيا والإنتاج الضخم، ويعد خطوة طموحة نحو سينما عالمية تتطلب محتوى أقوى.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية