تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بني إسرائيل في القرآن "3"
في القرآن الكريم جاءالتوجيه باتباع ملة النبي إبراهيم، ولم يشرح القرآن بطريقة مباشرة التفاصيل التي تمثل ملة إبراهيم، وإنما فرقها في الآيات بما يناسب القرآن ككتاب هداية: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أو نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا) البقرة 135.
ما تعرض له النبي إبراهيم من تجارب، وتنقله بين مجموعات من الأقوام يتبنون أفكارًا مختلفة، كل ذلك أدى إلى ظهور الكثير من المعطيات في حياة النبي إبراهيم مما جعل التطبيق العملي الذي مارسه أكثر ثراء، وذلك لم يتح لغيره من الأنبياء.
والتعامل مع الدين يتم عن طريق المنهج أي الملة، والملة لا تعني الطريقة لأن كلمة الطريقة وردت في القرآن: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ) طه 63. والملة هي منهج التعامل في تطبيق الدين:(وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا) النساء 125، وحنيف يعني الميل إلى الحق بعد البحث عنه باستخدام العقل وايجاد الدليل على الحق. قال تعالى:(مَا كَانَ إبراهيم يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران 67.
ينفي تعالى عن النبي إبراهيم أنه كان يهوديًا أو نصرانيًا، مع أن النبي إبراهيم كان وجوده تاريخيًا قبل النبيين موسى وعيسى، عليهم السلام، وبذلك نعرف أن اليهودية والنصرانية ملتان، فالملة اليهودية قائمة على الإقصاء والتجريم والعنف والقتل واحتكار الحقيقة ومنها فكرة شعب الله المختار. فالشخص الذي يقصي الآخر ويدعو إلى قتله ويرى نفسه هو المختار عند الله هذا يتبع الملة اليهودية، وبالتالي باء بغضب من الله، قال تعالى عن اليهود:(وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ) أل عمران 112.
فالإقصاء والتجريم واحتكار الحق صفات جاءت في القرآن لوصف الملة اليهودية، لذلك قال عنهم تعالى:(خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) البقرة 7.
أما الملة النصرانية فتقوم على اتباع الآباء وتقديس الأشخاص: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إلى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ) آل عمران 52، في الآية (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ)، وليس النصارى.
وانحصرت اليهودية في فكر الأحبار الذين حرفوا رسالة النبي موسى، وصارت اليهودية منهجًا في قتل الأنبياء والمصلحين واحتكار معرفة الحقيقة لأنهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار.
أما الحنيف فيعمل بالعقل والدليل ولا ينتمي لفرقة: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) الأنعام 159، ولا ينتمي لجماعة أو حزب: (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) الروم 31-32.
والشرك مع الله هو جعل لله شريك في التشريع: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) الفرقان 68، وبعد التوبة والعمل الصالح تأتي المغفرة: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الفرقان 70.
أما الشرك بالله فلا مغفرة له: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء 116، وفي جملة (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ)، حرف الباء في كلمة بالله، يدل على ممارسة الظلم وتحريف التشريع باسم الله، وهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية