تذخر المكتبة الموسيقية فى مصر بالعديد من الكتب التى تناولت مسيرة الغناء ولكن قليلة جدا التى تتناول بالنقد والتحليل مسيرة الأغنية والغناء، رغم أهمية هذا النوع فى تقييم المسيرة الطويلة للغناء المصرى، ولكن صدر مؤخرا كتاب جديد للكاتب الصحفى زياد فايد يمكن اعتباره بمثابة دراسة نقدية وتحليلة، بعنوان «الغناء فى مصر- سنوات الانحسار» عن مركز الحضارة العربية، يتناول بالبحث والتحليل مسيرة للغناء فى مصر بداية من السبعينيات وحتى اليوم، والعقبات وسنوات الانحسار.  

فيقول زياد فايد فى كتابه: «مما لا شك فيه أن الأغنية المصرية قد مرت بمرحلة ما يسمى «بين الازدهار والانحسار»، وتعد مرحلة عبد الحليم حافظ ومَن عاصرها من مطربين ومطربات فى نهاية مرحلة ازدهار الأغنية المصرية فى العصر الحديث بشكلها الكلاسيكى».
 

وباعتبار ثورة يوليو مثلت مرحلة جديدة من عمر مصر والمصريين بما دعت إليه من نظام سياسى مختلف، وكانت الفترة مهيأة تماما لاستقبال هذا الوافد الجديد «عبد الحليم حافظ»، ثم بدأت ظاهرة الأغنيات المسجلة على شرائط كاسيت وانتشار شركات الانتاج وظهور مطربين ومطربات جدد.

حقيقة انه عقب رحيل عبد الحليم لم يظهر على الساحة الغنائية أية أصوات جديدة ذات تأثير عدا ما كان موجودا على الساحة فى عصر عبد الحليم سواء من عاصروا بداياته الأولى أو من ظهروا فى سنوات مشواره الأخيرة، ولكن مع ظهور «حميد الشاعرى» ظهرت عشرات الأصوات التى اعتمدت على الألحان التى وضعها والتى تأثرت كثيرا بالموسيقى الأوروبية والتركية والهندية، واستطاع فى فترة وجيزة أن يسيطرعلى ما يُسمى بالأغنية الشبابية التى كان من محصلتها عشرات الأصوات ومئات الأغنيات التى اختفت باختفاء أصحابها وانحسار الظاهرة التى كانت سببًا مباشرا أو بداية لأسوأ مرحلة مرت بها الأغنية المصرية وانحسارها وتغريبها.

يتناول المؤلف فى كتابه بالبحث والتحليل اسباب انحسار الاغنية المصرية بداية من السبعينيات «ما بعد عبد الحليم»، ثم مرحلة الثمانينيات التى ضمت اسماء مثل محمد فؤاد وانغام ومدحت صالح ،والتسعينيات «ايهاب توفيق ومحمد محيي»، ثم تأثير انتشار الفضائيات على الاغنية، وظاهرة الاحتكار «روتانا» نموذجا، كما يتناول تأثير برامج اكتشاف المواهب وأغانى المهرجانات. 

 كتاب «الغناء فى مصر - سنوات الانحسار» وثيقة مهمة تستحق القراءة والتأمل والاستفادة من الأخطاء التى وقعت فى كل مرحلة من مراحل الغناء فى مصر.