تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
"روكي الغلابة" .. البهجة على طريقة دنيا
هذا فيلم مبهج ولطيف وفيه فكرة أيضا، لا يعني ذلك أنه فيلم كامل الأوصاف ولا يخلو من ملاحظات، ولكنه عمل فيه الكثير من العناصر الإيجابية، وتخصيص دنيا سمير غانم فى العنوان لا يعني أنها تمثل بمفردها، ولكنها تستحق تحية استثنائية، لأنها يمكنها فعلا أن تستعيد البطولة الكوميدية النسائية، التي غابت طويلا بعد تجارب محدودة من مي عز الدين وعبلة كامل وياسمين عبد العزيز، وتستطيع دنيا أن تضيف إلى هذه البطولة ذلك الحضور والحس الكوميدي الموروث والفطري، مع طاقة كبيرة فى الغناء والإستعراض أيضا، مما يفتح الباب أمام أدوار متنوعة كثيرة قادمة، وقد ملأت فيلمنا الذي نتحدث عنه وعنوانه "روكي الغلابة" بكل هذه المواهب مجتمعة، وبشكل جيد ومميز .
لكن روكي الغلابة كتجربة يستحق أيضا الإشارة إلى عناصره التي لا تقل أهمية عن موهبة دنيا، وأبدأ بالتأكيد من المخرج أحمد الجندي، الذي اشترك أيضا فى الكتابة مع كريم سامي وندى عزت،
وللجندي فى موسم الصيف فيلم ناجح آخر كتبت عن من قبل، وهو فيلم "الشاطر"، ولكن المهم أنه اتجه الآن الى الأكشن كوميدي، ويقدمه بشكل فأهم مهما كانت الملاحظات، وأعتقد أنه سيقدم إضافة حقيقية فى هذا المجال، كما يستحق الإشادة محمد ممدوح بطل "روكي الغلابة"، الذي اختار بذكاء عملا كوميديا بعد أعمال جادة ناجحة، وحضوره الكوميدي فى الفيلم ممتاز، ولا ننسى بالتأكيد أن الفيلم من إنتاج أحمد السبكي، الذي ننتقد كثيرا من أفلامه إذا كانت دون المستوى، ولكنه من أبرز الداعمين لموهبة دنيا، ويواصل تقديمها فى مسلسلات جديدة.
أما الفيلم نفسه فهو يقوم فى حكايته منذ البداية على المفارقة، فالمفترض أن الفتاة الفقيرة رقية ( دنيا سمير غانم)، والتي تعلمت رياضات الدفاع عن النفس، وعملت كحارسة شخصية، ستكون الحارسة لعالم الكمبيوتر ثابت (محمد ممدوح)، العائد إلى بلده، بعد أن ابتكر برنامجا تطارده بسببه عصابة من أجل الاستحواذ عليه، بيما يريد ثابت أن ينفذ البرنامج، الذي يمنع السيطرة على العقول، لصالح بلده.
من هذا التناقض الكامل شكلا وتعليما وحجما ينبع الضحك فى الفيلم، وخاصة أن رقية رسمت ملامح شخصيتها بتفاصيل جيدة، حيث تصر على استخدام كلمات انجليزية بنطق خاطي مضافا إلى شخصيتها بعض الحكم الركيكة، ومن ناحية أخرى فهي بارعة فعلا فى فنون الدفاع عن النفس رغم حجمها الضئيل، بينما يبدو ثابت خائفا وغير قادر عن الدفاع عن نفسه، رغم حجمه الضخم .
تطوير الفكرة تم أيضا فى الاتجاه الصحيح، مع ظهور الصراع منذ البداية، واستمراره حركيا حتى المشهد الأخير، مع الانتقال الى أماكن متنوعة سواء فى الحارة الشعبية أو فى الصحراء أو على الشاطيء، وبدخول عنصر غبي وغير مخلص هو ابن عم ثابت الذي لعب دوره محمد ثروت،
وبينما تتواصل المطاردة من أجل حصول العصابة على البرنامج، تبدأ علاقة حب تدريجية ومتوقعة بين رقية، التي يطلق عليها اسم روكي، وبين ثابت، بعد أن عرف عالم الكمبيوتر مدى جدعنة وكفاءة وبساطة رقية، ومدى وفائها لمعلمها منصور (محمد رضوان) ، وإصرارها على أن تعطيه ما تحصل عليه من مال، لكي يجري عملية تعيد إليه قدراته على الإبصار بشكل جيد.
يستبقي الفيلم مفاجأة أخرى فى الجزء الأخير منه، بظهور شحصية ديفيد أوزبورن الذي يلعب دوره أحمد الفيشاوي، وهو من يقف وراء هذه العصابة، وسنكتشف مفاجأة إضافية عنه فى أخر المشاهد، والشخصية تحاول أن تستخدم الذكاء الصناعي للسيطرة على البشر، وتوجيههم كيفما شاءت، وهي أفكار أصبحت الآن ممكنة، وتذكرنا بشرائح إيلون ماسك وأحلامه فى تطوير هذه التكنولوجيا المذهلة.
يشير هذا التحليل إلى كتابة فاهمة للنوع، مع تضفير مشاهد الكوميديا مع تتابعات للحركة والاشتباك نفذت عموما بشكل جيد على مدار الفيلم بمونتاج عمرو عاصم، والأهم أن الصراع لا يهدأ، وكل مرحلة تزيد من تعقيد الموقف، حتى نصل إلى النهاية، مع حضور فائق للثنائي دنيا وممدوح، وظهور متميز للفيشاوي الموهوب فى الجزء الأخير من الفيلم، والغريب أن محمد ثروت، وهو الوحيد المصنف ك كوميديان، كان الأقل حضورا، والأكثر افتعالا، لاشك فى موهبته، ولكني أعتقد أن عليه أن يعيد النظر فى طريقته المصطنعة فى الأداء، هو لا يحتاج الى هذه اللمسات المسرحية القادمة من أيام مركز الإبداع،
وشخصيته فى الفيلم غريبة وأقرب إلى الخيانة والشر، ولا أعرف لماذا كان ثابت وحبيبته رقية يغفران له ما يفعله من ضرر وخيانة ؟
ثمة ملاحظات رغم هذا التماسك فى البناء، ففي أول الفيلم مشهد أطول من اللازم يشرح فيه ثابت حكاية اختراعه، وكان الأمر فى حاجة إلى تقديم أكثر ذكاء واختصارا للشخصية، وبدت شخصية دكتورة لوتس التي لعبتها إيمي سمير غانم غريبة وفنتازية بينما الأجواء واقعية إلى حد كبير، كما أن الشخصية لا تتمتع بخفة الظل عكس معظم الشخصيات الأخرى.
من الملاحظات أيضا غموض تفاصيل اختراع ثابت، وعدم قيامه بتوصيل اختراعه إلى جهات مصرية منذ وصوله، وهو خط كان يمكن أن يضيف إلى الصراع، وبينما بدت أغنية دنيا مع أحمد سعد مقبولة وفى مكانها، إلا أن أغنيتها فى القرية بدت مفتعلة، وخصوصا مع استخدام أرضيات مضيئة على طريقة برامج المنوعات فى السبعينيات من القرن العشرين، ورغم أن الأغنية فى كلماتها ولحنها وأدائها جميلة فى حد ذاتها، ولكنها بدت غير مقنعة فى الأجواء الريفية التى تم اختيارها.
"روكي الغلابة" فيلم مبهج على وجه العموم، يحاول أن يلفت النتباه بشكل مسلي وحافل بمشاهد الحركة الى خطورة برامج الذكاء الصناعي، وحرب السيطرة على العقول، التى يمكن أن تتحقق خلال الفترة القصيرة القادمة، ولا ننسى أن إيلون ماسك يتحدث عن شرائح إليكترونية تضاف للعقل الإنساني، ويمكنها أن تغير مستقبل البشرية.
الفيلم يتيح أيضا الفرصة لدنيا وكل أبطاله لكي يقدموا عملا ظريفا ومناسبا للموسم الصيفي، وأعتقد أن دنيا يمكنها تقديم الكثير فى بطولاتها وأفلامها القادمة، وتستحق ذلك بامتياز.
وإذا كان الفيلم قد أهدي الى روح نجميّ البهجة سمير غانم ودلا عبد العزيز، فإن دنيا يمكنها أن تستكمل هذه البهجة بطريقتها الخاصة، وبمساعدة موهوبين كثيرين من نجوم الفن المصري.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية