تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
البحث عن «الست» (1)
مبدئيًا ليس من حق أحد أن يحدد لمبدع كيف يصنع فيلمه الروائى أو كيف يختار زاوية معالجته وطريقة سرده، أو رؤيته ورأيه فى الشخصيات، أو ما هى الأحداث التي يعتبرها أساسية وتلك التي يهمشها أو يسقطها، أو الأسلوب الفنى والجماليات التي يقرر استخدامها.. فالفن ليس فيه إجابات نموذجية!
من حقك قطعًا كمشاهد وكناقد أن تقبل أو ترفض.. تستمتع أو تمل.. تحب أو تكره.. تعلن رأيك الشخصى وتحليلك وفقًا لذائقتك الخاصة أو أدواتك النقدية أو حتى انحيازاتك الخاصة والاجتماعية والسياسية ولكن دون حجر على المبدعين فى أن تكون لهم الحرية نفسها .
وفى المقابل، فالمبدع تنتهى مهمته بخروج عمله إلى الجمهور العام.. من حقه أن يدافع عنه نعم، لكن عليه أن يستمع ويتقبل ويهتم ويرد دون أن يعتبر كل رأى مخالف مؤامرة، فنصبح أمام حزبين فى معركة صفرية أحدهما يحشد لتأكيد عصمة العمل الفنى وكماله وعبقرية صناعه، والثانى يكيل بلا حساب ولا منطق الاتهامات بالتشويه المتعمد والفشل التام.
شيء من هذا رأيناه تحت عدسة مكبرة فى الاتجاهين منذ الإعلان عن قرب عرض فيلم «الست» لمروان حامد وأحمد مراد ومنى ذكي،
واستمرت الموجة مع بدء العرض الجماهيرى وستتواصل.. وإذا كانت هناك حقيقة واحدة مؤكدة فى كل ذلك فهى أننا أمام عمل مهم وكبير، وتتضاعف الأهمية (والمسؤولية) كونه عن الأسطورة الاستثنائية الحية والخالدة فى التاريخ الفنى العربى والعالمي، سيدة الغناء وكوكب الشرق «الست» أم كلثوم .. «ثومة» .
شاهدت الفيلم فى عرضه الجماهيرى الأول بقاعة ممتلئة عن آخرها بجمهور من مختلف الأعمار.
منذ اللقطة الأولى يؤكد المخرج الكبير مروان حامد أنه قائد هذا العمل والمسؤول الأول عنه ، فرؤيته الإخراجية تفرض نفسها بقوة فى كل تفصيلة،
وقد جاءت «براعة الاستهلال» فى المشاهد الأولى (حفل أم كلثوم فى باريس بعد هزيمة 1967) أقوى ما فى الفيلم من وجهة نظرى فقد بدأ من ذروة درامية خاطفة تبشرك بمستوى رفيع إخراجيًا وكسيناريو وتضافرت معهما جميع العناصر تصويرًا ومونتاجًا وموسيقى وغيرها وكان هتاف «ثومة» الرهيب الذي تعلو به حناجر الجماهير العربية بالمسرح وسط ذهول الفرنسيين والأجانب الحاضرين شيئًا مهيبًا ومؤثرًا،وبصرف النظر عن استدعاء مشهد سقوط «إديث بياف» على المسرح فى فيلم «la vie en rose» إلا أنى لا أرى ذلك عيبًا فى حد ذاته فأم كلثوم تعثرت قدمها فعلًا ووقعت على المسرح لكن ذلك لم يكن إعلانًا عن نهاية قدرة الجسد على التحمل ولا نهاية لعطائها الفني،
بل بالعكس فقد كانت جولات أم كلثوم لدعم المجهود الحربى إعلان بداية جديدة وتحدٍ جديد لها ولوطنها وتعبيرًا جسدته بالغناء «سيدة العرب الأولى» عن رفض الهزيمة وعن أن صوت مصر لن يخفت، وهذا للأسف ما لم يعبر عنه المشهد بشكل واضح فقد كان التركيز على صدمة السقوط أكبر بكثير من عنفوان قيام أم كلثوم بعد لحظات وتجليها فى الغناء والاستحواذ على مشاعر الملايين وإشعال حماسهم.
من البداية القوية إلى مشهد الجنازة الأسطورى الواقعى فى النهاية، لم يكن ما بينهما بنفس القوة والتأثير، بل أن مشهد النهاية جاء مفاجئًا حيث لم يتطرق السيناريو إلى أيام مرضها الأخير والغيبوبة التي دخلت فيها وكانت الصحف تتابعها لحظة بلحظة وهو ما سبقه غيابها الاضطرارى عن الحفلات لعامين تقريبًا.
اختار مروان حامد والكاتب أحمد مراد فى هذا الفيلم طريقين أساسيين:
الأول أنهما لن يقدما ما يمكن أن نسميه «الرواية الرسمية» عن أم كلثوم كأسطورة فنية صنعتها سيدة قوية دائمًا وحياتها الخاصة مصانة ومشاعرها العاطفية منطقة محظورة.
والثانى أسلوب تقريب بطلة الفيلم منى ذكى أحد ألمع وأهم ممثلاتنا من أم كلثوم فى الملامح ولغة الجسد ونبرة الصوت كلاميًا، بحيث يكون التقمص على مستوى الشكل والأداء التمثيلى والروح معًا.. فإلى أى مدى نجحا فى ذلك ؟ وإلى أى مدى نجحت منى ذكى؟.
للحديث بقية
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية