تلقيت دعوة كريمة لحضور "حفل تخرج" بإحدي المدارس التابعة لجمعية أهلية بعزبة خير الله بحي دار السلام ، والتي توصف بأنها أكثر المناطق العشوائية تكدسا، حيث يقطنها 700 ألف مواطن علي مساحة لا تتجاوز 500 فدان، مع منطقتي اصطبل عنتر وبطن البقرة قبل أن يفصلهما الطريق الدائري .

تحمست للمشاركة لعلمي أن المنطقة ، رغم عشوائيتها، تضم العديد من الآثار من عصور مختلفة، منها الجبخانة، وقباب السبع بنات، وكنيسة الطاحونة.. وغيرها.

وبعد الوصول الصعب للمدرسة، دعينا مباشرة لدخول المسرح حيث بدأ عرض الأوبريت الشهير "الليلة الكبيرة"، وكانت المفاجأة – مع بساطة الإمكانات – في جمال الأداء وحُسن الأصوات، وجدية وسعادة الأطفال المشاركين في العرض، سواء بأداء تمثيلي أو بحركات الجمباز أو ألعاب السيرك، مع أن بعضهم لا يتجاوز سنه 5 سنوات! لكنهم أبهرونا بجمال أدائهم وروحهم الخفيفة.. وإحساسهم الغامر بالسعادة.

هؤلاء هم أطفال عزبة خير الله.. وطلاب وطالبات مدرسة "تواصل" التي أنشأتها إحدي الجمعيات الأهلية بالمنطقة، وبدأت بفصل واحد، ضمن مبادرة التعليم المدني، ضم "20" تلميذًا من الأطفال الصغار العاملين بورش المنطقة أو المتسربين من التعليم، وبحد أقصي 9 سنوات.

وبعد انتظام العملية التعليمية بدأت المدرسة في التوسع باستئجار أحد البيوت بالمنطقة، وأضيف للنشاط التعليمي، الحِرف اليدوية ضمن اليوم الدراسي لطالبات المدرسة وسيدات المنطقة في مجالات (التطريز والكروشيه والخيامية وتشكيل النحاس والفضة)، بهدف توفير مصدر دخل للطلاب وأسرهم، والحفاظ علي تلك الحرف من الاندثار.

وبعد نجاح التجربة تمكنت الجمعية من شراء ألف متر، أقامت عليها مدرسة حديثة شاملة للأنشطة الدراسية والمجتمعية، مثل المعامل والملاعب، وصالات التدريب، وقاعات الفنون الموسيقية – 12 فصلا دراسيا، و14 ورشة متنوعة، بجانب صالة السيرك ومعرض المشغولات والمسرح.


وقد بلغ عدد الطلاب بالمدرسة 300 طالب، مع إمكانية استيعابها لحوالي 500، وتخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم، وتوفر لطلابها كل ما يحتاجونه بداية من الزي المدرسي، والكتب والأدوات المدرسية، مع وجبة غذاء يومية، وأخري للعشاء لمن يواصل التدريب في الألعاب أو الفنون،

وقد نجحت المدرسة مؤخرًا في تقديم عروضها الفنية وألعاب السيرك علي مسرح الجامعة الأمريكية ، وفي بعض المدارس الدولية والخاصة وصرف حوافز مالية للمشاركين في تلك العروض من الطلاب.

نعم.. مصر فيها حاجات حلوة كتير.. مثل تلك المبادرة المجتمعية الناجحة، ومن ثم الشكر واجب لصاحبة المبادرة السيدة ياسمين أبو يوسف إحدي رائدات العمل الأهلي والخيري، والسيدة فكرية شعبان، المدير التنفيذي للجمعية، وللأستاذ عادل نصر، مدير المدرسة، والفنانة مي رضا، ولكل من ساهم ويساهم في إدخال "الفرحة" لقلوب أطفال عزبة خير الله وأمثالها في المناطق العشوائية.