تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مصر حين تصنع التاريخ
في لحظات فارقة من التاريخ تتجلى الدول العظيمة لا بالكلمات ولا بالشعارات بل بالفعل الهادئ والقرار الرصين المغلف بالقوة والحكمة . ومصر ستظل مصر كما عهدناها لا تدخل معارك السياسة إلا لتضع حدا للفوضى.. ولا تمد يدها إلا لوقف نزيف الدم العربي.
هكذا كان المشهد في مفاوضات اتفاق غزة.. حين نجحت جهود القاهرة في فتح طريق نحو السلام بعد عامين من الدمار والقتل.
لم يكن هذا الطريق والاتفاق نتاج مفاوضات دبلوماسية ومخابراتية فقط بل ثمرة موقف ثابت ومبدئي اختارته مصر منذ اليوم الأول عقب أحداث السابع من أكتوبر وهو أن أمن الفلسطينيين وحقهم في الحياة خط أحمر وأن استقرار الإقليم لا يمكن أن يبنى على أنقاض غزة وان السلام لن يأتي إلا بحل الدولتين .
منذ اندلاع حرب غزة تحركت الدبلوماسية المصرية في كل الاتجاهات وهي تحمل رسائل متوازنة إلى كل الأطراف.. من واشنطن إلى تل أبيب مرورا بالعواصم العربية والاوروبية والإفريقية. وفي الخلفية ظل الرئيس عبد الفتاح السيسي ينسق بدقة بين القوى الدولية واضعا نصب عينيه هدفا واحدا وهو وقف نزيف الدم وفتح باب الحل السياسي.
لكن ذروة المشهد جاءت في القاهرة خلال هذا الاسبوع حين التقى الرئيس السيسي بالمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وهو أحد أبرز رجال الإدارة الأمريكية وأكثرهم قربا من الرئيس ترامب..لحظة إنسانية وسياسية نادرة.. قال فيها ويتكوف أمام الكاميرات.. "هذه أهم لحظة في حياتي.. أن ألتقيك وأعمل معك".
لم تكن تلك مجاملة دبلوماسية من ويتكوف بل شهادة من رجل يعرف بتشدده السياسي وصلابته في ملفات الشرق الأوسط الداعمة لإسرائيل . رجل يمثل مدرسة أمريكية واقعية لا تجامل ولا تتملق.. ومع ذلك لم يجد إلا أن يعترف بالدور المصري الفاصل في إنجاح اتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة.
ما قاله ويتكوف لم يكن عن شخص الرئيس السيسي فحسب بل عن منهج مصري كامل في إدارة الملفات الدولية، وهنا أعني منهج جهاز المخابرات العامة وأجهزة الدولة الدبلوماسية .. فهو منهج يجمع بين الصبر والحنكة والقدرة على قراءة الخريطة من أعلى.
كلمات ويتكوف هي كلمات لا تشترى ولا تستجدى بل تنتزع فهي ناتجة عن احترام الآخرين لدورك السياسي والأمني وثقلك ووزنك التاريخي في إدارة علاقاتك بالقوى الإقليمية.. الدور الذي يتسم بالذكاء والندية.
لقد أثبتت مصر بكامل اجهزتها أنها الدولة التي تمتلك مفاتيح الشرق الأوسط .. وأنها حين تتحدث ينصت لها الجميع.. وحين تتحرك تتغير المعادلات.
اعتقد ان وقف الحرب في غزة لا يعد انتصارات سياسيا فحسب بل انتصارا للقيم الإنسانية والضمير العربي الذي طالما دافعت عنه القاهرة وسط عالم مضطرب لا يعترف إلا بمن يملك الإرادة والقوة.
والحقيقة التي لا حياد عنها انني وغيري نشهد بأن التاريخ سيكتب أن مصر كانت وستظل حجر الزاوية في استقرار المنطقة.. وصوت العقل في وجه العنف .. وقلب نابض بالإنسانية في زمن فقد إنسانيته.. زمن عز فيه الشرف!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية